من وحي عرض مأرب العسكري.. إعادة الاعتبار للمقاتل بإزاحة قيادات الهزيمة
السياسية - Wednesday 28 September 2022 الساعة 09:39 pmعرض عسكري كبير شاهده الجميع في مأرب أقيم بذكرى ثورة 26 سبتمبر، وربما كان العرض مفاجئاً للكثيرين الذين شاهدوا قبل أشهر تقدم مليشيات الحوثي، ذراع إيران في اليمن، صوب مدينة مأرب مع وجود كل هذه القوات والسلاح.
يتكون العرض من جنود مقاتلين وسلاح وهما وقود أي معركة، غير أن ما يحتاجه الجنود والسلاح المعروض هو إعادة الاعتبار لهم بإزاحة كل قيادات الهزيمة والفشل الإخوانية وتنصيب قيادات عسكرية مؤهلة وغير منتمية لتنظيم الابتزاز الإخواني الذي ابتلع مأرب وقرار الجيش والأمن فيها وحولها إمارة إخوانية.
يعلم الجميع أن في مأرب قوات ومقاتلين من محافظات عدة مارس الإخوان بحقهم الإقصاء والتطفيش ونهب المرتبات وتم تحويلهم إلى قوات خاملة تتواجد في مدينة مأرب دون مهام عسكرية، ومع هذه القوات ضباط وقادة عسكريون وقبليون كانت لهم مواقف مشرفة وشجاعة في مواجهة المليشيات الحوثية.
إعادة الاعتبار للمقاتل في الميدان ولقبائل مأرب ومقاتليها الشجعان يكون في إنهاء حكم الإخوان لمأرب وإصلاح الخراب الذي أحدثه الإخوان في وزارة الدفاع ودوائرها وفي وحدات وألوية الجيش وتحقيق مطالب الجنود بالحصول على مرتباتهم وحمايتهم من نهب وفساد قيادات الفرقه الأولى مدرع وقيادات حزب الإصلاح التي نصبت لإدارة الجيش ومفاصل وزارة الدفاع.
بإمكان عملية إصلاح ما أفسده الإخوان في مأرب أن تعيد إلى الواجهة تشكيلات عسكرية ومجاميع مقاومة كان لها حضور قوي في مواجهة المليشيات مثل مجاميع الشيخ الدعام ومقاومة الشعاور والأهمول ومقاومة عتمة وحضور مجاميع ريمة القوي في المعارك وكذلك أبناء وصابين وذمار وحتى أبناء قبائل صنعاء الذين اكتفى بعضهم بالحصول على رقم عسكري وانتظار مرتب يأتي بعد أشهر.
في مأرب ولسنوات كان يغيب مرتب الجندي لسبعة أشهر وتأتي ما تسمى مكرمة الملك سلمان ويتم توزيعها بدلا عن الراتب الذي ينهبه الإخوان ويتقاسمونه بين المتواجدين في الداخل وإعاشات للماكثين في الخارج، بينما يتم صرف فتات للمقاتلين صرفة يومية ومع هذا يتم الحديث أن عائدات نفط وغاز مأرب تذهب للجيش.
إحياء دور المجتمعات المحلية وإشراكها في إدارة المعركة والقتال مطلب لاستعادة زخم المواجهة مع مليشيات الحوثي لأن سطوة الإخوان وتفردهم بالقرار والمال والنفوذ جعل من الآخرين مجرد مجاميع وقيادات تعيش على هامش الواقع ومجريات المعركة وقوة إسناد وتعزيز حال احتاج إليها الإخوان.
ما صنعه الإخوان في مأرب هو أنهم شكلوا قيادة إخوانية مركزية أقصت المجتمع المحلي في مأرب ونكلت بالمجاميع المحلية التي قدمت من المحافظات لتشكل روافد للمعركة ضد مليشيات الحوثي وتفردت بالمناصب وقرار الحرب وجلبت الهزيمة ونهبت الدعم والامتيازات المالية.
وما فعله الإخوان في مأرب تم استنساخه في تعز وشبوة، غير أن عملية التصحيح التي شهدتها محافظة شبوة أنهت سعي الإخوان إلى إبقاء المحافظة النفطية إمارة إخوانية منفصلة عن محيطها الجنوبي ومجتمعها المحلي، في حين تعيش تعز حالة تفرد إخواني بالقرار وهمينة على وحدات الجيش والأمن والسلطة المحلية وموارد المحافظة.
يشكل العرض العسكري في مأرب إدانة قوية للإخوان وعبثهم في مأرب وتسليم الجبهات وابتزاز التحالف بالانسحابات من مساحات جغرافية كبيرة تم تحريرها خلال سنوات بكلفة وتضحيات كبيرة ودعم غير محدود من دول التحالف.
خلال العرض العسكري تم استدعاء كل من تم إقصاؤهم من قبل الإخوان وركنهم في المجمع ومخيمات النزوح التي يقطنها كثير من الجنود، وهذا الاستدعاء يتطلب من مجلس القيادة الرئاسي التحرك لتوظيف هذه القوات والإمكانات بالشكل الصحيح في الجبهات قبل أن تعود إلى الشتات في مدن مأرب.
القيادات الجاثمة على مأرب طوال السنوات الماضية عسكرية ومحلية تشكل عائقا أمام بناء قوات متماسكة ومتنوعة في وحدة الهدف والغاية وطنية وغير حزبية تجمعها القضية وليس الحزب.
أن تسقط مديريات مأرب كلها وهذه القوات تتواجد في المحافظة يطرح علامة استفهام عن الفائدة من تكديس وحدات عسكرية في مربع صغير بينما جغرافيا واسعة في مأرب ابتلعتها مليشيات الحوثي خلال فترة زمنية قصيرة حين هرول الحوثي من نهم وصولا إلى مشارف مدينة مأرب.
لا تحتاج مأرب إلى تمديد بقاء الوضع القائم ومواصلة مسار الهزيمة والفشل، بل إلى عملية إصلاح حقيقية تنهي عبث وفوضى الإخوان وتجتث فسادهم وأدواتهم وقاداتهم في مفاصل المعركة ومعاقل الجيش والأمن وتسليم الموارد المحلية في مأرب لقيادات محلية قادرة على توظيف هذه الإمكانات لصالح المحافظة ومجتمعها المحلي ومن يتواجدون في المحافظة من مقاتلين ونازحين وليس لصالح القيادات الإخوانية الفاسدة.
ولا تحتاج القضية الوطنية لمزيد من التسويف والمراهنة على من سبق تجريبهم وكانوا خط الهزيمة الذي عَبَر منه الحوثي إلى مكاسب ميدانية كبيرة حصل عليها بأقل الخسائر والإمكانات.
المرحلة تقتضي انتزاع مأرب من قبضة عصابة الإخوان وتحالف بقايا الفرقة والهاربين من بقايا نظام الأمس، وذلك لن يتحقق إلا بقرارات شجاعة وموقف صارم لقبائل مأرب التي دفعت كلفة ثقيلة جراء عبث وفساد الإخوان وانتهازيتهم.
مطارح مأرب كانت هي خط المواجهة الأول مع مليشيات ذراع إيران، في حين ذهبت بعد ذلك القيادة والدعم العسكري والإمكانات إلى القيادات التي وصلت مأرب هاربة محتمية بمطارح القبائل لتتحول إلى وصي وحاكم وناهب لمأرب وثرواتها وإمكاناتها.