أوكرانيا تستهدف القرم وروسيا ترد في كييف

العالم - Monday 10 October 2022 الساعة 05:08 pm
نيوزيمن، وكالات:

كثفت القوات الأوكرانية من هجماتها على الأراضي الروسية، ونجحت في تحقيق انتصارات متتالية نتيجة هجومها المضاد باستهدافها مؤخراً جسر القرم الذي اعتبرته موسكو عملاً إرهابياً يسعى لتدمير البنى التحتية لروسيا.

 وفيما يعتبر بأنه رد على التقدم الأوكراني، هزت العاصمة كييف، صباح الإثنين، انفجارات عنيفة مجهولة المصدر أدت إلى سقوط قتلى وجرحى، الأمر الذي اعتبره الرئيس فولوديمير زيلينسكي بأنها محاولة روسية لمحو أوكرانيا عن الوجود.

ووقعت عدة انفجارات في العاصمة الأوكرانية كييف ومدن لفيف وترنوبل ودنيبرو الاثنين، بعد أن اتهمت روسيا أوكرانيا بتدبير انفجار قوي ألحق أضراراً بجسر رئيسي يربط بين روسيا وشبه جزيرة القرم.

ونقلت شبكة سوسبلين العامة الأوكرانية عن خدمات الطوارئ قولها إن هناك قتلى وجرحى في كييف لكنها لم تذكر مزيداً من التفاصيل عن الضحايا.

وكتب رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو كليتشكو على تطبيق تيلغرام "وقعت عدة انفجارات في منطقة شيفتشين سكيفسكي بوسط العاصمة.. ستأتي التفاصيل لاحقاً".

وبدوره، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن هناك قتلى وجرحى في انفجارات هزت مدناً في أنحاء أوكرانيا اليوم، واتهم روسيا بمحاولة محو بلاده "من على وجه الأرض".

وأضاف عبر تطبيق المراسلة تيلغرام "إنهم يحاولون تدميرنا ومحونا من على وجه الأرض... تدمير مواطنينا الذين ينامون في منازلهم في (مدينة) زابوريجيا، قتل الأشخاص الذين يذهبون للعمل في دنيبرو وكييف".

 وتابع "صفارات الإنذار لا تهدأ في جميع أنحاء أوكرانيا، هناك صواريخ تسقط، للأسف هناك قتلى وجرحى".

وقال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا إن الضربات الصاروخية الروسية التي استهدفت بلاده اليوم، تظهر أن الرئيس فلاديمير بوتين "إرهابي يتحدث بالصواريخ".

وأضاف في تغريدة على تويتر "تعرضت أوكرانيا لعدة ضربات صاروخية، أسلوب بوتين الوحيد هو الإرهاب في المدن الأوكرانية المسالمة، لكنه لن يكسر أوكرانيا، وهذا أيضاً رده على كل الساعين إلى التهدئة الذين يريدون التحدث معه عن السلام، بوتين إرهابي يتحدث بالصواريخ".

أوكرانيا تتوعد

وقالت وزارة الدفاع الأكرانية إنها ستسعى للانتقام من الضربات الصاروخية الروسية التي استهدفت مدناً في أنحاء أوكرانيا صباح اليوم، وأضافت على صفحتها على موقع فيس بوك "سقط ضحايا ووقع دمار، سيُعَاقَب العدو على الألم والموت الذي تسبب فيه بأرضنا! سنأخذ بثأرنا".

وقالت الشرطة الأوكرانية إن ما لا يقل عن 5 قتلوا وأصيب 12 في قصف صاروخي روسي للعاصمة الأوكرانية كييف، وأفادت الشرطة في بيان بأن "معظم الهجمات وقعت في وسط العاصمة".

وقال مستشار وزير الشؤون الداخلية الأوكراني روستيسلاف سميرنوف، إن 8 أشخاص قتلوا وأصيب 24 آخرون في ضربة صاروخية نفذتها روسيا على منطقة شيفشين سكيفسكي بوسط العاصمة كييف.

في حين دعت وزارة الخارجية الصينية إلى وقف التصعيد في أوكرانيا.

 وقال المتحدث باسم الوزارة ماو نينغ في إفادة صحفية "نأمل في وقف التصعيد قريباً".

وأطلقت السلطات تحذيراً من هجوم جوي، يحث الأوكرانيين على الاحتماء في أماكن آمنة في جميع أنحاء أوكرانيا.

وفي منطقة دنيبروبتروفسك بجنوب شرق البلاد، أعلن الحاكم فالينتين ريزنشينكو وقوع عدد من القتلى والمصابين بعد الهجمات حول مدينة دنيبرو الصناعية.

وناشد الحاكم سكان المنطقة التوجه للملاجئ للحماية من القنابل.

 كما كتب في تطبيق تيلغرام أن بلدتي نيكوبول ومارهانتس تتعرضان أيضاً لهجوم.

وأعلنت السلطات في مدينتي لفيف وخميلنيتسكي في الغرب وزهيتومير في الشمال وقوع هجمات صاروخية، واستهدف الهجوم العاصمة كييف.

كما أعلنت السلطات عن تسجيل 4 حالات وفاة نتيجة هجوم صاروخي في مدينة سلوفيانسك بشرق أوكرانيا في منطقة دونيتسك، وفي لفيف، انقطع التيار الكهربائي في عدة مناطق، وفقاً لما قاله العمدة اندري سادوفي بعد سماع دوي عدة انفجارات.

وقال عمدة العاصمة الأوكرانية كييف، فيتالي كليتشكو، إن بعض منشآت البنية التحتية الحيوية، تضرر في الهجوم الصاروخي الروسي على المدينة.

ووفقاً لوكالة أوكرينفورم الأوكرانية للأنباء، قال كليتشكو على تليغرام إن "عدة مقذوفات أصابت منشآت بنية تحتية حيوية بالمدينة، تم تسجيل إصابات، كل الأجهزة المعنية تعمل في موقع الحادث".

عمل إرهابي

ومن جهته، وجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أصابع الاتهام إلى جهاز الأمن الأوكراني (إس بي يو)، فيما وصفه بارتكاب "عمل إرهابي" على الجسر الرئيسي الذي يربط روسيا بشبه جزيرة القرم.

وقال بوتين مساء الأحد، في أول تصريحات علنية له منذ أن وقع انفجار في سكة حديد وطريق الجسر "ليس هناك شك في أن هذا هجوم إرهابي يهدف إلى تدمير البنية التحتية المدنية ذات الأهمية الحساسة لروسيا الاتحادية".

ولم تعترف كييف حتى الآن بتورطها في الهجوم الذي وقع أول أمس السبت، وتسبب في انبعاث ألسنة هائلة من النيران والدخان في الهواء عندما ألحق انفجار أضراراً بواحد من أهم طرق الإمداد للحملة العسكرية المتعثرة لموسكو في أوكرانيا.

وقال رئيس لجنة التحقيق الروسية ألكسندر باستريكين، خلال الاجتماع مع بوتين، الذي نشرت وسائل الإعلام الحكومية مقاطع فيديو منه، إن "مواطنين من روسيا ودول أجنبية ساعدوا الخدمات الخاصة الأوكرانية في التحضير للهجوم".

وأضاف إن الأمن الفيدرالي الروسي حدد هوية مدبّري الهجوم الإرهابي على جسر القرم، وأن الشاحنة التي استخدمت في التفجير انطلقت من بلغاريا.

 وتابع "لقد حددنا وجهة الشاحنة التي استخدمت في التفجير، وتبيّن أنها انطلقت من بلغاريا، ووصلت إلى جورجيا، ومنها إلى أرمينيا، ثم إلى أوسيتيا الشمالية في روسيا، قبل أن تصل إلى إقليم كراسنودار المحاذي للقرم جنوب غربي روسيا".

وأكد نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف، أن من خطط ونفذ الهجوم الإرهابي على جسر القرم هو دولة أوكرانيا الفاشلة، وردّ روسيا سيتمثل في القضاء التام على الإرهابيين.

وقال "من خطط ونفذ الجريمة هو دولة أوكرانيا الفاشلة، هذا عمل إرهابي وتخريبي ارتكبه نظام كييف الإجرامي، ولم يكن لدينا أدنى شك في ذلك، وجميع التقارير والتحقيقات أكدت ذلك".

 وأضاف "رد روسيا على هذه الجريمة، هو القضاء التام على الإرهابيين، هذا ما ينتظره مواطنو روسيا وهذا الرد المتّبع في العالم".

في حين قال الحاكم الروسي لشبه جزيرة القرم سيرغي أكسيونوف للصحفيين "الوضع يمكن السيطرة عليه، إنه مزعج ولكنه ليس كارثياً، وقد أثار بالطبع المشاعر وهناك رغبة كبيرة في الانتقام".

وقال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إن السؤال عما إذا كان "الهجوم الإرهابي على جسر القرم يندرج ضمن دوافع تفعيل العقيدة النووية الروسية سؤال خاطئ".

أضرار كبيرة

وبعد يوم من الانفجار، قالت موسكو إن حركة السكك الحديد عادت للعمل مجدداً، على الرغم من أن خبراء غربيين يقولون إن طاقة الاستيعاب المخفضة للجسر ستؤثر على الجهود الحربية لروسيا.

وقالت وزارة النقل الروسية إن قطارات الشحن وقطارات المسافات الطويلة عادت للعمل بشكل طبيعي مرة أخرى الأحد، وإنه يجب استئناف حركة المرور الإقليمية في المساء، على الرغم من الأضرار التي لحقت بهيكل مسارات القطارات والطرق.

وقالت وزارة الدفاع البريطانية إنه بينما استؤنفت حركة السكك الحديد جزئياً، تم خفض الطاقة الاستيعابية للجسر بشكل كبير، وأضافت إن "مدى الضرر الذي لحق بمعبر السكك الحديد غير واضح، لكن حدوث أي اضطراب كبير لقدرته الاستيعابية من المرجح للغاية أن يكون له تأثير كبير على قدرة روسيا التي تتعرض لضغوط بالفعل للحفاظ على قواتها في جنوب أوكرانيا".

واضطر سائقون للانتظار لساعات عند الجسر، حسبما أفادت وسائل إعلام محلية، وتكونت طوابير طويلة من السيارات على الجانب الروسي وعلى جانب بلدة كيرتش الساحلية بشبه جزيرة القرم، حيث كان يجري المسؤولون عمليات تفتيش صارمة لكل السيارات.

وأشار محللون دفاعيون بريطانيون إلى دلالة الانفجار الذي يأتي بعد ساعات فقط من الذكرى السبعين لميلاد بوتين.

 وقالت وزارة الدفاع البريطانية "أنه -بوتين- قام شخصياً برعاية الجسر وافتتحه، وكان مقاول البناء صديق طفولته، أركادي روتنبرغ".

تكثيف الهجمات

واتهم جهاز الأمن الاتحادي الروسي "إف إس بي" أوكرانيا بتنفيذ المزيد من التوغلات، ومهاجمة الأراضي الوطنية الروسية أكثر من 100 مرة منذ بداية أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.

وقال جهاز الأمن الاتحادي الروسي الأحد، "تم تسجيل أكثر من 100 هجوم خلال الأسبوع الماضي باستخدام أنظمة صواريخ إطلاق متعددة ومدفعية مدافع وقذائف هاون وطائرات بدون طيار على 32 مستوطنة في مناطق بريانسك وكورسك وبيلغورود".

ووفقاً لجهاز الأمن الاتحادي، قتل أحد السكان المحليين خلال القصف وأصيب 5 أشخاص، من بينهم طفل، وتابع "وفي المستوطنات الحدودية، دمرت محطتان كهربائيتان فرعيتان و11 مبنى سكنياً ومبنيان إداريان، وتضررت 8 نقاط تفتيش عبر حدود الدولة".

وبدورها، قالت وزارة الدفاع البريطانية إن القوات الروسية توشك على الاقتراب من بلدة باخموت الأوكرانية ذات الأهمية الاستراتيجية والواقعة في شرق البلاد بعد أن تقدمت لمسافة تصل إلى كيلومترين صوب البلدة الأسبوع الماضي.

وأضافت "تواصل روسيا إعطاء أولوية قصوى لعملياتها الهجومية في قطاع دونباس المركزي، وخاصة بالقرب من بلدة باخموت".

وقال كيريل ستريموسوف، نائب رئيس الإدارة المدنية العسكرية لمنطقة خيرسون، والمعينة من قبل روسيا، إنه تم أسر ضابطين من مديرية الاستخبارات الرئيسية بوزارة الدفاع الأوكرانية في اتجاه أندرييفكا.

ووفقاً لوكالة تاس الروسية للأنباء، كتب ستريموسوف على قناته على تليغرام: "اقتيد ضابطان من مديرية الاستخبارات الرئيسية إلى السجن في اتجاه أندرييفكا، من المتوقع قريبا نشر مقطع مصور يسجل استجوابهما".

 وقال إنه تم إحباط محاولة هجوم من القوات الأوكرانية بالقرب من قرية بوروزنسكوي، مع تكبدها خسائر في المركبات المدرعة.

وساطة تركية

وفي سياق منفصل، قال رئيس اللجنة البرلمانية التركية المشتركة للاتحاد الأوروبي إسماعيل أمراه قارايل، في تصريحات لوكالة "سبوتنيك" الروسية إن أنقرة تعمل على عقد مفاوضات بين روسيا و4 دول غربية، هي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، بمدينة إسطنبول التركية في حال وافقت البلدان المعنية على ذلك للمساهمة في خفض حدة التوتر عالمياً.

وأضاف "ترغب تركيا في لعب دور الوسيط في التوترات القائمة بين روسيا ودول الغرب، وتقوم بما يقع على عاتقها من أجل ذلك بناء على علاقاتها الجيدة مع روسيا ودول الغرب".

وأوضح أن "أنقرة تريد المساهمة في خفض حدة التوتر وتليين الأجواء".

 وتابع "في حال تم اعتماد مدينة إسطنبول لعقد المفاوضات بين روسيا و4 بلدان غربية فقد تكون مكاناً مقبولاً للجميع على حد سواء".

تنديد أممي

وتدرس الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتباراً من اليوم الإثنين، قراراً يندد بضم روسيا أربع مناطق أوكرانية، في خطوة يأمل الغربيون من خلالها إثبات عزلة موسكو على الساحة الدولية.

واتُّخذ القرار برفع الملف إلى الجمعية العامة حيث لكل من أعضاء الأمم المتحدة الـ193 صوت بدون أن تمتلك أي دولة حق النقض، بعدما عرقلت روسيا نصاً مماثلاً طرح على مجلس الأمن في 30 سبتمبر (أيلول) الماضي.

وصرح سفير الاتحاد الأوروبي أولوف سكوغ المكلف صياغة مسودة القرار بالتعاون مع أوكرانيا ودول أخرى، "إذا لم يرد النظام الأممي والمجتمع الدولي من خلال الجمعية العامة على هذا النوع من المحاولات غير القانونية، سنكون في وضع سيئ جداً".

 وحذر بأن عدم تصويت الجمعية العامة على النص في ختام المداولات التي يتوقع ألا تنتهي قبل بعد غد الأربعاء، قد يطلق يد دول أخرى للقيام بالأمر نفسه أو للاعتراف بما فعلته روسيا.

ويندد النص بالضم "غير القانوني" لمناطق دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون الأوكرانية بعد "استفتاءات مزعومة".

ويشدد على أن هذه الخطوات "لا صلاحية لها إطلاقاً" بنظر القانون الدولي، كما يدعو جميع الدول إلى عدم الاعتراف بعمليات الضم ويطالب روسيا بسحب قواتها فوراً من أوكرانيا.