مسقط.. بؤرة ابتزاز الرياض وأبوظبي أم التفاف خليجي لتطويق “الفوضى اليمنية”
السياسية - Thursday 20 October 2022 الساعة 07:38 amبعد دقائق من إفشال جماعة الحوثي لجهود تمديد الهدنة الأممية مساء الثاني من أكتوبر الحالي، كان ناطق الجماعة محمد عبدالسلام والمقيم في مسقط يعيد نشر تهديد ناطق مليشيات الجماعة بضرب شركات النفط في السعودية والإمارات، في مشهد يعيد للواجهة الأسئلة عن الدور الذي تلعبه عُمان في الصراع باليمن، وهي التي تدعي الحياد والنأي عن الصراع.
ورغم أن ما قام به الرجل لم يكن أكثر من نشاط عادي يمارسه منذ سنوات كناطق لمليشيات مسلحة تخوض حرباً ضد التحالف العربي، إلا أن أهميته تأتي بارتباطه بالظرف الحساس الذي تمر به الجهود الأممية والدولية لوقف الصراع في اليمن والدخول في مشروع السلام، وهو ما يفترض أن يعمل عليه النظام العُماني الذي يقدم نفسه كوسيط للسلام، لا أن تتحول أراضيه إلى منبر لتهديدات الحوثي.
تناقض يعكس ما يواجه النظام العُماني من صعوبة في التوفيق بين محاولته بالظهور كحمامة سلام في الصراعات التي تشهدها المنطقة ومنها اليمن عبر سياسة "النأي بالنفس" التي يؤكد عليها منذ عقود، وبين حقائق السياسة وأرقام الاقتصاد التي تفرض عليه أن يكون طرفاً في هذه الصراعات ولو من خلف الستار لتأمين مصالحه ونفوذه التي تضمن له البقاء والاستمرار.
وإمكانية أن يتولى الجار اليمني الخليجي المرتبط بعلاقات مفتوحة مع إيران منذ السلطان السابق، سياسة تطويق التناقضات في الصراع اليمني الذي يشبه موجات المحيط بدون حدود، حيث تتنقل القيادات من سياسة إلى النقيض.
وبتتبع ما قامت وتقوم به السلطنة خلال سنوات الحرب في اليمن، تبرز صورة واضحة لدور عُماني يقف مع المعسكر المواجه لدور التحالف في اليمن ابتداءً من إيران وذراعها الحوثي وانتهاءً بقطر وجماعة الإخوان وما بينهما من قوى وكيانات سياسية وشخصيات وجماعات يربط بينها هدف واحد هو العداء لدول التحالف (السعودية والإمارات).
ولعل أهم ما يمكن الاستدلال به هنا على هذا الدور، هي القائمة التي نشرها مؤخراً الصحفي الإخواني أنيس منصور بأسماء الشخصيات المقيمة في العاصمة العُمانية مسقط والتي قدمت إليه واجب العزاء في وفاة نجله الذي توفي الجمعة.
ضمت القائمة تشكيلة لافتة من قيادات حوثية وأخرى لصحفيين وناشطين يديرون وسائل إعلامية إخوانية من داخل عُمان، كما ضمت القائمة مسئولين مقالين من الشرعية، وقيادات وشخصيات جنوبية، بالإضافة إلى قيادات ومشايخ محسوبة على حزب المؤتمر، وفرت لهم مسقط الإقامة لديها لضمان عدم انضمامهم إلى معسكر الشرعية والتحالف عقب مقتل الرئيس الأسبق علي صالح على يد الحوثيين أواخر 2017م، كما يقول تقرير لمركز صنعاء للدراسات.
تكشف هذه التشكيلة كيف باتت مسقط ملجأ يضم كل القوى المتناقضة في الأفكار والمشاريع ولكنها تتفق في العداء للتحالف وهو –فيما يبدو– الشرط الوحيد لإقامتهم في بلد خليجي لا يمكن فيه للمواطن اليمني العادي أن يمكث فيه سوى ساعات محدودة كمحطة عبور مؤقتة، فضلاً عن أن يجد فيه عملاً وإقامة.
على عكس معظم اقتصاديات دول الخليج، يعاني اقتصاد عُمان من مشكلات حقيقية تتعلق بعدم قدرته على التخلص من الاعتماد على عائدات النفط المحدودة وتنويع مصادر الدخل كما هو حاصل في الإمارات وحالياً في السعودية، وتأكد ذلك في الأزمة التي عاني منها الاقتصاد العُماني بسبب أزمة كورونا عام 2020 جراء انهيار أسعار النفط، ومرت الأزمة حينها بدعم قطري.
يرى النظام العُماني –بحسب تحليلات لمراقبين– بأن انخراطه الخفي في الصراع باليمن عبر دعم القوى المعادية للتحالف واستضافتها على أراضيه ضمن سياسة عامة يهدف من خلالها إلى اكتساب دور مؤثر في الصراع قد يدفع السعودية والإمارات لكسب وده باستثمارات واتفاقات تنقذ اقتصاده ولو كان ذلك على خراب البلد المجاور له وهو اليمن.
غير أن الأميرين، محمد بن زايد رئيس دولة الإمارات، ومحمد بن سلمان ولي العهد رئيس الوزراء السعودي انفتحا على السلطان الجديد وزاراه في عاصمته واستقبلته الرياض بحفاوة وافتتحت مشاريع مشتركة، وتبذل دولته حالياً جهداً كبيراً لتمرير التوافقات الدولية مقابل مصالح وترتيبات حوثية.