توقف قهري لشركات الإنتاج.. هل يكسب الحوثي معركة النفط؟

إقتصاد - Monday 07 November 2022 الساعة 04:19 pm
المخا، نيوزيمن، تقرير خاص:

أعادت مليشيا الحوثي -الذراع الإيرانية في اليمن- كرة الصراع إلى ملعب الحكومة اليمنية بعد ثماني سنوات من الحرب، وذلك بعدما أصبحت البنية التحتية والمنشآت العامة الاقتصادية والموانئ النفطية في مرمى الطائرات المسيرة إيرانية الصنع، ما ينذر بأيام صعبة ستعيشها البلاد.

ومطلع نوفمبر الجاري، أوقفت شركة "كالفالي بتروليوم قبرص المحدودة" الإنتاج النفطي في قطاع هام تديره بمحافظة حضرموت (جنوب شرقي البلاد)، تحت ضغط تداعيات الهجوم الذي شنته ميليشيا الحوثي على ميناء الضبة واستمرار تهديدها الشركات العاملة في المجال النفطي بالبلاد.

وقالت الشركة في مذكرة وجهتها للمقاولين، وأرسلت نسخاً منها لجهات الاختصاص (محافظ حضرموت، نائب المحافظ، مدير شركة نفط سيئون) إنها علقت العملية في القطاع التاسع بمنطقة الخشعة، "بسبب القوة القاهرة"، وفقا لما ورد "المرجع لاتفاقية مشاركة الإنتاج – المادة 22".

وأضافت إنه "بسبب الوضع الحالي الصعب للغاية، وجدت كالفالي نفسها مجبرة على وقف إنتاج النفط نتيجة للوضع السياسي الحالي وعدم توفر سعة تخزين النفط مما اضطرها إلى التوقف عن مواصلة إنتاج النفط".

و"كالفالي" هي شركة كندية، بدأت في العمل بالحقل 9 في الخشعة بوادي حضرموت عام 2005م، وتوقفت عملياتها عقب الاضطراب الذي أحدثه استيلاء الحوثيين على مؤسسات الدولة بقوة السلاح، غير أنها عادت للعمل في العام 2019، بعد تفاهمات مع الحكومة.

ولم تكن "كالفالي" هي الشركة الوحيدة التي أوقفت نشاطها في إنتاج النفط بشكل كامل، عقب هجوم الحوثيين على ميناء الضبة النفطي إذ أن شركة بترومسيلة المشغلة لقطاعات نفطية في محافظة شبوة أعلنت إيقاف عملية الإنتاج لذات الأسباب.

وفي 21 أكتوبر الماضي، تبنّت مليشيا الحوثي الهجوم بطائرات مُسيرة على ميناء الضبة لتصدير النفط بمحافظة حضرموت لمنع ما وصفوه بـ"نهب النفط الخام"، ولاقت الحادثة إدانات دولية وعربية واسعة خلال الأيام الماضية.

ولم يكن الهجوم على ميناء الضبة الأول من نوعه، إذ استهدف الحوثيون سفينتي "هانا" و"التاج بات بليو ووتر" الراسيتين في ميناء رضوم بمحافظة شبوة (جنوب شرقي البلاد) في 18 و19 أكتوبر 2022، بدون خسائر، وفق بيان للحكومة اليمنية.

ضربة لاقتصاد منهار

وأسفر الهجوم عن وقف تام لعمليات التصدير التي تمنح البلاد سنويا نحو مليار ونصف المليار دولار وفقا لخبراء، تعد ركيزة الاقتصاد المتهالك في اليمن الذي يعيش حرباً منذ سيطرة ميليشيا الحوثي –الذراع الإيرانية في اليمن- على الدولة قبل ثماني سنوات.

ويتوقع خبراء اقتصاد ومصرفيون أن تكون هناك تبعات مكلفة لإيقاف عمليات إنتاج وتصدير النفط من مناطق الحكومة اليمنية، فالريال اليمني المنهار أصلاً سيتهاوى أكثر مع اهتزاز الشريان المتوفر لتغذية السوق المحلية بالعملة الصعبة، وتمويل الحسابات الخاصة بفتح الاعتمادات المستندية لاستيراد السلع الغذائية، جراء إحجام الشركات النفطية عن العمل والإنتاج والتصدير.

ويهدد التصعيد الحوثي بانتكاسة خطط الحكومة اليمنية لزيادة الإنتاج النفطي بغية تحسين أدائها المالي ودفع فاتورة الرواتب والخدمات، إذ أن ضخ النفط من حقول المسيلة لميناء الضبة ما يزال متوقفا حتى اليوم.

ووفق بيانات سابقة، سجلت صادرات النفط الخام اليمني ارتفاعا ملحوظا في 2021 هو الأول من نوعه منذ سنوات وبلغت 1.418 مليار دولار بالمقارنة مع 710.5 ملايين دولار في 2020.

ضغط حوثي على مسارين 

وبدت الهجمات الأخيرة كورقة ضغط لدعم موقف الحوثيين في مفاوضات استئناف الهدنة المنهارة والحصول على تنازلات جديدة من الحكومة اليمنية والتحالف بقيادة السعودية، وأيضا لتعزيز موقف إيران في مفاوضات الاتفاق النووي.

ويشترط الحوثيون دفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرتهم، بمن فيهم المقاتلون في صفوف الجماعة، وتقاسم عائدات النفط والغاز مع الحكومة اليمنية، من أجل إيقاف الهجمات على الموانئ والسفن الناقلة للنفط اليمني الخام.

وتستغل المليشيا الحوثية الحاجة الدولية والإقليمية لمنع أي تهديد لمنشآت النفط، في ظل أزمة الطاقة التي يشهدها العالم، لفرض المزيد من الشروط التعجيزية على الحكومة اليمنية، والتي تعد "تنازلات" يصعب تقديمها مع غياب مسار واضح للمفاوضات.

ويقول مراقبون إن الحوثيين يجدون أنه يمكن الرضوخ للشروط التي يضعونها والاستجابة لها، وبالتالي يظلون يلوحون بالقوة وبالرفض وبالتهديد لتحقيق هذا، خصوصاً أنهم يعرفون أن الفاعلين الكبار في الملف اليمني يحاولون الضغط لإبقاء حالة الاستقرار مستمرة.

إنهاك اقتصادي بأبعاد عسكرية

وحمل التصعيد الحوثي الأخير باتجاه موانئ تصدير النفط، وكذا الشركات المشغلة لحقول الإنتاج، إشارات واضحة إلى فتحهم جبهة جديدة تركز على المال والأنشطة الاقتصادية، بهدف دفع الحكومة اليمنية إلى الإفلاس والانهيار الاقتصادي، كمقدمة لاستئناف هجمات عسكرية لاستكمال السيطرة على محافظات محررة خاصة مأرب النفطية.

وعلى رغم المخاوف التي برزت مؤخرا من أن تذكي الهجمات مستويات جديدة من النزاع في اليمن، مع تعثر تمديد الهدنة الأممية في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الماضي رغم المساعي الدولية والأممية لتمديدها، إلا أن الحكومة اليمنية بدت لا تمتلك القدرات للرد على الحوثيين أو المناورة.

كما بدى قرار تجدد الحرب مرهون بمدى تهديد مليشيا الحوثي لدول التحالف، وهذا الحدث ساعد الحوثيين على إظهار مدى قدرتهم على التهديد والتحكم باستهداف مناطق بعيدة عن نطاق سيطرتهم، وساهم في توضيح هشاشة الأطراف المُشكّلة للحكومة الحالية.

ويعزز هذا، أنه على رغم قرار الحكومة اليمنية تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية، رداً على انهائهم حالة الهدوء بمهاجمة موانئ النفط في شبوة وحضرموت، إلا أنه لم يتغير الواقع على الأرض، فمقتضيات الهدنة المنهارة –من جانب الحكومة- ما زالت سارية، بينما لم تتوقف المليشيا الحوثية عن تهديداتها إذ واصلت التحليق بطيرانها المسير فوق موانئ النفط والغاز في محافظتي حضرموت وشبوة، وسط معلومات عن توقف عمليات التصدير.