من "المحور" إلى "الميناء".. الصبيحة والجنوب بين التهميش والتوظيف

تقارير - Monday 07 November 2022 الساعة 08:30 pm
المخا، نيوزيمن، خاص:

من جديد عاد ملف ميناء “رأس العارة” بمديرية المضاربة محافظة لحج إلى الضوء، مع التصعيد الجديد الذي ترافق مع تحركات عصام هزاع الصبيحي، الشخصية المثيرة للجدل والتي تقف خلف ما يقول إنه تحديث للميناء من ”ماله الخاص”.

وآخر التطورات، شن الرجل، الأحد، هجوماً عنيفاً، في صفحته على "الفيس بوك"، ضد وزير النقل عبدالسلام حُميد؛ بسبب أوامره بوقف العمل في المشروع بناءً على صلاحياته القانونية التي تمنح الحكومة ممثلة بالوزارة الحق الحصري بإنشاء وإدارة الموانئ في البلد.

ولم يكتف الرجل بالهجوم ضد الوزير واتهامه بالفساد، بل توعد بالمضي في المشروع بقوة السلاح، مستنداً إلى قبائل الصبيحة، متحدياً الوزير بوقف المشروع، كما وجه تهديده إلى المجلس الانتقالي الذي ينتمي له الوزير، قائلاً: "الدم من الراس والحجر من الوادي".

وبدأت القصة مع الزيارة التي قام بها هزاع برفقة أحد وكلاء محافظة لحج قبل نحو ثلاثة أسابيع إلى المنطقة والإعلان عن تدشين العمل لإنشاء الميناء، وهو ما أثار اعتراضاً وتحذيراً من قبل قائد الحزام الأمني بالصبيحة الذي دعا المجلس الانتقالي والحكومة للتدخل.

ويوم الثلاثاء كلفت هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي لجنة أمنية وعسكرية مشتركة للنزول إلى منطقة رأس العارة للتحقق من أي استحداثات في الشريط الساحلي الممتد من منطقة صلاح الدين إلى باب المندب والرفع بتقرير مفصل لرئاسة المجلس لاتخاذ الإجراءات بشأنها.

وإلى جانب الاعتراض القانوني الذي تبديه وزارة النقل، يثير وقوف عصام هزاع وراء المشروع الشكوك عن مصدر المال وما هو المقابل الذي يخطط له الرجل في ظل الاتهامات الموجهة له بوجود علاقات تربطه مع جماعات ودول معادية للجنوب وللتحالف العربي.

كما أن اللهجة التي تحدث بها الرجل في منشوراته، تثير الشكوك حول كون المشروع واجهة لإثارة الوضع في مناطق الصبيحة، من خلال المفردات التي استخدمها في مخاطبة أبناء الصبيحة وإثارة عواطفهم بوصفهم بأنهم "ملوك باب المندب" ضمن تهديداته لوزير النقل وتحديه بمنع المشروع، وتحويله المشروع إلى صراع مناطقي، حيث سخر عصام من وزير النقل ودعاه بأن يطبق قراراته في "سناح”، العاصمة الإدارية لمحافظة الضالع التي ينتمي لها الوزير.

الخطاب "المناطقي" لم يقتصر توظيفه من قبل عصام هزاع ضمن الإطار الجنوبي بل تجاوز شمالاً، حين أشار في منشوره الذي وجهه إلى أبناء الصبيحة بأنه طلب من الوزير بأن يعامله كما يعامل "تجارا شماليين" يعملون في الجنوب.

وهو تحول جديد في خطابات عصام الذي كان إلى وقت قريب يهاجم الانتقالي ويشيد بقيادات الشمال ويدعي أفضليتهم..

هذا التوظيف واستخدام الورقة المناطقية من قبل الرجل يعزز الشكوك والاتهامات حول كون ما يقوم به مجرد حلقة ضمن مسلسل لاستهداف الجنوب عبر إثارة الأوضاع في مناطق الصبيحة التي تعد البوابة الغربية للعاصمة عدن، وتشرف على شريط ساحلي يمتد بين عدن وباب المندب.

وهو ما يذكّر بمشروع جماعة الإخوان الذي تأسس قبل نحو عامين بإنشاء ما سُمي بـ"محور طور الباحة العسكري" على يد الإخواني أبوبكر الجبولي والذي سعى لتجنيد أبناء الصبيحة ضمن مشروع التنظيم الدولي للإخوان، إلا أن الفكرة سرعان ما فشلت فشلاً ذريعاً.

مشاريع ومحاولات تستهدف مناطق الصبيحة يراها مراقبون ترتكز على استغلال الوضع الاقتصادي الصعب والغياب التام للخدمات والمشاريع التنموية الذي تعاني منه هذه المناطق جراء التهميش والإهمال لعقود، نتيجة لإرث من تراكمات ومخلفات الصراعات والأخطاء خلال العقود الماضية.

إرث يحول مناطق الصبيحة إلى ورقة رابحة للاستغلال والتوظيف بسهولة عبر قاعدة "مطلب حق يراد به باطل" في مشهد مشابه لما تعيشه وتعانيه محافظة أبين، وهو ما ركز عليه هزاع في مخاطبته للمجلس الانتقالي بأن "لا يخسر الصبيحة كما خسر أبين". حد قوله. 

وهو ما يفرض تحدياً على المجلس الانتقالي الجنوبي بأن يولي هذه المناطق اهتماماً خاصاً يعالج إرث الماضي ويفتح الطريق أمام أبنائها لإدارة مناطقهم ومساعدتهم في تحسين أوضاعها بما يقطع الطريق أمام مشاريع التوظيف والاستثمار السياسي ضد الجنوب.

يذكر أن الميناء يشهد ازدهاراً لحركته منذ خمس سنوات، وضمن التوافقات داخل المحافظة والمديرية، تولى الميناء دعم العملية التعليمية قبل أن توقفه ثارات بين القبائل قبل ظهور مشروع عصام هزاع الذي يشبه مشاريع أحمد العيسي النفطية في شبوة التي تسعى وراء استثمار الصراعات المناطقية.