انهيار يقابله تعنت وتمرد.. قرارات الرئاسي تمزق دولة الإخوان
تقارير - Tuesday 08 November 2022 الساعة 07:19 amيعيش حزب الإصلاح اليمني -الجناح المحلي لتنظيم الإخوان المسلمين- حالة انهيار متواصلة في ظل القرارات المتواصلة التي يصدرها "مجلس القيادة الرئاسي" منذ توليه زمام الأمور لإدارة شؤون البلد في أبريل 2022.
تغييرات متواصلة يقوم بها المجلس بالمؤسستين الأمنية والعسكرية وعلى مستوى المحافظين ومديري الأمن والسلطة القضائية، وساهمت تلك التغييرات في استقصاء جذور الإخوان وتصحيح مسار الشرعية التي ظلت مختطفة من قبلهم على مدى السنوات الماضية.
ومع كل تحرك يقوم به المجلس الرئاسي، كانت تجابه برفض وتعنت صريح من قبل حزب الإصلاح الإخواني، بدءاً من شن حملات إعلامية مسعورة ضد المجلس وقياداته عبر وسائل إعلامهم وصولاً إلى تنفيذ عمليات تمرد عسكري وتحريك خلايا الإرهاب كما حدث في محافظة شبوة عقب قرار الإطاحة بقيادات أمنية وعسكرية موالية لهم في أغسطس الماضي.
وآخر تلك القرارات الإطاحة بأحد أهم أعمدة حزب الإصلاح في شمال اليمن وتحديدا في محافظة الجوف، حيث أصدر رئيس مجلس القيادة الرئاسي قراراً بإقالة القيادي الإصلاحي أمين العكيمي من منصبي محافظ الجوف وقائد المحور العسكري، وتعيين حسين العجي العواضي محافظا، ومحمد الأشول قائدا لمحور الجوف العسكري. وهما قياديان من خارج الجناح الإخواني في اليمن.
إعادة ترتيب وضع محافظة الجوف، محلياً وعسكرياً لم يأت من فراغ، فيما شهدت الجوف خلال السنوات الماضية من نهب الموارد والإيرادات وصولاً إلى الخيانة وتسليم معسكراتها إلى ميليشيات الحوثي -ذراع إيران في اليمن- في العام 2020، كان يستدعي تحركا جادا من المجلس الرئاسي تجاه هذه المحافظة الهامة والاستراتيجية في شمال اليمن.
قرار إقالة العكيمي من قيادة الجوف ومحورها العسكري وصف بالقوي والجاد، كون الرجل من القيادات البارزة في الحزب، ويحظى بدعم قوي رغم الاتهامات القوية التي طالته بالمشاركة في عمليات نهب موارد الجوف والاستيلاء على مبالغ طائلة تقدر بأكثر من 300 مليون ريال سعودي كانت مخصصة من قوات التحالف العربي لدعم الشرعية، إلى تحرير الجوف من أية عناصر حوثية.
أضف إلى ذلك، أن قوة القرار جاءت لصالح المطالب التي رفعت من قبل مكونات سياسية واجتماعية وقبلية في مقدمتها حزبا المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اللذان طلبا بانتشال الأوضاع في الجوف والاستعداد للمعركة القادمة مع الميليشيات الحوثية في هذه المحافظة الاستراتيجية.
الصفعة الثانية للإخوان في شهر أكتوبر كانت في الجنوب وتحديدا في أقصى الشرق، حيث أصدر رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي، قرارا بتعيين اللواء محسن مرصع قائدا لمحور الغيظة العسكري، وهو أحد القيادات التي تعرضت للإقصاء والمحاربة من قبل تنظيم الإخوان بعد رفضه تقديم الولاء لهم.
قرارات الجوف والمهرة وما تبعها من حملات وعمليات تمرد واضحة وعلنية من قبل حزب الإصلاح، عرت حقيقة الإخوان الذين يتغطون بعباءة الشرعية ويرفضون ويعرقلون كل جهود المجلس الرئاسي منذ اللحظة الأولى لتشكيله.
وبرز هذا التمرد عقب ساعات من قرار إقالة العكيمي، حيث خرج فرع حزب الإصلاح الإخواني بالجوف ببيان تمرد أعلن فيه رفض تنفيذ قرار مجلس الرئاسة أو تنفيذ قرارات المحافظ الجديد، زاعمين أن إقالة العكيمي تنسجم وتصب في مصلحة ميليشيا الحوثي ذراع إيران.
التمرد الإخواني جاء عقب استخدام مسلحين قبليين موالين للحزب والدفع بهم لإعلان التمرد ورفض قرارات المجلس الرئاسي بإقالة العكيمي وإنهاء سلطة الإخوان في المحافظة.
بالمقابل صعدت القيادات الإخوانية في محافظة المهرة من حملاتها ضد قرار تعيين اللواء محسن مرصع قائدا لمحور الغيظة العسكري، زاعمين أن الرجل ليس من أبناء المحافظة رغم أن الرجل كان يشغل منصب قائد جهاز الشرطة العسكرية في المحافظة منذ العام 2019 وبقرار من الرئيس السابق عبدربه منصور هادي ولم يكن هناك اعتراض على القرار.
ويرى المراقبون أن الإخفاقات العسكرية والسياسية التي كان ينتهجها الإخوان أثناء فترة سيطرتهم على الشرعية ساعدت بشكل كبير في تقوية شوكة المشروع الإيراني وممثليهم ميليشيات الحوثي، وكذا إعادة إنتاج وتقوية الجماعات الإرهابية في مقدمتهم "داعش والقاعدة".
وأكدوا ان عمليات التمرد والحملات المسعورة التي يشنها حزب الإصلاح ووسائل الإعلام التابعة له، أصبحت متوقعة مع كل قرار يصدره مجلس القيادة الرئاسي منذ تشكيله، وذلك لشعور الحزب بأن فترة سيطرته على السلطة شارفت على نهايتها.
ويقول السياسي فهد طالب الشرفي، إن التمرد على قرارات مجلس القيادة الرئاسي ظاهرة بدأت في شبوة وتمارس علنا في الجوف، ويبدو ان الاخوان مصممون على عدم تنفيذ اي قرار للمجلس للأسف الشديد وهم الذين شيطنوا كل اليمنيين بدعوى انهم خارجون عن شرعية الرئيس السابق هادي.
وقال الكاتب والمحلل السياسي خالد سلمان، إن الإخوان في اليمن يقودون سلسلة تمردات ضد مجلس القيادة الرئاسي، بهدف إضعافه.
وأضاف: ما يحدث في الجوف من تحشيد بدعم من مأرب ضد إقالة العكيمي، المتهم بتسليم المحافظة للحوثي، والفشل في حرب الدفاع عنها، هو امتداد لتمرد سابق كان مسرحه شبوة، وهو في ذات الوقت رسالة مفادها ممنوع اتخاذ أي قرارات تصوب المسار العاطل، ما لم يكن هناك موافقة إخوانية مسبقة.
وأوضح: الواقع أن الإصلاح فرض نفسه كمعطل للتوافق وكاسر للإجماع، وما يحدث في الجوف الآن وفي شبوة في الأمس سيحدث غداً في حضرموت، في حال خطا المجلس الرئاسي خطوة باتجاه الإعداد لمعركة جادة مع الحوثي، بإخراج المنطقة العسكرية الأولى إلى مأرب، وإعادة تصويب وظيفة القوات المسلحة، من نهب الثروات إلى استعادة الأراضي المحتلة.
وأشار بقوله: إذا كان هذا المثلث، شبوة الجوف حضرموت، مثلث تمرد، فإن المساس بتعز حيث نموذج دولة الإخوان وعمود خيمة بقاء الجماعة، سيكون بمثابة الانفجار العظيم الذي سيدمر آخر ما تبقى من تقارب، في مجلس قيادة يحارب من أجل الحفاظ على آخر شعرة تماسك يحول دون انفراطه.
وأكد المحلل السياسي، أن رسائل الإصلاح واضحة تماماً، وممنوعاته مقروءة جيداً، لا تعيينات في الهيكل العسكري الإداري من دون أن يحصل على بصمة الإصلاح، ويستجيب للاءاته، ومن دون وضع الإصلاح في حجمه الحقيقي وداخل سياقات التوافقات وليس أكبر منها ومقرراً لمساراتها، فإن مجلس القيادة يصادر حقه في اتخاذ القرارات، ويحول وحدة القيادة إلى مربعات متصادمة، تخدم تغول أحد أطرافه بولاءاته المزدوجة، وإبقاء الوضع على ما هو عليه ضعفاً على ضعف، بما يؤجل استحقاقات المعركة أو يعطلها إلى الأبد.
وقال: إذا كان لدينا إرهاب حوثي، فلدينا أيضاً إرهاب مكمل له متخادم معه، داخل المجلس الرئاسي وخارجه، اسمه “الإصلاح”، ولن يستقيم الوضع ما لم يتم تقليم أظافر الاثنين معاً.