مدونة السلوك الحوثية.. تكريس الانفصال شمالاً وفرض شروط الجماعة بديلاً عن الدستور وقانون الخدمة
تقارير - Sunday 13 November 2022 الساعة 03:21 pmبصورة لزعيم المليشيات الحوثية -الذراع الإيرانية في اليمن- عبدالملك الحوثي، أصدر ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى الذي يديره الحوثيون ما يسمى بـ(مدونة السلوك الوظيفي وأخلاقيات العمل في وحدات الخدمة العامة) التي قوبلت بحملة انتقادات واسعة على شبكات وسائل التواصل الاجتماعي من قبل الساسة والناشطين والإعلاميين في مناطق سيطرة المليشيات.
وعلى غرار الإجراءات الانفصالية التي أطلقتها المليشيات مثل إنشاء مؤسسات وهيئات جديدة وغير دستورية تمنح صلاحيات الهيئات والمؤسسات الرسمية الدستورية، وتعديل عدد من القوانين واللوائح، وفرض جبايات بدون أي نصوص دستورية أو قانونية، مثل الجمارك على السلع والبضائع والمركبات وغيرها من خلال منافذ تم استحداثها في مناطق سيطرة المليشيات، جاءت ما تسمى بمدونة السلوك الوظيفي التي أطلقتها المليشيات على مدى السنوات الماضية منذ انقلابها على السلطة وسيطرتها على صنعاء ومؤسسات الدولة بالسلاح في 21 سبتمبر 2014م.
حامد وشهود الزور
وأكدت مصادر في الحكومة الخاضعة لسيطرة المليشيات الحوثية لنيوزيمن: أن الحكومة لم تشارك مطلقا في صياغة نصوص هذه المدونة، حيث تم إعدادها وصياغتها من قبل لجنة من قيادات المليشيات الحوثية تحت إشراف القيادي الحوثي أحمد حامد (أبو محفوظ) الذي يشغل منصب مدير مكتب الرئاسة في سلطة المليشيات.
فقد تم استبعاد الحكومة تماما من هذا الموضوع ولم يعلم رئيسها وأعضاؤها بأي شيء عنها سوى أثناء دعوتهم لحضور حفل تدشينها في مقر الحكومة وإعلامهم بضرورة الموافقة على ما سيتم إعلانه بشأنها وهو ما تم فعلا.
وفي ذات السياق علَّقت مصادر في البرلمان الخاضع لسيطرة المليشيات ل"نيوزيمن" على موضوع المدونة بالإشارة إلى أن مجلس النواب لم يحط بهذه المدونة علما.
وقالت المصادر: إن إعلان المدونة دون علم أو مشاركة مجلسي الوزراء والنواب يؤكد أن هذه المدونة جزء من مخطط المليشيات الحوثية الانقلابي لبسط نفوذهم وسيطرتهم على كل مفاصل الدولة.
وأكدت المصادر أن لجنة من قيادات الحوثيين الدينية والثقافية وبإشراف أحمد حامد القيادي الحوثي، هي من تولت صياغة هذه المدونة والتي تعد لائحة لترجمة ما سماها زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي "الهوية الإيمانية" ومحاولة ترسيخها واقعا بكل ما تحمله من مفاهيم عنصرية ومذهبية وإجراءات تكرس الانتهاكات للحريات والحقوق الشخصية للموظفين بشكل خاص وللناس بشكل عام، وهي مظهر من مظاهر تكريس الانفصال عن منظومة الجمهورية اليمنية ودستورها وقوانينها.
وانتقدت المصادر بشدة موقف رؤساء البرلمان (يحيى الراعي) والشورى (محمد العيدروس) والحكومة (عبدالعزيز بن حبتور) الخاضعين لسيطرة المليشيات وجميعهم محسوبون على المؤتمر الشعبي العام في صنعاء.
مدونة غير دستورية وتكرس مفاهيم عنصرية
إلى ذلك وصفت مصادر قانونية المدونة الحوثية بأنها لائحة ضد دستور الجمهورية اليمنية وقوانينها النافذة شكلا ومضمونا، وتحمل نصوصا مخالفة كلية لنصوص الدستور والقوانين المنظمة للوظيفة العامة وواجباتها وحقوقها.
وقال محمد الرداعي -طالب شريعة وقانون لنيوزيمن: من يقرأ نصوص المدونة التي أصدرها الحوثيون سيجد أنها لم تشر إلى ارتباطها بأي قوانين أو لوائح منظمة للوظيفة العامة أو حتى إنها مكملة لها سواء للموظفين العاملين في القطاع المدني أو العاملين في القطاع العسكري والأمني وجميعهم يؤدون وظائفهم حسب قوانين منظمة لعمل تلك القطاعات وتحدد واجبات الموظف ومسؤولياته والتزاماته وحقوقه.
مؤكدا أنها وضعت شروطا تخص الجماعة وأعضاءها، ولا يحق لها أن تصبح التزامات للموظف الحكومي، فهي ألزمت الموظف بـ”الاشتراك بفاعلية في أنشطة التعبئة العامة والالتزام بمبدأ الولاية، والتفاعل الجاد مع الدورات الثقافية والبرامج التربوية”.
وهي شروط غير دستورية وغير قانونية وتكرس مفاهيم عنصرية ومذهبية وطائفية خاصة بفكر المليشيات الحوثية فقط وتتعارض مع حقوق وواجبات المواطنين اليمنيين المكفولة لهم شرعا ودستورا وقانونا.
واستطرد: قوانين الوظيفة العامة لم تورد مثل هذا الشرط وأي إضافة لشروط جديدة لمن يشغل الوظيفة العامة يجب أن يصدر بها تعديل لقانون الخدمة المدنية وقانون الخدمة بالقوات المسلحة وأجهزة الأمن والشرطة وقانون العمل أيضا.
وعلى ذات السياق وصفت “مروة” (اسم رمزي لطالبة ماجستير في القانون الخاص بجامعة سبأ) في تصريح لنيوزيمن، ما تضمنته المدونة، بأنه عبارة عن حزمة من الانتهاكات للحقوق والحريات الخاصة بالموظفين وآلية جديدة من آليات تكريس السياسات المذهبية للمليشيات والقائمة على تحويل الموظفين إلى جنود تسيرهم كيفما تشاء وتستخدمهم وقتما تشاء وترسلهم أينما تشاء وتصادر حقوقهم كيفما تشاء.