تنسيق إخواني ـ حوثي لإفشال أنبوب النفط الاستراتيجي في شبوة
تقارير - Sunday 20 November 2022 الساعة 09:56 amيعد مشروع أنبوب النفط الخام، الذي يجري التحضير لتدشين العمل فيه خلال الفترة القادمة، أحد أهم المشاريع الاقتصادية التي سعت الحكومة اليمنية لتنفيذه من أجل رفع وتيرة تصدير النفط الخام من حقول الإنتاج في محافظتي مأرب وشبوة.
الأنبوب الجديد المنفذ من قبل وزارة النفط والمعادن اليمنية يبلغ طوله نحو 82 كيلومتراً، وبكلفة وصلت إلى 54 مليون دولار. ويربط الأنبوب حقلي جنة هنت (القطاع الـ5) في شبوة، مع حقول عياد (القطاع الـ4) والذي يرتبط بأنبوب النفط السوفييتي القديم الواصل إلى ميناء النشيمة، جنوبي شبوة.
وسيهم إنجاز المشروع في إنهاء هيمنة مليشيا الحوثي، ذراع إيران، على خط النقل الرئيس الواصل المعروف بخط (صافر مأرب ـ ميناء رأس عيسى) في محافظة الحديدة. حيث سيتم تحويل نقل النفط الخام المستخرج من حقول صافر مأرب عبر أنبوب واصل إلى حقول جنة هنت (القطاع الـ5) في شبوة، ليتم بعدها الضخ عبر الأنبوب الجديد إلى حقول عياد (القطاع الـ4) الذي يربط بأنبوب يصل إلى ميناء النشيمة على ساحل بحر العرب.
رفع قدرة الإنتاج النفطي
بحسب تقرير صادر عن وزارة النفط، فإن خط أنبوب نقل النفط الخام الجديد سيسهم في نقل نحو 57 ألف برميل يومياً من نفط مأرب وشبوة إلى ميناء النشيمة، بواقع 25 ألف برميل يومياً من قطاع 5 جنة هنت، ونفط مأرب قطاع 18 بمعدل 20 ألف برميل يومياً، والنفط المنتج من قطاع S1 بحوالى 12 ألف برميل يومياً، بالإضافة إلى ما ينتج من حقول العقلة S2 بنحو 16 ألف برميل يومياً وغير المرتبط بالأنبوب.
وتؤكد الوزارة بأنها تسعى إلى إعادة تشغيل المنشآت الإنتاجية وإعادة إنتاج النفط الخام من جميع الحقول الإنتاجية في محافظتي شبوة ومأرب والتي كان يصل الإنتاج فيها عام 2011م إلى نحو 100 ألف برميل يومياً.
ضربة قوية لعصابات الإخوان والحوثي
اكتمال المشروع سيمكن الحكومة من رفع إنتاج النفط المستخرج من حقول صافر وجنة هنت، وسيخفض أيضاً من التكاليف الباهظة التي كانت تتكبدها الحكومة لنقل النفط من تلك الحقول عبر الشاحنات البرية إلى خزانات تابعة لحقول عياد (القطاع الـ4).
الانتهاء من المشروع، سيكون بمثابة ضربة قاضية لعصابة الإخوان التي تحكمت لسنوات على عمليات نقل النفط الخام براً من حقول صافر وجنة إلى خزانات التصدير الواصلة إلى ميناء النشيمة. أضف إلى ذلك أن تشغيل الأنبوب سيكون ضربة قوية لمليشيات الحوثي التي تسيطر على الحديدة وتمنع عملية تصدير النفط المستخرج من حقول مأرب منذ العام 2015 عبر الأنبوب الوحيد بين حقول صافر وميناء رأس عيسى بالحديدة.
ومنذ عام 2018 تتحكم عصابات إخوانية مقربة من الجنرال علي محسن الأحمر، نائب رئيس الجمهورية السابق، بعمليات نقل النفط الخام من حقول مأرب وشبوة عبر الناقلات إلى ميناء النشيمة، وتمنع تلك العصابات أية منافسة أو دخول شركات أخرى مستقلة في عمليات نقل النفط.
ويعد القيادي الإخواني، حسين الحثيلي، الواجهة البارز التي تحتكر عملية نقل النفط براً من حقول النفط الخام من مواقع التنقيب في مأرب وحضرموت وشبوة إلى خط التصدير الواصل لميناء النشيمة، حيث تقطع ناقلات الحثيلي مسافة لا تتجاوز 100 كم إلا أن العائدات المالية وصفت بالضخمة وتقدر بالملايين.
وحظي القيادي الحثيلي، أثناء فترة سيطرة الإخوان على محافظة شبوة، وعلى الحكومة والرئاسة اليمنية أثناء فترة الرئيس عبدربه منصور هادي ونائبه علي محسن الأحمر، بدعم قوي، وصل إلى إصدار توجيهات لقوات عسكرية ضخمة من أجل حماية ناقلات الحثيلي وخطوط سيرها.
تحرك إخواني مضاد
مشروع الأنبوب الجديد بدئ العمل فيه فعلياً قبل سيطرة الإخوان على محافظة شبوة، عبر شركة "انتراكس الشرق الأوسط"، حيث سارعت عصابات الإخوان بقيادة محافظ شبوة محمد بن عديو وشركات نقل النفط الخام من مأرب وشبوة إلى خطوط التصدير في ميناء النشيمة لممارسة عمليات ابتزاز وتعطيل للمشروع من أجل الحفاظ على الإيرادات الضخمة التي كانت تنهب وتجنيها تلك القوى النافذة.
عملت سلطة الإخوان، حينها، على اتهام الشركة بالفساد والمماطلة بتنفيذ المشروع، رغم المخاطر الأمنية والتهديدات التي كانت تواجه المشروع من قبل عصابات نقل النفط الخام الإخوانية.
وشكلت سلطة ابن عديو الإخوانية لجنة من أجل مراقبة تنفيذ المشروع، من ممثلين عن السلطة المحلية والمكاتب النفطية، إلا أن تلك اللجنة قامت بابتزاز الشركة المنفذة وأجبرتها على دفع مبالغ مالية للسماح باستكمال المشروع.
ورغم تعارض المشروع مع مصالح سلطة الإخوان في شبوة الشرعية، إلا أن سلطة الإخوان تراجعت عن قرار التعنت والعرقلة وأعطت الشركة ضوءاً أخضر لعودة العمل مجدداً واستكماله في 2019م، وذلك طمعاً في السيطرة على مزيد من الأموال والفوائد التي سيجنيها إنجاز الأنبوب الجديد والذي سيمكن سلطة الإخوان من الاستحواذ على جزء كبير من النفط الخام المصدر للخارج عبر ميناء النشيمة الخاضع لسيطرتهم.
لم تكن تتوقع سلطة الإخوان أن يزول نفوذها في شبوة والحكومة والرئاسة، فمع تعيين المحافظ الجديد الشيخ عوض بن الوزير العولقي، محافظاً لشبوة أواخر العام الماضي، وتمكن قوات العمالقة ودفاع شبوة من العودة وإنهاء السيطرة الأمنية والعسكرية للإخوان على المحافظة انقلبت الموازين وأصبح إتمام المشروع خطرا كبيرا يهدد نفوذ سيطرتهم على العائدات النفطية وإنهاء احتكارهم.
كما أن تغيير الحكومة وتشكيل المجلس الرئاسي وإشراك أطراف جديدة فيها بينها المجلس الانتقالي الجنوبي قلص نفوذ وسيطرة الإخوان وساعد كثيرا على استكمال العمل في المشروع تمهيدا لربطة بشكل نهائي بين حقلي جنة هنت (القطاع الـ5) في شبوة، مع حقول عياد (القطاع الـ4).
استنفار إخواني حوثي لإفشال المشروع
أثناء فترة سيطرة الإخوان ظلت محافظة شبوة، منفذاً رئيساً لتهريب المشتقات النفطية إلى مناطق سيطرة الحوثيين، خصوصاً وأن الشركات الناقلة للمشتقات النفطية المحتكرة مرتبطة بميليشيا الحوثي، وفي مقدمتها شركة "الحثيلي".
زوال سيطرة الإخوان في شبوة والشرعية، دفع بالميليشيات الحوثية إلى التحرك سريعاً لإيقاف أية خطوات يقوم بها المجلس الرئاسي لأجل إنعاش الاقتصاد الوطني خصوصا في القطاع النفطي.
وعمدت الميليشيات الحوثية بالتنسيق مع الخلايا الإخوانية في شبوة إلى تنفيذ مخطط إرهابي يستهدف القطاعات النفطية العاملة في المحافظة. وعادت عمليات استهداف الأنابيب النفطية مجددا رغم انتهائها وتوقفها أثناء فترة سيطرة الإخوان على المحافظة، وصولاً إلى شن عمليات استهداف صوب ميناء النشيمة وكذا تهديد الشركات الأجنبية العاملة في القطاعات النفطية.
ولم تكتف الميليشيا الحوثية، ذراع إيران في اليمن، بالتهديدات والهجمات الإرهابية، بل سارعت إلى الضغط على مالك الشركة المنفذة لمشروع الأنبوب الجديد في شبوة، حيث قامت الميليشيات بمصادرة ممتلكات الشركة ورجل الأعمال في صنعاء وطرد أفراد أسرته للعراء لإيقاف المشروع وتعطيله.
وبحسب المصادر داهمت الميليشيات الحوثية منازل سكنية تابعة لأسرة رجل الأعمال اليمني "جعفر الخراز"- المدير التنفيذي لشركة "انتراكس الشرق الأوسط"، في حين اقتحمت ميليشيات نسائية "الزينبيات" الغرف وقامت بإخراج النساء والأطفال ورميهم في الشارع بصورة مهينة، ورفضت أيضا السماح لهم بأخذ أغراضهم الشخصية.
وأشارت المصادر أن الميليشيات الحوثية أعلنت مصادرتها كافة ممتلكات عائلة "الخراز" وشركته، بعد توجيه له اتهامات بالخيانة والعمالة مع الحكومة اليمنية و"دول العدوان"، وهي تهم تبرزها الميليشيات مع كل عمليات نهب وسطو تقوم بها في مناطق سيطرتها ضد تجار ورجال أعمال ومواطنين وسياسيين ومناهضين لها.
إيعاز إخواني.. وتنفيذ حوثي
ما جرى من تصعيد حوثي خطير ضد المنشآت النفطية في شبوة، وكذا الانتهاكات التي طالت عائلة آل الخراز منفذ مشروع أنبوب النقل الجديد، يكشف حقيقة أن هناك تورط عصابات فساد لا تريد للمشروع أن يستكمل وينتهي.
ووجه المحلل والناشط السياسي صالح الحنشي اتهامات مباشرة إلى من أسماها "عصابة الحثيلي" بالوقوف وراء ما جرى لعائلة مالك الشركة المنفذة لأنبوب النفط الجديد، موضحاً أن المتضرر الوحيد من إنجاز المشروع هي شركة الحثيلي التي احتكرت عملية نقل النفط لسنوات وجنت منها عائدات ضخمة.
وأضاف: أن تغيير خط نقل النفط إلى الجهة الجنوبية صوب البحر العربي أثار حفيظة القوى النافذة ـ في إشارة إلى تحالف الإخوان والحوثي ـ واعتبروا ذلك أنه رجس من عمل الشيطان وخطوة نحو الانفصال.
وقال الحنشي: "أضف إلى ذلك أن شبكات وعصابات الفساد ترى أن وجود هذا الخط وتشغيله يغلق واحدا من أوسع أبواب الفساد الذي كان يدر عليها عشرات الملايين من الدولارات".
وأشار إلى أن كبرى عصابات الفساد التي تعمل في مجال النفط سترى في مشروع الأنبوب الناقل الجديد تهديدا لمصالحها، سيفقدها القدرة على فرض سيطرتها وهيمنتها على العائدات النفطية التي ظلت تنهبها لسنوات طويلة.
وأشار صالح الحنشي، أن شركة عائلة الخراز تعاملت مع إنجاز هذا المشروع كتحدٍ قبل أن يكون مجرد مشروع. عملت على إدارة العمل فيه بمسؤولية نيابة عن كل مؤسسات الدولة الغائبة وأوجدت حلولا أمنية في وقت فشلت فيه المؤسستان العسكرية والأمنية في توفير الحماية.
وقال إن المشروع أنجز في زمن قياسي، واليوم بدأ الحديث عن تشغيل هذا الخط، خصوصاً مع إعلان الحكومة البدء في إعادة إنتاج النفط من حقول جنة، تحركت عصابات الفساد.
وأكد أن العصابات المتواجدة في الشرعية ومناطق سيطرتها، أوعزت للحوثيين في صنعاء أن يقوموا بالمهمة نيابة عنها، وأن يتم عقاب أسرة الخراز، حيث قام الحوثيون بهذا الإجراء خدمة لعصابات علي خرخرة والحثيلي، وضرمان.