المبادرات المجتمعية.. مشاريع حياة تتحدى مشاريع الحرب والدمار
تقارير - Tuesday 29 November 2022 الساعة 08:32 pmرغم ما خلفته الحرب في اليمن من تداعيات كارثية على مختلف المستويات وعلى رأسها البنية التحتية التي لحق بها الدمار، إلا أنها كانت دافعاً في ظهور وانتشار مشاريع تنموية على نطاق واسع بالمحافظات بمبادرات طوعية من قبل الأهالي.
وانتشرت مؤخراً على مواقع التواصل الاجتماعي صور تداولها اليمنيون بكثافة وهي توثق للمشاريع التي تم تنفيذها خلال السنوات الماضية من قبل المبادرات المجتمعية في عدد من المحافظات اليمنية، ولاقت اعجاباً واشادة بقدرات اليمنيين في تحدي ظروف الحرب.
وتظهر الصور نجاح "المبادرات المجتمعية" في شق وتعبيد ورصف طرقات باستخدام الأحجار في مناطق جبلية بعضها وعرة للغاية وبأدوات بدائية، وبجهود ذاتية من قبل الأهالي ومن أقاربهم المغتربين في الخارج، مع دعم محدود من قبل المنظمات في بعض هذه المشاريع.
تركيز المبادرات في جانب الطرقات يعكس حجم المعاناة التي يتكبدها غالبية اليمنيين في هذا الجانب وبخاصة في الأرياف، جراء التشتت السكاني في اليمن والذي يصل إلى نحو 100 ألف تجمع سكاني وفق أرقام حكومية، ومثل هذا مبرراً لكل الحكومة المتعاقبة لتفسير عجزها عن توفير طريق معبد لكل اليمنيين.
مأساة تضاعفت مع اندلاع الحرب في اليمن من قبل جماعة الحوثي عام 2015م، لتخلف الدمار والموت على نطاق واسع، وكانت البنية التحتية لقطاع النقل إحدى ضحاياها، بعد أن أدت إلى تضرر الطرقات والجسور والموانئ والمطارات، وتشير التقديرات إلى خسائر بمليارات الدولارات في هذا القطاع الحيوي.
وبحسب دراسة نشرها مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي في أغسطس الماضي، فقد تعرض ما نسبته 29٪ من إجمالي شبكة الطرق داخل المدن لدرجة عالية من الضرر، في حين تعرض ما يزيد عن 500 كيلومتر لدمار كلي، في حين توقفت العديد من مشروعات الطرق الريفية وعقود صيانة الطرق والجسور.
هذا التوقف ومع استمرار الحرب، دفع باليمنيين إلى التحرك والبحث عن حلول تخفف من معاناتهم في جانب الطرق وبخاصة في الأرياف، وتمثل ذلك بالمبادرات المجتمعية التي يرى فيها البعض إحياءً لفكرة "التعاونيات" التي ظهرت في سبعينيات القرن الماضي في مناطق الشمال بعهد الرئيس الأسبق إبراهيم الحمدي.
ويُنسب لهذه التعاونيات الفضل في إنجاز مئات من مشاريع البنية التحتية من الطرقات والمدارس والمراكز الصحية وإيصالها إلى أصعب التضاريس الجغرافية في الشمال، بعد أن نجحت السلطة حينها في استثمار جهود المجتمع وتحويله إلى شريك ومساهم في عملية التنمية.
نجاح يبدو أنه مستبعد حالياً بالنظر إلى واقع السلطة في اليمن المنقسم بين سلطة جماعة الحوثي بمشروع الحرب دون غيره، وسلطة المجلس الرئاسي، الغارقة في الفساد والتمزق وبعيدة كلياً عن إيجاد مشروع تنموي في مناطقها.