الحوثي وإيران.. نقل الحرب من المحلية إلى الإقليمية
تقارير - Sunday 11 December 2022 الساعة 07:25 am"لا يملك الحوثيون ما يخسرونه مقابل ما يمكنهم كسبه عبر مواصلة القتال"، تقول إليزابيث كيندال الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط، معتبرة أن المليشيا الإرهابية أصبحت تحتجز “موانئ النفط اليمنية للحصول على فدية”.
لم يكن سعي مليشيا الحوثي إلى إفشال الهدنة باختلاق الذرائع والحجج، إلا جزءا من المخطط الإيراني الذي تعمل المليشيا على تنفيذه، والذي يهدف إلى الإضرار بأمن وسلامة الملاحة الدولية في باب المندب، من أجل تسخّير المنطقة لصالح إيران، التي تعمل على دعم التصعيد الحوثي لإضعاف الشرعية والتحالف بما يسهم في تعزيز أوراقها في إطار التفاوض الإقليمي النشط.
إيران ومن خلال المستشارين من الحرس الثوري وحزب الله اللبناني المتواجدين في اليمن، تسعى إلى التحكم في المشهد العام داخل مليشيا الحوثي الذراع المحلية لطهران، كما تسعى إلى نقل الحرب من المحلية إلى الإقليمية عبر جعل كل موانئ تصدير النفط في مجال تهديد مسيراتها إلى جانب إثباتها للعالم أن مليشياتها الأقوى عسكريا وأن كل المنطقة تحت ضربات أسلحتها.
فقبل أن تنتهي الهدنة الأممية في الثاني من أكتوبر الماضي، كانت مليشيا الحوثي، قد أظهرت عدم رغبتها في تمديدها، وعملت على افشالها بمطالبها واشتراطاتها التعجيزية، برغم أن الهدنة أفادت المليشيا أكثر مما حققت من مكاسب لليمنيين.
وقبل إعلان رفضها تمديد الهدنة، كانت ذراع إيران في اليمن، قد بدأت بحشد آلياتها وقواتها إلى الحديدة وأقامت استعراضات عسكرية هناك تحت إشراف عناصر من الحرس الثوري وحزب الله، كما عزز الحوثيون من حضورهم وتواجدهم العسكرى في المحافظة الساحلية التي تشكل شريانهم الاقتصادي؛ في خرق واضح لاتفاق ستوكهولم، لتكشف تحركاتهم عن نوايا لتصعيد عسكري بات وشيكا.
بدأت الأذرع الإيرانية في الحديدة، بالتحضير لشن هجمات إرهابية ضد السفن التجارية المارة في البحر الأحمر قبالة سواحل الحديدة، لأجل ضرب الملاحة التجارية الدولية المارة عبر مضيق باب المندب. تزامنا مع تصريحات لقادة المليشيا بنقل المعركة وتوسيعها بحرا، ما لم يتم التفاهم على تحويل عائدات النفط للبنك المركزي في صنعاء.
استغلت مليشيا الحوثي الإرهابية التزام الحكومة اليمنية والتحالف بوقف إطلاق النار وبالهدنة الأممية، بزيادة حشودها القتالية وإرسالها إلى جبهات القتال، وسارعت بحفر الخنادق واستحداث تحصينات قتالية ومواقع مطلعة على أهداف استراتيجية محلية ودولية، خاصة في جبهات الساحل الغربي، فضلا عن شن هجمات إرهابية على الموانئ النفطية والمصالح الاقتصادية وتهديد الملاحة الدولية.
كذلك، عززت المليشيا ترسانتها بالأسلحة الإيرانية التي أدخلتها عبر ميناء الحديدة خلال الهدنة، إضافة إلى الأسلحة المهربة، وقد ضمت التعزيزات أسلحة متطورة بينها راجمات صواريخ كاتيوشا، وصواريخ مضادة للدروع، ومسيرات ومنصات إطلاقها المتحركة، فضلا عن أسلحة تقليدية.
وأتاح الصراع في اليمن لإيران ساحة تجارب بالذخيرة الحية للحصول على قراءة لقدراتها العسكرية، ووفقا للمراقبين فإن الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار التي يطلقها “الحوثيون” توفر بيانات لتغذية دورات تطوير الأسلحة الإيرانية. إذ يعد الانتشار العسكري الإيراني في اليمن عبر الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار جزءا من خطة طهران في الشرق الأوسط لاختبار البنية الأمنية الإقليمية الحالية.
وفي الآونة الأخيرة، شنت الذراع الإيرانية في اليمن، هجمات على 3 موانئ نفطية هي الضبة والنشيمة وقنا في محافظتي حضرموت وشبوة بالطائرات بدون طيار المفخخة، لمنع تصدير النفط، بالتزامن مع هجمات بالصواريخ والمسيرات في مأرب فضلا عن حشد المقاتلين تمهيدا لاجتياح المحافظة والسيطرة على حقول نفط (صافر).
ويرى المراقبون أن وتيرة التصعيد الحوثي، تنذر بمراحل خطيرة من التهديدات التي تستهدف اليمنيين ودول الجوار وأمن الملاحة البحرية العالمية والتجارة الدولية، معتبرين استمرار الاعتداءات الحوثية على المنشآت الاقتصادية وموانئ تصدير النفط عبر مسيرات إيرانية، بأنها حرب تجويع جديدة تستهدف ضرب الاقتصاد اليمني وتدمير سبل العيش.
وكان الأسطول الخامس الأميركي، اعترض سفينة صيد في خليج عمان أول ديسمبر/كانون الأول الحالي، كانت تهرب ذخائر ووقودا للصواريخ على طريق بحري من إيران إلى اليمن، وكانت تحمل شحنة يزيد وزنها على 50 طنا، وهي ثاني عمليات الأسطول الخامس لمصادرة شحنة كبيرة من الأسلحة المهربة في غضون شهر. حيث عثرت القوات الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي على أكثر من 70 طنا من كلورات الأمونيوم و100 طن من سماد اليوريا الذي يمكن استخدامه لصنع المتفجرات. وقامت القوات الأميركية بعدها "بإغراق السفينة".
وقال براد كوبر، قائد القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية والأسطول الخامس، إن اعتراض السفينة "يظهر بوضوح استمرار نقل إيران غير القانوني للمساعدات الفتاكة وسلوكها المزعزع للاستقرار".