بعد تمرد لعكب والعكيمي.. بن حبريش أداة إخوانية لتمزيق حضرموت
تقارير - Thursday 22 December 2022 الساعة 07:19 pmخرج الوكيل السابق لشؤون الوادي والصحراء في محافظة حضرموت، عصام بن حبريش الكثيري، بتصريحات نارية أعلن أثناءها قيام دولة حضرموت المستقلة وانفصالها عن اليمن، ضمن فعاليات رمزية أقامتها مكونات جديدة فرخها حزب الإصلاح اليمني- الجناح المحلي لتنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي.
الكثيري الذي شغل أعلى منصب بعد محافظ حضرموت، ظل سابقاً ولسنوات ينادي بالوحدة اليمنية، ويتغنى بالكثير من خطاباته بالأقاليم حتى بعد تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في أبريل 2022. وحظي الرجل أثناء توليه المنصب بدعم كبير من حزب الإصلاح وقيادة المنطقة العسكرية الأولى المحسوبة على الإخوان، وتم مساندة تحركاته وقراراته، وجعله العصا التي تضرب الاحتجاجات الشعبية السلمية وأي تحركات تناهض مشروع الإخوان وتهدد سلطته في الوادي والصحراء.
بعد تورط الرجل في صفقة مشبوهة آخرها شراء محطة كهربائية من سلطنة عمان، وتجاهله لقيادة السلطة المحلية في حضرموت، وسعيه المتواصل لاتخاذ قرارات منفصلة عن سلطة المحافظة، ما دفع بمحافظ حضرموت السابق- عضو مجلس القيادة الرئاسي، اللواء فرج سالمين البحسني إلى إصدار قرار إيقاف بحق الوكيل عصام الكثيري في 26 يوليو 2022 مع عدد من القيادات الحكومية الموالية له في وادي وصحراء حضرموت.
وبالرغم من صدور قرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي بتغيير محافظ حضرموت اللواء البحسني وتعيين خلفاً له، مبخوت مبارك بن ماضي في 31 يوليو 2022، إلا أن قرار إيقاف الكثيري ظل مستمرا رغم محاولة الرجل العودة إلى منصبه الحكومي والتمسك بالكرسي.
أثناء زيارة محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي لمدينة سيئون، أصدر تكليفاً للمهندس هشام السعيدي في 13 سبتمبر للقيام بمهام وكيل أول محافظة حضرموت لشؤون الوادي والصحراء، والاستمرار في تنفيذ القرار السابق الذي أصدره المحافظ البحسني بشأن إيقاف الوكيل عصام بن حبريش من مهامه. وفي 6 ديسمبر 2022، جاء قرار مجلس القيادة الرئاسي بتأكيد إزاحة بن حبريش رسمياً من منصبه وتعيينه وكيلا في وزارة الإدارة المحلية.
محاولة مفضوحة
خلال فترة الأشهر الماضية، برزت دعوات يقودها القيادي البارز في حزب الإصلاح الإخواني بمحافظة حضرموت، صلاح باتيس، تحت غطاء "انفصال حضرموت" وإعلان "حضرموت دولة مستقلة"، وغيرها من الشعارات التي أطلقها القيادي الاخواني وبعض المكونات الموالية للإخوان في مناطق وادي وصحراء حضرموت.
التحرك الإخواني، والتلويح بورقة انفصال حضرموت، جاء كردة فعل على تصاعد الاحتجاجات الشعبية التي يقودها مكون "شباب الغضب" في حضرموت، للمطالبة برحيل قوات المنطقة العسكرية الأولى - جناح الإخوان العسكري، وإرسالها إلى جبهات القتال لمواجهة الحوثي، استكمالاً لتنفيذ الشق الأمني والعسكري من اتفاق ومشاورات الرياض.
التحركات الإخوانية الأخيرة في وادي حضرموت، واللعب على ورقة انفصال المحافظة، لم تلق أي قبول خصوصا مع استمرار الاحتجاجات الشعبية وتصاعدها ضد بقاء القوات الإخوانية وضرورة رحيلها من حضرموت.
ويرى الكثير من المراقبين أن تصاعد الدعوات والفعاليات المنادية بانفصال حضرموت من قبل مكونات محسوبة على الإخوان، هو دليل وتأكيد واضح وصريح بأن الهدف منه، ابتزاز المجلس الرئاسي الذي يسير بخطى ثابتة منذ تشكيله في تقليص نفوذ تنظيم الإخوان المسيطر على الشرعية منذ سنوات. وكذا تشتيت الأنظار عن المطالبات الشعبية المتصاعدة بإنهاء سيطرة القوات الإخوانية ورحيلها عن حضرموت.
قبائل الكثيري تقول كلمتها
ينحدر الوكيل السابق، عصام بن حبريش، إلى قبيلة الكثيري، وهي أحد أكبر القبائل الحضرمية وأشهرها. ويوجد ثقل القبيلة بشكل خاص في مناطق وادي حضرموت، وهو ما دفع بحزب الإصلاح الإخواني إلى استغلال اسم القبيلة كغطاء لتمرير مشاريعهم المشبوهة.
وروجت آلة الإعلام الإخوانية وعبر مكونات محسوبة على الإصلاح في وادي حضرموت، لبيانات تحمل اسم قبيلة "الكثيري" تؤيد دعوات "انفصال حضرموت واستقلالها" و"بناء الدولة الحضرمية".
استغلال اسم قبائل الكثيري من قبل حزب الإصلاح، عبر بعض القيادات الموالية للحزب، لم يدم طويلاً، ليأتي النفي الصادم من قبل رئيس مجلس قبائل آل كثير الشيخ عبدالله صالح الكثيري، الذي نفى علاقة القبيلة بالدعوات التي يطلقها حزب الإصلاح وينسبها للقبيلة لتحقيق أجندة حزبية مشبوهة في وادي حضرموت.
نفي قبيلة الكثري، لم يقتصر على البيان فقط، بل أعقبها إعلان تأييد ومباركة لخطوات الهبة الحضرمية الثانية، التي تقود حراكاً قبلياً وشعبياً موسعاً لدحر قوات المنطقة العسكرية الأولى واخراجها من مناطق وادي وصحراء حضرموت.
ودعا مشايخ وأعيان قبيلة آل كثير أبناء حضرموت إلى نبذ العنف بكافة اشكاله والوقوف ضد كل محاولات تعطيل مصلحة حضرموت، وتجريم أفعال العنف والتخريب الذي ينفذه مسلحو الإصلاح.
ويؤكد رئيس مركز الدراسات السياسية الدكتور خالد الشميري، أن ما تعانيه منه قبائل حضرموت من جماعة الإخوان هو ذاته الذي تعاني منه قبائل مأرب من جرائم بحقها.
وتابع في تغريدة له على تويتر: "جماعة الإخوان تنفخ كيرها أينما حلت وارتحلت، لذلك إنقاذ حضرموت من هذا الويل لم يعد مجرد واجب وطني فقط. بل أصبح ضرورة إنسانية غير قابلة للتأجيل"، مختتما: "هبة لتحرير وادي حضرموت".
من تظاهرات حاشدة لاحتفال في صالة مغلقة
على مدى الأسابيع الماضية، عجز حزب الإصلاح، والمكونات الموالية له في وادي حضرموت، من إخراج تظاهرات توازي الاحتجاجات التي يقودها مكون "شباب الغضب"، أو "الهبة الحضرمية الثانية"، أو المجلس الانتقالي الجنوبي.
العجز برز بشكل واضح في التظاهرة لتي دعا إليها مطلع أكتوبر 2022 في ساحة مركزية بمدينة سيئون، وظهرت التظاهرة الباهتة بصورة ضعيفة واكتفت بحضور أنصار الإخوان وبعض المحسوبين على قبيلة الكثيري.
الفشل الإخواني في حشد الشارع الحضرمي دفع بالحزب إلى استغلال المناسبات وإقامة احتفالات داخل صالات مغلقة، لتزييف الحقيقة والمطالبات. وتم ذلك في 20 ديسمبر 2022، حيث سعى حزب الإصلاح للظهور مجددا عبر احتفال "اليوم الوطني الحضرمي"، وهو احتفال أقره “حلف قبائل حضرموت”، ويجري إحياؤه منذ 9 سنوات.
وظهر عصام بن حبريش في الاحتفال، تحت مسمى قائد الحراك الشعبي الحضرمي، بتصريحات جديدة أعلن فيها أن "حضرموت ستكون دولةً مستقلة بحدودها وعلمها ونشيدها الوطني”.
رغم التحركات المتواصلة للإخوان ومحاولة تمييع مطالب الشارع الحضرمي، إلا أن معظم المكونات السياسية والاجتماعية والقبلية في وادي وصحراء حضرموت متوحدة تحت مظلة رفض بقاء سلطة الإخوان العسكرية وإنهاء تواجدها. وهذا التوحد كان سبباً في عدم قابلية الشارع الحضرمي للمشروع الإخواني الذي يرفعه تحت شعار "انفصال حضرموت وقيام الدولة المستقلة".
ويؤكد قائد الهبة الحضرمية- رئيس لجنة تنفيذ مخرجات لقاء حضرموت العام الشيخ حسن الجابري، أن هناك جهات حزبية معادية لحضرموت وأبنائها -في إشارة لحزب الإصلاح- تقوم بتحركات وتنفذ مشاريع تضليلية ومشبوهة لغرض استمرار سيطرة القوات الإخوانية المعادية على الوادي والصحراء واستمرار ضياع حقوق أبناء حضرموت.
وأكد الشيخ حسن الجابري على ضرورة توحيد الصف الحضرمي وتضافر جهود أبناء حضرموت جميعا لتفويت الفرصة على أصحاب المشاريع الصغيرة المدعومين من جهات حزبية معادية ومتربصة بحضرموت، مشيرا إلى تحركات ومساع وطنية حضرمية لتأسيس المجلس الوطني الحضرمي بهدف لم شمل جميع أبناء حضرموت والقوى الحضرمية وليسوق حضرموت إلى بر الأمان.
تكرار تمرد بن لعكب والعكيمي
منذ تشكيله مطلع أبريل 2022، أصدر مجلس القيادة الرئاسي سلسلة من القرارات الهامة التي ساهمت في تصحيح وضع الحكومة الشرعية، وحجمت هيمنة حزب الإصلاح الإخواني الذي كان يسيطر على مختلف المفاصل سواء الرئاسة والحكومة وحتى المحافظات المحررة.
ولعل أبرز التحركات التي قام بها المجلس لتقليص نفوذ الإخوان في السلطة، هو إقالة قيادات أمنية وعسكرية بارزة موالية لحزب الإصلاح في محافظتي شبوة والجوف، وهي قرارات قوبلت برفض وتمرد عسكري وعلني.
ما شهدته شبوة والجوف من تمرد عسكري، يكشف حقيقة حزب الإصلاح الطامع للبقاء في السلطة والاستمرار في نهب خيرات البلد ومقدراته وتسخير ذلك لمصالح وأجندة مرتبطة بمليشيات الحوثي والتنظيمات الإرهابية بشكل كبير.
قرار الإطاحة بوكيل أول محافظة حضرموت لشؤون الوادي والصحراء، عصام الكثيري، والتحركات المضادة التي يقوم بها ضد الحكومة والمجلس الرئاسي، أعادت للأذهان حركات التمرد التي قادتها فصائل إخوانية في شبوة بقيادة عبدربه لعكب وحاليا في الجوف بقيادة أمين العكيمي.