مهندسو المقاومة الوطنية.. صناع الحياة في المناطق الملوثة بألغام الحوثيين

المخا تهامة - Saturday 04 February 2023 الساعة 07:56 am
الخوخة، نيوزيمن، خاص:

داخل باحة واسعة تعمل وحدات هندسية عالية التقنية تابعة للمقاومة الوطنية على انتزاع الألغام التي زرعتها مليشيات الحوثي بالساحل الغربي، بعدما حولتها ذراع إيران إلى أكبر حقل للألغام في العالم بعد الحرب العالمية الثانية.

لا شيء يسمع في ذلك الحقل، سوى أصوات أجهزة الكشف عن الألغام ذات الرنين المرتفع، وعند كل صوت مختلف يتوقف الجنود لإخراج فخاخ الموت الحوثية، بطريقة حذرة لمنح الفريق نسبة عالية من السلامة.

إنها جزء من مهمة عمل إنسانية لتأمين حياة المدنيين بعد أن نشرت الحركة الإرهابية، أدوات الموت في كل مكان، وبأنواع مختلفة، منها ما يصعب اكتشافها، وأخرى تحتاج إلى وقت أطول لاستخراجها نظراً لارتباطها بشبكة معقدة من الأجسام المتفجرة، إضافة إلى الكميات الهائلة من الألغام والتي تقدر بنحو مليوني لغم متعدد، في مناطق الساحل الغربي وحدها.

أكثر الألغام صعوبة في العثور عليها، البلاستيكية.. إذ طورت الحركة الإرهابية من أدواتها المميتة بمساعدة إيران، بهدف إلحاق الضرر بأكبر قدر من المدنيين.

وعلاوة على ذلك، فإن مليشيات الحوثي زرعت ألغامها بأماكن لا تخطر على بال، فيما تشير أماكن وضعها، إلى أنها تستهدف المدنيين بالدرجة الأولى.

وفي الآونة الأخير، غيرت مليشيات الحوثي، من تكتيكاتها المميتة في زراعة الألغام، بهدف قتل العاملين في وحدات نزعها، بعد أن ربطت الدائرة الكهربائية للغم بالغطاء الذي يصل إلى صاعق التفجير، وجعلته قابلا للانفجار في وجه نازع الألغام عندما يحاول نزع الرأس المتفجر.

من بين الضحايا المهندس فرحان السعيدي، وهو أحد أكثر العاملين في مجال نزع الألغام شهرة لجهة إتقان أدائه، إذ قضى نحبه بعد أن حاول انتزاع لغم ذي دائرة كهربائية تم ربطها بغطاء اللغم ذاته.

إضافة إلى ذلك، فإن مليشيات الحوثي تسعى باستمرار إلى تغيير طرقها في زراعة الألغام، لجعل مسألة انتزاعها مهمة أكثر صعوبة لمهندسي نزع الألغام.

عاملون يسعدهم نزع الألغام

من بين اللحظات السعيدة لفريق نزع الألغام، التمكن من انتزاع كم هائل من الألغام بعد رحلة عمل يومية، إذ يشعر العاملون في وحدة الهندسة العسكرية بالسعادة لتمكنهم من إزاحة الأخطار المحدقة بحياة المدنيين، وتجنيبهم فخاخ الموت الحوثية.

في مقابل ذلك، يسيطر طوفان من الحزن على مشاعرهم في حال عادوا من العمل، ولم يتمكنوا من اكتشاف سوى أعداد قليلة، مقارنة بما حققوه في اليوم السابق.

يقول أحد العاملين في مجال نزع الألغام، مكتفياً بإعطاء اسمه الأول محمد، إن العمل بمجال نزع الألغام فتح شهية العاملين على انتزاع أكبر كم منها، ذلك يعود إلى رغبتهم فى تجنيب المدنيين ويلات الوقوع فيها.

يضيف، المآسي التي حدثت للمدنيين في الساحل الغربي، وغالبيتهم من الأطفال كانوا يعملون فى رعي الأغنام حينما انفجرت بهم ألغام الحوثي، دفع العاملين للإسراع في تطهير مساحات واسعة بدعم واسع من عضو المجلس الرئاسي- رئيس المكتب السياسي العميد الركن طارق محمد عبدالله صالح.

مخزون هائل

سعت مليشيا الحوثي إلى الاستفادة من كل ما عثرت عليه في مخازن الدولة عند انقلابها على السلطة بما في ذلك الصواريخ القديمة التي كانت وزارة الدفاع على وشك إتلافها لعدم قابليتها للإطلاق نظراً لتقادمها.

وإضافة إلى تلك الصواريخ، كانت الصواريخ الخاصة بالطائرات الحديثة هدفاً آخر لمليشيات الحوثي، إذ قامت بنزع الحشوة الدافعة للصاروخ واستبدلتها بحشوة متفجرة، لتتحول إلى عبوات ناسفة شديدة الفتك والتأثير.

ووضعت مليشيات الحوثي تلك الصواريخ المتفجرة أسفل الجسور والعبّارات، والطرق الرئيسة، والمؤسسات الحكومية، ومراكز الإنزال السمكي بهدف نسفها بالكامل.

كما استخدمت مليشيات الحوثي تلك العبوات في استهداف العربات المدنية والعسكرية دون تمييز، إنه يعد جزءاً من العمل الوحشي الذي تقوم به ذراع إيران.

وإضافة إلى ذلك، فإن مليشيات الحوثي ابتكرت ألغاماً مموهة يصعب اكتشافها، بعضها تحاكي ألوان وأشكال الطبيعة، تأتي على هيئة أحجار مثلا، وأخرى شبيهة بجذوع النخيل، أما أخطرها فقد كانت المزودة بكاميرا حرارية عالية الدقة، تنفجر بمجرد اقتراب الضحية منها.

الفيوزات الصغيرة التي تأتي على هيئة أجسام براقة يعتقد الضحية إمكانية الاستفادة منها، هي الأخرى أكثر أدوات القتل الحوثية فتكاً بالمدنيين، إذ تلحق عند انفجارها ضررا دائما بالضحية كبتر يده، أو قدمه أو حدوث تشوه في وجهه وندوب يصعب إخفاؤها أو التخلص منها.

وهناك العبوات المزودة بالليزر، وكذا الصغيرة المصنوعة محليا والتي بات يطلق عليها "أبو قرن"، نظراً لوجود أكثر من مستشعر هوائي، إذ تعد من العبوات الخطرة نظرا لحدوث انفجارها بمجرد لمس ذلك المستشعر، أو الدوس عليه، أو تحريكه.

وإضافة إلى ما سبق، طورت مليشيات الحوثي الألغام المخصصة للعربات أو الصواريخ ذات الأحجام الصغيرة، لجعلها ألغاماً فردية عبر تزويدها بدواسة خارجية تحدث انفجارا كبيرا يؤدي في الغالب إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين.

وفوق ذلك ابتكرت مليشيات الحوثي عشرات الألغام المصنوعة محليا، في ورش خاصة، مستفيدة من الطرق الإرهابية لإيران في نشر أدوات الموت في مدن ومناطق واسعة.

أماكن زراعة الألغام

اتخذت مليشيات الحوثي من المدنيين هدفاً رئيسياً لإسقاط أعداد كبيرة منهم، حيث زرعت الألغام الفردية داخل منازلهم وخلف أبواب الغرف الموصدة، ودورات المياه، بل داخل العشش التهامية، بعدما أجبرت ساكنيها على المغادرة.

كما زرعت الألغام في الحقول الزراعية والدروب الضيقة المؤدية إلى القرى الواقعة في خطوط التماس، فضلاً عن الأماكن المظللة وتحت الأشجار والأماكن التي يتجمع فيها المدنيون، ومنابع المياه.

الهدف من ذلك، هو الانتقام من المدنيين عند عودتهم إلى منازلهم، بعدما أجبرتهم قبل ذلك على المغادرة.

وتوثق مراكز حقوقية سقوط آلاف الضحايا في عموم المدن المحررة بين قتيل وجريح جراء ألغام مليشيات الحوثي طيلة السنوات الثماني الماضية.