مواجهة الحوثي والتنمية.. معركة على مسارين للمقاومة الوطنية
تقارير - Tuesday 07 February 2023 الساعة 07:23 amتشهد مدينة المخا الساحلية على البحر الأحمر حراكا تنمويا غير مسبوق يقوده المكتب السياسي للمقاومة الوطنية برئاسة العميد طارق محمد عبدالله صالح، عضو مجلس القيادة الرئاسي وقائد قوات المقاومة الوطنية، وهو حراك بدأ يمتد ليشمل عديد مديريات تابعة لمحافظتي تعز والحديدة.
في أبريل من عام 2018م أُعلن عن تأسيس قوات المقاومة الوطنية (حراس الجمهورية) كقوة عسكرية وأمنية يقودها العميد طارق صالح ليكون تأسيسها امتدادا لمشروع انتفاضة الثاني من ديسمبر التي أعلنها الرئيس الأسبق الزعيم علي عبدالله صالح، رئيس المؤتمر الشعبي العام في قلب صنعاء ضد مليشيات الحوثي، الذراع الإيرانية في اليمن، كثورة هادفة إلى استعادة الجمهورية والدولة ومؤسساتها التي سطت عليها ونهبتها مليشيات الحوثي ودفع نتيجة لها حياته وحياة عدد من رفاقه وأولهم الأمين العام للمؤتمر الشهيد عارف الزوكا.
تأسيس قوات المقاومة الوطنية (حراس الجمهورية) لم يستمر طويلا، حيث انضمت إلى ما عرف بقوات المقاومة المشتركة التي ضمت إلى جانبها ألوية العمالقة وقوات المقاومة التهامية وأوكلت إليها مهمة تحرير الساحل الغربي من سيطرة مليشيات الحوثي وهو الأمر الذي تحقق في غضون وقت قصير وبسرعة قياسية، حيث تمكنت تلك القوات من تحرير المناطق الممتدة من مديريات: ذو باب وموزع والوازعية إلى المخا في تعز مرورا ببعض مديريات محافظة الحديدة، وصولا إلى داخل مدينة الحديدة والاقتراب من تحرير ميناء الحديدة إلا أن التدخلات الدولية وتواطؤ حكومة الشرعية آنذاك بقيادة الرئيس السابق عبدربه منصور هادي بتوقيع اتفاق ستوكهولم في السويد قد أحبط مشروع استكمال تحرير ميناء وما تبقى من مدينة الحديدة وضمن بقاء وسيطرة المليشيات الحوثية عليه.
ومع أن اتفاق السويد شكل طعنة في ظهر مشروع تحرير الساحل الغربي كله من سيطرة مليشيات الحوثي إلا أن قوات المقاومة الوطنية (حراس الجمهورية) خطت لنفسها نهجا مختلفا من خلال البدء بتنفيذ مشروع عسكري وأمني يهدف إلى الحفاظ على المناطق المحررة وفي مقدمتها مدينة المخا ومينائها والبدء في تنفيذ خطط تنموية وإنسانية موازية ومكملة لعملية التحرير العسكري وهي الخطة التي ارتفعت وتيرة تنفيذها بعد انسحاب القوات المشتركة من المناطق التي كانت تسيطر عليها في الحديدة وفقا لاتفاق السويد في نوفمبر 2021م.
ويمكن القول إن مشروع قوات المقاومة الوطنية (حراس الجمهورية) العسكري قام على أساس أنها قوات هدفها مقاومة المليشيات الحوثية ذات التبعية لإيران ونظامها وهو الأمر الذي أكده قائدها العميد طارق صالح في أكثر من مناسبة بأن هدف هذه القوات وطني مصوب تجاه المشروع الحوثي الإيراني وليس لها أي هدف أو نوايا أخرى غير ذلك.
من المعركة إلى السياسة
أجمع اليمنيون بكافة أطيافهم وشرائحهم أن اتفاق السويد الذي وقعته حكومة الشرعية مع مليشيات الحوثي وأثمر إيقاف استكمال معركة تحرير الحديدة ومينائها من سيطرة الحوثيين، كان بمثابة طعنة غادرة من الظهر لمشروع قوات المقاومة المشتركة بشكل عام ولمشروع قوات المقاومة الوطنية (حراس الجمهورية) بشكل خاص، كونه أوقف النهج والخطط العسكرية التي كانت هذه القوات ماضية في تنفيذها على الأرض من خلال السعي لاستكمال تحرير ميناء الحديدة ومديريات المحافظة من سيطرة المليشيات، وصولا إلى استكمال تحرير الساحل الغربي الممتد حتى ميناء ميدي على سواحل محافظة حجة بمحاذاة الحدود السعودية.
اتفاق السويد الموقع في ديسمبر 2018م مثَّل عملية إحباط كان يمكن أن تسهم في تفتيت وإنهاء مشروع المقاومة الوطنية (حراس الجمهورية) برمته إلا أن قيادة المقاومة أدركت أن الاتفاق ورغم سلبياته الكثيرة إلا أنه ليس نهاية المعركة، ولذلك عمدت إلى الانتقال إلى مشروع جديد هو المشروع السياسي من خلال إشهار المكتب السياسي للمقاومة الوطنية في 25 مارس 2021م من مدينة المخا وبهدف أن يكون هذا المكتب هو الحامل السياسي لمشروع وتوجهات المقاومة الوطنية العسكرية وبما يحافظ على أهدافها في السعي لمقاومة المشروع الفارسي الإيراني الذي تنفذه مليشيات الحوثي ومنع تكرار أي اتفاقات شبيهة باتفاق السويد الذي أضر بعملية التحرير التي كانت تستهدف طرد الحوثي ومليشياته من الساحل الغربي كله.
المشروع السياسي للمقاومة الوطنية التي رأس العميد طارق صالح مكتبها السياسي اتضح منذ اليوم الأول للإشهار من خلال تقديمه لرؤية سياسية وطنية تتجاوز كل المصالح الفئوية الضيقة وتتعالى على أحقاد وخلافات الماضي وتهدف إلى لملمة وجمع شتات كل القوى الوطنية المقاومة لمشروع الحوثي المدعوم إيرانيا، بالإضافة إلى رؤية عسكرية وأمنية تسعى للدفاع عن الأمن القومي العربي ضد مخططات استهدافه من قبل نظام الملالي في طهران والتأكيد على أن اليمن سيظل عمقا استراتيجيا لأشقائه في دول الخليج والوطن العربي، ورؤية تعاون دولية هادفة إلى مقاومة الإرهاب والتطرف والإسهام في حماية أمن الملاحة الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب ومواجهة أي أجندات لاستهدافها وأبرزها مخططات المليشيات الحوثية التي تسعى لتحقيق أهداف طهران ونظامها في ضرب الأمن القومي العربي من جهة وأمن الملاحة الدولية من جهة أخرى من خلال استهداف الاستقرار في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وبقية الساحل الغربي الذي لا تزال تسيطر عليه من الحديدة إلى ميدي شمالا.
المشروع السياسي للمقاومة الوطنية لم يتوقف عند حد رؤيته الوطنية والعربية فقط، بل امتد ليقدم نموذجا جديدا في السعي لنيل الرضا الشعبي على المستوى الوطني وهو ما تجسد في سرعة افتتاح مكاتب وفروع للمكتب السياسي له في عدة محافظات من ناحية ومن ناحية أخرى تساميه على خلافات وأحقاد الماضي ومد يده للتعاون مع مختلف القيادات السياسية من مختلف التيارات السياسية، وتجلى ذلك من خلال لقاءات وتفاهمات قيادة المقاومة الوطنية ومكتبها السياسي مع نظرائهم من القوى السياسية الأخرى كالإصلاح والاشتراكي والناصري والمجلس الانتقالي الجنوبي وغيرهم.
المقاومة الوطنية والتنمية مشروع حياة متجدد
المقاومة الوطنية وفي إطار سعيها لتقديم مشروع مختلف انتقلت من مرحلتي معركة التحرير وإشهار المكتب السياسي إلى مشروع جديد هو مشروع التنمية الذي بدأت تنفيذه في مدينة المخا كبداية مرورا بالمديريات المجاورة لها، سواء في محافظة تعز أو محافظة الحديدة، وهو ما ظهر من خلال مشاريع الدعم والإغاثة الإنسانية للفقراء والنازحين ومشاريع دعم المتضررين من الحرب والمتضررين من الكوارث الطبيعية كالسيول، مرورا بمشاريع شق وسفلتة الطرق، وبناء مدينة سكينة في المخا، وصولا إلى مشروع إنشاء وتنفيذ مطار المخا الدولي ليكون نافذة جديدة لربط المخا ومحافظة تعز وما جاورها مع العالم الخارجي.
المشاريع التنموية التي تبنتها ودعمتها ونفذتها ولا تزال قوات المقاومة الوطنية ومكتبها السياسي جسدت حقيقة مشروع المقاومة المختلف الرامي إلى إعادة الحياة الطبيعية لسكان هذه المناطق بعد أن دمرت مليشيات الحوثي بحربها وجرائمها كل متطلبات الحياة فيها وحولت هذه المناطق إلى مناطق مليئة بركام الدمار وماسي الحرب، وأعلنت في الوقت نفسه عن مشروع وطني جديد جاء ليقدم نموذجا مختلفا يتجاوز تبعات الماضي وسلبياته ويهدف إلى توحيد صفوف اليمنيين ولملمة شتاتهم وتوجيه قواهم وقوتهم نحو عدو واحد هو المليشيات الحوثية ومشروعها الفارسي الهادف إلى بسط السيطرة على المنطقة العربية وتهديد أمنها القومي.