مكافحة تهريب الأسلحة والمخدرات الإيرانية.. مهمة دولية قادمة من المهرة
السياسية - Monday 06 March 2023 الساعة 07:15 amعقب أيام فقط من إفشال قوات بحرية أميركية وبريطانية مشتركة، تهريب أسلحة وصواريخ إيرانية كانت في طريقها إلى ميليشيا الحوثي، ذراع طهران في اليمن، زار وفد أمريكي رفيع المستوى محافظة المهرة، الحدودية مع سلطنة عُمان لبحث جهود مكافحة التهريب والإرهاب.
هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها ضبط قوارب صغيرة قادمة من إيران وتحمل على متنها أسلحة ومخدرات متوجهة صوب الميليشيات الحوثية عبر تهريبها لسواحل محافظة المهرة أو محافظة الحديدة الخاضعة لسيطرتها.
وفي منتصف يناير/كانون الثاني الماضي، أعلنت القوات البحرية الفرنسية ضبط زورق محمّل بالأسلحة قبالة الساحل اليمني، على متنه بنادق وصاروخ مضاد للدبابات. ومطلع ذات الشهر أعلنت البحرية الأمريكية اعتراض سفينة صيد في خليج عمان كانت تحمل أسلحة إيرانية في طريقها إلى اليمن.
خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، اعترضت القوات البحرية الدولية المشتركة نحو 7 شحنات من الأسلحة والمخدرات المقبلة من إيران باتجاه مناطق سيطرة الحوثيين. والكثير من عمليات التهريب المحبطة ارتبطت بشكل كبير خلال الفترة الماضية باسم محافظة المهرة التي تمتلك شريطاً ساحلياً كبيرا قريبا من خليج عمان مطلا على بحر العرب، وحدودا برية مع سلطنة عُمان المجاورة.
تحرك أمريكي جاد
استغلت إيران سواحل ومنافذ محافظة المهرة البحرية والبرية كنقطة رئيسية لتهريب المخدرات والأسلحة -عبر حلفائها المحليين في المحافظة وآخرين متواجدين في سلطنة عُمان.
هذا الأمر دفع بقيادة القوات المشتركة البحرية المنتشرة في المياه الدولية بخليج عمان وبحر العرب بقيادة الولايات المتحدة الأميركية إلى التحرك الجاد نحو العمل على تأمين هذه النقطة ومساعدة الجهات اليمنية والتحالف العربي لتأمين الشريط الساحلي والبري للتصدي لعمليات التهريب الواسعة التي تقودها طهران لصالح الحوثيين.
والتقت قيادة السلطة المحلية بالمهرة، ممثلة بالمحافظ محمد علي ياسر، السفير الأمريكي لدى اليمن، ستيفن فاجن، وقائد الأسطول الأمريكي الخامس الجنرال كوبر وعدد من المسؤولين الأمريكيين، لتوحيد جهود مكافحة التهريب.
الاجتماع عقد في مقر التحالف العربي في الغيظة وحضره رئيس مصلحة خفر السواحل اللواء الركن خالد علي القملي، وركز على جهود مكافحة تهريب الأسلحة والمواد المخدرة الإيرانية إلى اليمن.
وناقش اللقاء "جهود مكافحة تهريب الأسلحة والمخدرات، بالإضافة إلى تعزيز سبل التعاون والتنسيق وبناء القدرات لمصلحة خفر السواحل للإسهام في تعزيز الأمن البحري وحرية الملاحة الدولية في المنطقة، خاصةً مع استمرار إيران لزعزعة أمن واستقرار المنطقة وتصديرها لشحنات السلاح النوعي لميليشيا الحوثي، والتي كان آخرها السلاح الإيراني النوعي الذي ضبطته البحرية البريطانية بتاريخ 23 فبراير في خليج عمان وهو في طريقه إلى السواحل اليمنية".
وأشار المحافظ ابن ياسر إلى "أهمية الدور الأمريكي لليمن في ظل ظروف الحرب وتداعياتها"، مثمنا "دعم الولايات المتحدة لليمن ووقوفها إلى جانب الحكومة الشرعية في تطبيع الأوضاع وإحلال السلام"، وفق إعلام السلطة المحلية في المهرة.
وخلال اللقاء، أشار السفير الأمريكي إلى أن "الزيارة تأتي لإظهار دعم الولايات المتحدة لليمن ولمحافظة المهرة وتعزيز العديد من الجوانب كالدعم في المجال الأمني ومكافحة التهريب والإرهاب".
الخبراء يوصون بالتشديد
في التقرير الأخير لفريق الخبراء الأمميين التابعين للجنة العقوبات المشكَّلة من قبل «مجلس الأمن» بشأن اليمن، شدد على تكثيف جهود مكافحة تهريب الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين، التي قال إنها تجري بوتيرة وتدفق عبر الطرق البرية والبحرية.
وأوصى تقرير فريق الخبراء أعضاء مجلس الأمن بإجراء التحقيقات حسب الأصول في الحالات التي ضبطتها القوات البحرية وقوات خفر السواحل الدولية في المياه الدولية، حتى يتسنى أن تقدم الجناة إلى العدالة.
وطالب فريق الخبراء «مجلس الأمن» بأن يدعو الدول الأعضاء إلى تحسين تبادل المعلومات بشأن المضبوطات البحرية من الأسلحة والذخائر والمواد ذات الصلة مع حكومة اليمن والقوات البحرية الدولية العاملة في بحر العرب والبحر الأحمر، والأطراف المعنية الأخرى من قبيل «مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة»؛ للسماح بالملاحقة القانونية للمهربين المحتجزين في اليمن.
وقال الفريق: إن نمط إمداد الحوثيين بالأسلحة ظل في 2022 دون تغيير كبير، إذ تم تهريب غالبية الأسلحة والذخائر والمواد ذات الصلة باستخدام السفن الشراعية التقليدية وقوارب أصغر حجماً في بحر العرب، حيث يحقق الفريق في 7 حالات جديدة للتهريب البحري، يشمل بعضها الاتجار بالأسمدة وغيرها من المواد الكيميائية التي يمكن أن تُستخدم لصنع المتفجرات وعنصر مؤكسد في صنع الوقود الصلب.
وأوضح الفريق أنه، على عكس الأسلحة والذخائر التي يتم نقلها عادة إلى الشواطئ الواقعة في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية اسمياً في الجنوب الشرقي -في إشارة لمحافظة المهرة- يتم تهريب المواد الأخرى عبر جيبوتي إلى الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون في البحر الأحمر.
وأفاد بأنه يحقق في تهريب حاويات إطلاق لقذائف موجهة مضادة للدبابات، أُخفيت داخل شاحنة تجارية عبر الحدود البرية مع عُمان، وأنه حدد شبكة من الأفراد المرتبطين بالحوثيين في اليمن وعُمان تقوم بتجنيد أفراد الطواقم وتسهيل حركتهم عبر الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة، وتوفير المركبات والقوارب لهم.
وقال فريق الخبراء: إنه يتمسك بموقفه الثابت بأن بعض الأسلحة المضبوطة، مثل: القذائف الموجهة المضادة للدبابات التي تم ضبطها على الحدود العمانية، تتطابق من حيث خصائصها التقنية وعلاماتها مع تلك المصنَّعة في إيران، في حين يُحتمل أن تكون أسلحة، مثل البنادق الهجومية والذخيرة التي ضُبطت في ديسمبر (كانون الأول) 2021، قد وردت أصلاً من دول أعضاء أخرى إلى كيانات في إيران.
الإخوان شركاء إيران في التهريب
تقرير فريق الخبراء «مجلس الأمن» أوصى بدعوة الدول الأعضاء في المنطقة إلى تحسين تبادل المعلومات مع حكومة اليمن بشأن ضبط الأسلحة والذخائر والمواد ذات الصلة، وبشأن الأفراد والكيانات على أراضيها المتورطين في التهريب والاتجار لصالح الحوثيين، للسماح بالملاحقة القانونية للمهربين المحتجزين في اليمن.
وخلال السنوات الماضية، ارتبط اسم القيادي الإخواني المتحوث المدعوم من سلطنة عمان، علي سالم الحريزي، بقيادة شبكات تهريب واسعة من البحر والبر، مرتبطة بالميليشيات الحوثية والتنظيمات الإرهابية.
الحريزي الذي شغل منصب وكيل محافظة المهرة، وبعد قرار إقالته في منتصف عام 2018، تحول في غضون عامين إلى واحد من أكبر مهربي السلاح شرق اليمن، حيث تسيطر ميلشياته على جميع منافذ التهريب البحرية والبرية الواصلة مع سلطنة عمان.
وأسس الحريزي تشكيلا مسلحا في المهرة للانتقام من الحكومة اليمنية والتحالف العربي، وارتبط اسمه بالكثير من الصفقات مع مليشيا الحوثي الانقلابية، خصوصا في جانب تهريب الأسلحة الإيرانية. ولم يكتف الحريزي بتهريب الأسلحة، بل قام بإنشاء معسكرات تدريب لمليشياته من أجل حماية عصابات التهريب، ومهاجمة قوات الأمن والتحالف العربي التي أطلقت عمليات وحملات أمنية وعسكرية لمنع عمليات تهريب السلاح للحوثيين.
وإضافة إلى الحريزي، تتألف عصابة تهريب السلاح والمخدرات في المهرة من أبوبكر صالح بن شمس الجيلاني، وهو قيادي يعمل مع تنظيم القاعدة الإرهابي، وفقا لمصادر متعددة. كما تضم العصابة شخصيات أخرى، منها "عبود هبود قمصيت" و"أحمد محمد قحطان" و"كلشات"، وجميعهم قيادات إخوانية مدعومة من قطر.
عصابات التهريب الإخوانية المنتشرة في المهرة أسهمت في تنامي تدفق الأسلحة الإيرانية والمخدرات إلى الميليشيات الحوثية، وتقوية قدرات هذه الميليشيات عسكرياً ومالياً.
ويدير الحريزي والعصابات الإخوانية عمليات التهريب الإيرانية عبر قوارب صيد صغيرة خشبية لتجنب قصف طيران التحالف، لترسو في منطقة بين (نشطون) و(الغيظة) وبين (قشن) و(حصوين) بمحافظة المهرة، ثم يتم نقلها عبر شبكة من عصابات التهريب عبر الصحراء إلى محافظة حضرموت، ومنها إلى محافظة الجوف، حيث تسلك الشاحنات طرقاً ترابية خوفاً من استهدافها من طيران تحالف دعم الشرعية في اليمن.
وحسب تقرير لجنة الخبراء الأممية، تعتمد المليشيات الحوثية على منافذ المهرة بدرجة رئيسية في تهريب الأسلحة الإيرانية، بالإضافة إلى منافذ مدينة الحديدة غربي اليمن. وتشمل الأسلحة الإيرانية المهربة صواريخ حرارية وصواريخ أرض - جو، بالإضافة إلى مكونات الطائرات المسيرة بدون طيار.
تنسيق قادم لإغلاق منافذ التهريب
مؤخرا أسهمت قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن في تعزيز قدرات الجانب الحكومي في المهرة على إحكام قبضتها على منافذ التهريب، وضيقت الخناق على مهربي الأسلحة والمخدرات، وهو ما أثار حفيظة زعماء التهريب في المحافظة الذين يديرون شبكات تهريب منظمة لصالح إيران والحوثي.
وبحسب مصادر عسكرية في محور الغيظة، فإن هناك تنسيقات مشتركة قادمة مع القوات الدولية المنتشرة في المياه الدولية ببحر العرب قبالة سواحل المهرة، وإيضا مع قوات التحالف العربي من أجل تعزيز جهود مكافحة التهريب القادمة إلى المحافظة.
وأضافت إن السلطات العسكرية والمحلية وبدعم من تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية جادون في تشديد الإجراءات الأمنية ومكافحة التهريب، وهذا يؤكده إحباط عمليات تهريب خطيرة آخرها في شهر يناير الماضي عقب إفشال تهريب محركات طائرات مسيرة كانت قادمة من سلطنة عمان وتحت وثائق مزورة تابعة لشركة اتصالات يمن موبايل في صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وكان مركز المهرة الإعلامي نشر الكثير من البيانات والتقارير حول تمكن إدارة البحث الجنائي بالمحافظة من إحباط عمليات تهريب عديدة بالتنسيق مع قوات خفر السواحل والتحالف العربي. بينها ضبط زورق يحمل قرابة 1000 كيلوغرام من المخدرات وعلى متنه ستة بحارة إيرانيين وباكستانيين.
وفي تصريح لنائب مدير عام الأمن والشرطة بالمهرة العقيد الركن أحمد علي رعفيت أكد أن الأجهزة الأمنية ماضية قدما في مكافحة هذه "الآفة"، وأنها تعمل بوتيرة عالية لمتابعة المجرمين وضبطهم أينما كانوا في البر أو البحر.
ويؤكد المحللون والخبراء أن شحنات الأسلحة والمخدرات المتجهة لليمن تؤكد بشكل قطعي على تصميم إيران على دعم العنف والحرب في اليمن، وأن الحد من عمليات التهريب يتطلب جهدا جديا من قبل المجتمع الدولي والدول الكبرى التي تتمتع بالقدرة على متابعة ومراقبة ممرات التجارة في البحر وقبالة السواحل اليمنية.
وعلى الرغم من تكثيف التواجد الأمني الدولي في البحر الأحمر وخليج عمان وبحر العرب، إلا إن هذه الشبكات لا تزال فعالة ونشطة، بحسب ما أكده فريق الخبراء البارزين التابع للأمم المتحدة في تقاريره للأعوام السابقة. وأشارت تقارير الخبراء إلى أن هذه الشبكات قد مكنت الحوثيين من امتلاك "تقنية الطائرات المسيرة والصورايخ البالستية التي يستخدمونها لاستهداف اليمن ودول الجوار والمصالح الاقتصادية اليمنية والعالمية".