تداعيات الحرب على القطاع النفطي.. جرائم الحوثي تضاعف فاتورة السلام

إقتصاد - Monday 17 April 2023 الساعة 12:09 pm
المخا، نيوزيمن، خاص:

وسط ضجيج الحراك الذي تشهده اليمن مؤخراً بهدف إيجاد تسوية سلمية تنهي الحرب والصراع في البلد والذي تسبب بأكبر كارثة إنسانية بحسب الأمم المتحدة، يبرز حجم التحدي في نجاح هذه المهمة جراء الفاتورة الثقيلة لما خلفته الحرب خلال السنوات الثمان الماضية على مختلف الملفات.

الملف الاقتصادي يمثل واحداً من أهم هذه التحديات قياسياً إلى حجم التداعيات التي ألحقتها الحرب بالوضع الاقتصادي في اليمن، وبدا ذلك واضحاً، بعد أن باتت قضايا هذا الملف أكثر نقاط الخلاف في المشاورات الدائرة بين جماعة الحوثي والسعودية بوساطة عُمانية وآخرها في صنعاء الأسبوع الماضي.

حيث مثل بند الرواتب وتوحيد العملة والبنك المركزي أهم نقاط الخلاف في هذه المشاورات، رغم التوافق المبدئي حولها، إلا أن تفاصيلها التنفيذية لا تزال محل خلاف، وبخاصة موضوع صرف الرواتب بمناطق سيطرة جماعة الحوثي من عائدات النفط والغاز.

وبعيداً عن طبيعة الخلاف حول بند الرواتب كمسألة حصرها في كشوفات 2014م وللموظفين المدنيين فقط في حين تصر جماعة الحوثي على أن يشمل العسكريين والأمنيين، إلى جانب رفض بعض القوى كالمجلس الانتقالي الجنوبي على صرفها من عائدات النفط والغاز المنتج والمصدر من المناطق المحررة، إلا أن الصعوبة في هذا الجانب تتجاوز كل ذلك.

صعوبة تتمثل في الوضع المتدهور الذي يعاني منه القطاع النفطي في اليمن بسبب تداعيات الحرب التي أشعلتها جماعة الحوثي عام 2015م، وعدم نجاح محاولات الحكومة الشرعية منذ استئنافها للإنتاج والتصدير في 2017م في استعادة مستوى الإنتاج لما كان عليه الوضع قبل انقلاب الجماعة في 2014م.

ورغم عدم إفصاح الحكومة طيلة هذه السنوات عن كشف الإنتاج اليومي الحقيقي بتقارير رسمية، إلا أن تصريحات لمسئوليها تقول بأنه يتراوح بين 60-70 ألف برميل، في حين يقول أحدث تقرير لمنظمة الدول العربية المصدرة للنفط "أوابك" بأنه وصل إلى 95 ألف برميل يومياً عام 2020م.

وتظل هذه الأرقام أقل من مستوى الإنتاج النفطي قبل انقلاب جماعة الحوثي في سبتمبر 2014م، والذي وصل إلى نحو 167 ألف برميل، و184 ألف برميل عام 2013م، في حين كان ذروة إنتاج اليمن من النفط عام 2002م والذي وصل إلى 439 ألف برميل يومياً.

تدهور كبير في مستوى إنتاج النفط باليمن خلال العقدين الماضيين يعود سببه الرئيسي إلى مغادرة الشركات النفطية الأجنبية جراء الحروب والنزاعات والتي بدأتها جماعة الحوثي بالتمرد في صعدة عام 2004م، وصولاً إلى تفجيرها في المحافظات عام 2015م.

وهو ما يؤكده رئيس هيئة استكشاف وإنتاج النفط المهندس/ خالد باحميش في إفادة له إلى لجنة برلمانية شُكلت في فبراير الماضي لتقصي الحقائق بشأن ما أثير عن بيع بعض القطاعات النفطية، قائلاً بأن ذروة إنتاج اليمن من النفط جاء في ظل وجود الشركات الأجنبية، وأن الشركات الوطنية التي حلت مكانها لم تعمل على تطوير الإنتاج. بل أنها فشلت حتى في الحفاظ على سقف الإنتاج من الحقول النفطية في عهد الشركات الأجنبية.

ويرجع باحميش أسباب هذا الفشل إلى ما تتطلبه الصناعة النفطية من قدرات مالية عالية جداً وتقنيات وتكنولوجيا حديثة إلى جانب رأس مال كبير لا تملكها الشركات الوطنية المحلية، مستشهداً بما قامت به شركة "كالفالي" الكندية في شبوة من أعمال تطوير وحفر واستكشاف أدت إلى زيادة في الإنتاج مقارنة بالشركات الوطنية.

وتعد شركة "كالفالي" الكندية إلى جانب "أو إم في" النمساوية، الشركتين الاجنبيتين اللتين عاودتا العمل في اليمن عقب 2015م، إلا أن بقاءهما بات محل شك عقب الهجمات التي شنتها مليشيات الحوثي على موانئ تصدير النفط في أكتوبر من العام الماضي، والذي أجبر شركات الإنتاج على وقف العمل. 

وجاءت هذه الهجمات "لتزيد الطين بلة"، كما يقال، حيث جاءت هذه الهجمات في ظل توجه لشركة "أو إم في" النمساوية لمغادرة اليمن ومحاولة بيع القطاع النفطي الذي تشرف عليه في شبوة لإحدى الشركات وقُوبل بالرفض من الجانب الحكومي، في حين تشير مصادر إلى أن شركة "كالفالي" الكندية بدأت بالتفكير في مغادرة اليمن. 

وبالعودة إلى ما قاله رئيس هيئة استكشاف وإنتاج النفط المهندس/ خالد باحميش في إفادة للجنة برلمانية، فإن تحسن مستوى الإنتاج مرهون بدخول شركات نفطية أجنبية إلى اليمن لتحسين الإنتاج من الحقول الحالية وإدخال حقول جديدة، وهو ما يبدو مستحيلاً في ظل التهديدات الحوثية.

تداعيات ووضع صعب يعاني منه القطاع النفطي في اليمن جراء الحرب التي فجرتها جماعة الحوثي، ولن تتوقف باتفاق سلام مع الجماعة، فمعالجات الضرر الذي لحق بهذا القطاع يتطلب استقراراً لفترة زمنية أطول، وقبل ذلك نوايا حقيقية من الجماعة نحو السلام وعدم العودة لإشعال الحروب.