"من الميناء إلى الصراف".. رموز "السيادة" وكارثة العملة المطبوعة

تقارير - Thursday 15 June 2023 الساعة 08:17 am
عدن، نيوزيمن، عمار علي أحمد:

في لقائه التلفزيوني مع قناة "اليمن" الرسمية، وصف محافظ البنك المركزي أحمد غالب المعبقي لجوء حكومة الشرعية عقب الحرب لطباعة العملة بدون غطاء نقدي من العملة الصعبة بأنها "نكسة اقتصادية".

هذه النكسة الاقتصادية التي يؤكد محافظ البنك بأنها السبب الرئيسي للوضع الاقتصادي المتدهور وانهيار العملة بالمحافظات المحررة، أقدمت عليها حكومة الشرعية أواخر عام 2016م عقب قرار الرئيس السابق هادي بنقل مقر البنك المركزي إلى عدن.

ورغم أن الأمر جاء في ظل غياب غطاء نقدي من العملة الصعبة إلا أن المبررات كانت حينها بأنها ضرورة لمواجهة الأزمة الحادة في السيولة النقدية عقب قرار النقل، إلا أن الأمر لم يكن كذلك كما يقول محافظ البنك.

فبحسب الرجل، فإن الحكومة اعتمدت بشكل كامل على طباعة العملة لتمويل نفقاتها من عام 2016م واستمر الأمر حتى أواخر 2021م، أي لنحو 6 سنوات وبكميات ضخمة، فاقت الـ2500 مليار ريال، وهي حجم الكتلة النقدية حالياً بالمناطق المحررة، كما يقول.

وما عمق من كارثية الأمر كان قيام الحكومة وإدارة البنك بطباعة عملة جديدة بدلاً من طباعة العملة القديمة كما كان الأمر في البداية، وهو الإجراء الذي سهل على جماعة الحوثي أواخر 2018م منع تداولها في مناطق سيطرتها.

منع الجماعة الحوثية للعملة الجديدة، أنتج انفصالاً مالياً في اليمن وقسم البلاد إلى بلدين وعملتين، كما يقول المعبقي، وحصر كتلة نقدية كبيرة تقدر بـ2500 مليار ريال في جزء من البلد "المناطق المحررة"، وكتلة نقدية صغيرة متهالكة ولا تتجاوز الـ 800 مليار في الجزء الآخر من البلد "مناطق سيطرة الحوثي"، وأنتج الأمر فارقاً كبيراً في سعر الصرف للعملتين أمام العملات الصعبة.

لا توقف كارثية الأمر عند ذلك الحد، بل يضيف محافظ البنك وصفاً ساخراً لشكل تعامل وإدارة حكومة الشرعية لعملية طباعة العملة المحلية خلال السنوات الماضية، ويلخصها بعبارة "من الميناء إلى الصراف"، في تعبير كارثي وصادم.

فالرجل يكشف بأن كميات العملة المطبوعة التي كانت تصل إلى ميناء عدن على دفعات لم تكن حتى تصل إلى خزائن البنك المركزي في عدن، بل تذهب مباشرة إلى شركات ومحلات الصرافة، التي باتت اليوم تتحكم بالكتلة النقدية بالمحافظات المحررة والتي تجاوز عددها الـ1000، في حين أن المرخص لها من قبل البنك المركزي 320 فقط، كما يقول المحافظ.

يقدم المحافظ بهذه "من الميناء إلى الصراف" صورة مكثفة للإدارة الكارثية والعبثية التي اتسمت بها مرحلة الرئيس السابق عبدربه منصور هادي، والتي أنتجت كل هذا الفشل الاقتصادي والسياسي والعسكري في معركة اليمنيين ضد انقلاب مليشيات الحوثي الممولة من إيران.

ووسط هذا المشهد الكارثي والعبثي، فإن أكثر مما يثير الغضب والسخرية هو تقمص دور المعارضة الوطنية والمزايدة بشعارات من قبيل "السيادة" و"مؤسسات الدولة" من قبل بعض مؤسسي هذا المشهد الكارثي ومنها كارثة طباعة العملة التي صنعتها حكومة الشرعية برئاسة أحمد عبيد بن دغر ونائبه الأول عبدالعزيز جباري، ونائبه الآخر أحمد الميسري، ووزراء تلك المرحلة ومنهم صالح الجبواني.

أسماء برزت لاحقاً بعد فقدان مناصبهم الحكومية كـ"رموز وطنية معارضة في وجه عبث التحالف وانتهاك سيادة اليمن واستهداف وحدته وتدمير مؤسسات الدولة"، والتي يعد البنك المركزي إحداها، وهو ذات البنك الذي لم تمر بخزائنه 2500 مليار ريال طُبعت في عهد هذه "الرموز الوطنية"، فقد كانت تصل "من الميناء إلى الصراف".