رد حكومي على محافظ عدن.. إقرار رسمي بعبث وفساد إدارة ملف الكهرباء
السياسية - Monday 19 June 2023 الساعة 05:04 pm
في سياق الازمة المشتعلة بين الطرفين، كشف الرد الصادر عن الحكومة تجاه الاتهامات الموجهة لها من قبل محافظ عدن، عن حجم الفساد والعبث في ملف الكهرباء وفداحة الانفاق المهول بملايين الدولارات مقابل انتاج محدود من الطاقة الكهربائية لا تغطي نصف احتياج المحافظات المحررة.
الرد الذي على هيئة تصريح لـ"مصدر حكومي" نشرته وكالة "سبأ" الرسمية، حاولت من خلاله الحكومة ورئيسها معين عبدالملك الدفاع عن نفسها في وجه الاتهامات التي وجهها وزير الدولة محافظ عدن احمد لملس، بتنصلها من مسؤولياتها في دعم خدمة الكهرباء بالمدينة، عبر تقديم ارقام لما تنفقه الحكومة في هذا الملف.
الا أن حجم الأرقام التي أوردها المصدر وتفاصيلها، يمكن اعتبارها فضيحة بحد ذاتها، حيث تقر الحكومة بأن كلفة توليد الكهرباء في محافظة عدن تبلغ ٥٥ مليون دولار شهرياً في حدها الأدنى، موضحاً بتفصيل أدق بأن الانفاق اليومي لتشغيل الكهرباء وتوليد الكهرباء ليوم واحد في وضعها الحالي في عدن لثمان ساعات يبلغ قرابة 1,8 مليون دولار.
وتتضح ضخامة هذه الأرقام مع مقارنتها بحجم التوليد الحالي للكهرباء في العاصمة عدن والذي لا يتجاوز 300ميجاوات مقابل احمال او طلب على الكهرباء يصل الى 650ميجاوات، وبحسبة بسيطة فان الحكومة تقول بأن تكلفة انتاج الكيلوات الوات الواحد تقدر بـ 0.75 دولاراً ،( أي نحو 975ريالاً بحسب سعر الصرف الحالي).
تكلفة مرتفعة تشير الى وجود مبالغة واضحة من قبل الحكومة في احتساب الانفاق الحقيقي على ملف الكهرباء، وهو ما تقر به "ضمنياً" في تصريح مصدرها الذي يشير الى أن تكلفة الوقود اليومي لكهرباء عدن يتضمن احتساب قيمة النفط الخام المخصص لتشغيل محطة بترومسيلة ، ويشير الى أن قيمته "تقدر ما بين 400 - 600 الف دولار يوميا بحسب أسعار النفط الخام عالميا"، حسب قوله.
وهنا يتبين ان الحكومة تدخل في احتسابها للإنفاق على كهرباء عدن قيمة النفط الخام الذي تزود به محطة بترومسيلة من ميناء النشيمة النفطية في شبوة، على الرغم من انه وقود "محلي" لا يتم استيراده من الخارج كالديزل والمازوت، ما يعد فضيحة بحق الحكومة بقيامها باحتساب وقود المحطة من النفط الخام المنتج من حقول شبوة ومأرب وبالسعر العالمي، بدلاً من حساب تكلفة الإنتاج والنقل من شبوة الى عدن.
وبعيداً عن صحة الرقم الذي تقدمه الحكومة للتكلفة اليومية لكهرباء عدن والمناطق المحررة، تظل الحقيقة متمثلة في أنها تكلفة مرتفعة وباهظة الثمن بسبب الاعتماد على مولدات "الديزل" الذي يعد الأغلى وتصل متوسط تكلفة انتاج الكيلوات الوات الواحد بين 250-300ريال، مقارنة بنحو 50 – 70 ريالا لوقود الغاز الطبيعي، في حين لا تتجاوز 15 ريالاً بالنسبة للطاقة الشمسية وهي تكلفة تشغيل وصيانة فقط، وهي بدائل وحلول رخيصة لإنتاج الكهرباء لم تعمل عليها حكومات الشرعية منذ 8 سنوات.
وفي حين تبرر وتتعذر حكومات الشرعية بالظروف الصعبة وضعف الموارد، تقر بانفاقها لمئات ملايين الدولارات لشراء وقود الديزل والمازوت، وباعتراف المصدر الحكومي الذي قال بأن حكومة معين عبدالملك أنفقت "150 مليون دولار لتوفير وقود الكهرباء منذ انتهاء منحة المشتقات النفطية السعودية الثانية في مارس الماضي"، وهو رقم يوازي تكلفة مشروع انشاء محطة مأرب الغازية التي اقامتها الحكومة عام 2009م بقدرة 341 ميغاوات وبتكلفة إجمالية تبلغ 159 مليون دولار.
كما أن تباهي الحكومة بإنفاق 150 مليون دولار لتوفير وقود الديزل والمازوت للمحطات الكهرباء ولـ 3 أشهر فقط، يثير التساؤل والاستغراب من مماطلتها في دفع ربع هذا المبلغ من أجل انهاء مشروع تصريف الطاقة منذ أكثر من عام والذي يمنع دخول محطة بترومسيلة حتى اليوم بكامل طاقتها المقدرة بـ 264ميجاوات ، وكذا صيانة المحطة القطرية 60 ميجاوات المتوقفة منذ أكثر من 6 سنوات.
تقاعس ومماطلة تسببا في حرمان عدن أكثر من 200ميجاوات كان يمكن انتاجها من المحطتين بوقود الغاز او النفط الخام الذي تعمل عليه المحطتان ولا يكلف الحكومة اكثر من عملية نقله من شبوة الى عدن، وسيعمل على خفض أكثر من ثلثي العجز الحالي الذي تعاني منه منظومة التوليد بالعاصمة عدن.