غلاء فاحش وعزوف المواطنين.. تدهور العملة يشعل أسعار الأضاحي

إقتصاد - Sunday 25 June 2023 الساعة 03:35 pm
لحج، نيوزيمن، محيي الدين الصبيحي:

لم يعد الحصول على شراء الأضاحي أمراً هيناً عند الكثير من الأسر اليمنية، في ظل الانهيار الاقتصادي وتدهور العملة المحلية، الذي قضى على الكثير من الطقوس التي اعتاد اليمنيون على مصاحبتها خلال مناسبة عيد الأضحى المبارك.

فأضحية العيد أصبحت صعبة وصعب المنال للكثيرين، وبات أرباب الأسر يبحثون عن البدائل لقضاء العيد وفقاً للإمكانات المتاحة لهم، بحسب ما أفاد به الحاج فخر عبد الرزاق من سكان بلدة الوازعية في تعز.

ويقول: بات المواطن يجاري العملات الصعبة، فعند حضورك لسوق الوازعية الشعبية للتعرف على أسعار الأضاحي، فأنت تحتاج للتردد عدة أيام، كون الأسعار متأرجحة وتزداد ارتفاعاً مع اقتراب العيد.

الباعة وملاك المواشي يرجعون أسباب ارتفاع أسعار الأضاحي إلى الغلاء المتصاعد في مختلف مجالات الحياة جراء انهيار العملة المحلية الذي انعكس سلبا على الأضاحي، كون الكثير من الأسر المالكة للمواشي تعمد أساسا في عيشتها من بيع الأضاحي في العيدين.

وعند زيارتك إلى أسواق الأضاحي في مختلف المحافظات المحررة تجد ركوداً كبيراً في عملية البيع والشراء، وبات المتسوقون يأتون فقط للتعرف على الأسعار ويعودون خالي اليدين دون شراء بسبب الارتفاع الجنوني في الأسعار.

يقول المحمدي تاجر المواشي المعروف في مدينة المكلا لـ"نيوزيمن": هذا العام الحركة قليلة جدا منذ دخول أيام العشر من ذي الحجة، في مثل هذه الأيام تكون الأسواق مكتظة وعملية الشراء والبيع متصاعدة حتى ساعات المساء من يوم ليلة العيد.

ودافع المحمدي عن ارتفاع أسعار الأضاحي بالقول: نحن أرباب أسر مصدر دخلنا الوحيد هو بيع المواشي، وموسم الأعياد هو الموسم الوحيد لنا، لافتا إلى أن عملية تربية المواشي تكلفهم الكثير من الأموال خصوصا وأنهم يشترون الغذاء من حبوب وبر وغيره من العلف المناسب للمواشي لأجل الحصول على ماشية ولحوم متميزة.

وبالعودة للمواطن الحاج فخر يوضح أنه ذهب مع بعض أصدقائه إلى السوق وتفاجأ بالأسعار الخيالية للأضاحي من (الخراف، أو الماعز)، لافتا إلى أنه ليس هناك رقيب، وكل شخص يتعذر بسعر صرف الريال السعودي الذي ارتفع مؤخرا، في وقت يبحث المواطن عن الأشياء الرخيصة وفق طاقاته وقدراته.

في محافظة عدن يشترك أحمد القادري مع شقيقه في شراء أضحية العيد كون مرتبه في قطاع التربية والتعليم لا يغطي احتياجات منزله الشهرية فكيف بالأضاحي التي تتجاوز قيمة مرتبه.

وأضاف: قمت أنا وشقيقي بالاشتراك لشراء أضحية عيد خروف بمبلغ وصل إلى نحو 150 ألف ريال. 

وفق القادري هناك من الأسر في عدن تعيش أوضاعاً مزرية ولا تستطيع شراء الأضاحي وأسر تكتفي بشراء كيلو إلى اثنين كيلو لملامسة تلك الفرحة العيدية. 

وتابع حديثه: وما يفاقم المعاناة أيضا هو انقطاع وضعف التيار الكهربائي وعدم إمكانية خزن اللحم في الثلاجات، وهذا أيضا أحد العوامل التي لا تدفع البعض لتكلف شراء الأضاحي في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها المدينة. 

ترى إدارة الإحصاء الزراعي بوزارة الزراعة اليمنية أن اليمن تنتج سنويا 186 ألف طن من اللحوم، بيد أن هذه الكمية من اللحوم المنتجة محليا لا تغطي الطلب الاستهلاكي المحلي، الأمر الذي خلق فجوة غذائية يتم سدها عن طريق استيراد اللحوم المجمدة والحية ومشتقاتها لتلبية احتياجات السوق المحلية.

ووفقا لكتاب الإحصاء الزراعي فإن الثروة الحيوانية في اليمن تبلغ 21 مليون رأس منها 9.6 مليون رأس من الأغنام و9.3 ملايين رأس من الماعز و1.7 مليون رأس من الأبقار و454 ألف رأس من الإبل.

من جهتها قالت منظمة الأغذية والزراعة الفاو، إن اليمن تستهلك 370 ألف طن من اللحوم وتحتل المرتبة 13 عربيا و138 عالميا في استهلاك اللحوم وبمعدل 16 كيلوجراما استهلاك الفرد سنويا من إجمالي استهلاك اللحوم لكنه مع تردي الاوضاع المعيشة التي خلفتها الحرب تراجع استهلاك اليمنيين للحوم التي كانت تقدر سنويا في السابق بما قيمته 200 مليون دولار سنويا.

في محافظة صنعاء ينتظر المعلم علي غانم مكرمة من بعض الجمعيات الخيرية التي تقوم بتوزيع الأضاحي في هذه المناسبة. حيث يأمل غانم أن يحصل على هذا الدعم لأفراد أسرته كون مرتبه منقطعا منذ أكثر من 6 سنوات، ولا يوجد لديه مصدر عيش آخر. 

وأشار إلى أنه يعمل في أعمال حرة لا تساعده في شراء أضحية العيد، ناهيك عن احتياجات الأطفال لتوفير ملابس العيد التي هي الأخرى ارتفعت بشكل جنوني بحجة ارتفاع الصرف وأن الشراء يتم بالعملة الصعبة وعدم ثبات السعر وتقلبه وهو الأمر الذي انقلب عكسا وتحمل تبعاته المواطن الغلبان.

الوضع في صنعاء لا يختلف حاله عن باقي المحافظات غير المحررة التي تسيطر عليها المليشيا الحوثية، فالكل يشترك في عدم صرف مرتباتهم من قبل المليشيا التي نهبت إيرادات الدولة وحرمت الموظفين من أبسط حقوقهم. إلى جانب الإتاوات والجبايات التي تفرضها على تجار المواشي والذي انعكس بصورة سلبية على ارتفاع أسعارها في السوق.

في حضرموت، شرق اليمن، بسبب منع السلطات تربية المواشي في المدن كما يقول محمد برعود، اضطر الكثير من الأسر إلى بيع ماشيتها خشية تعرضها للإجراءات القانونية في الأحياء السكنية داخل مدينة المكلا واقتصرت عملية تربية المواشي على أطرافها وبعيدا عن الأنظار.

وأوضح أن هناك أسراً قليلة تربي المواشي، وهذا الأمر جعل الكثير من الأسر تتحمل تكاليف الشراء الباهظة التي تفوق قدرات السكان.

وأشار، في حديثه، إلى أنه خلال العام المنصرم اشترى أضحية العيد السابق بالتقسيط من خلال إحدى المؤسسات، حيث يدفع القيمة الإجمالية على مراحل وهي الطريقة التي يفضلها الغالبية ممن يضحون في حضرموت نظراً لصعوبة الشراء في ظل الظروف الحالية للبلد وحتى اللحظة.