تحليل: هل ستنضم العراق إلى عُمان لكسر جمود التسوية السياسية في اليمن؟

تقارير - Tuesday 25 July 2023 الساعة 08:05 am
المخا، نيوزيمن، خاص:

في المؤتمر الصحفي الذي عقده وزيرا خارجية اليمن والعراق، الأحد في بغداد، قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين: إن بلاده على استعداد لـ"التحرك والمساهمة في حلّ أزمة اليمن عبر الحوار".

السبت الماضي وصل بن مبارك بغداد في "زيارة رسمية إلى دولة العراق، على رأس وفد رفيع، تلبية لدعوة من نظيره العراقي فؤاد محمد حسين"، حسبما ذكرت وكالة سبأ -النسخة الحكومية- وبحسب الوكالة، فإن هذه الزيارة الرسمية الأولى لوزير خارجية يمني منذ سنوات، ويتضمن برنامج الوزير بن مبارك خلالها "جلسة مباحثات سياسية مع نظيره العراقي، بهدف رفع مستوى التعاون والتنسيق والتشاور إزاء القضايا ذات الاهتمام المشترك". كما سيعقد على هامش الزيارة، "لقاءات مع عدد من المسؤولين العراقيين رفيعي المستوى"، لاطلاعهم على مستجدات الأحداث في اليمن، و"بحث العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين والسبل الكفيلة بتعزيزها وتطويرها".

التقى بن مبارك خلال الثلاثة الأيام الأولى من الزيارة كلا من: وزير الخارجية العراقي، رئيس الوزراء، رئيس مجلس النواب، كما التقى الرئيس العراقي عبداللطيف رشيد. وفي ثالث أيام الزيارة، ألقى بن مبارك محاضرة "في معهد الخدمة الخارجية (المعهد الدبلوماسي) في مبنى وزارة الخارجية العراقية أمام الدبلوماسيين العراقيين".

عرض حال صريح وحصافة دبلوماسية عالية

في جميع لقاءاته مع المسؤولين العراقيين رفيعي المستوى، كرر بن مبارك عرض "مستجدات الأحداث" في اليمن، متطرقاً إلى "تعنت مليشيا الحوثي في تمديد الهدنة ووقف الحرب ورفضها التعاطي مع الجهود الأممية والإقليمية المبذولة لتحقيق السلام، واستمرارها في ممارسة الانتهاكات بحق الشعب اليمني، خاصة الحرب الاقتصادية" التي تشنها على الحكومة الشرعية واستمرارها في حصار مدينة تعز وقصف موانئ تصدير النفط، و"ممارسة ضغوطها على التجار بعدم استخدام ميناء عدن لاستيراد بضائعهم"، وهو ما أدى إلى وقف أعمال الميناء و"انعكس سلباً على الاقتصاد الوطني والأوضاع الإنسانية في عموم اليمن".

 كما ألمح بن مبارك إلى ما تحتاجه الأوضاع الراهنة في اليمن من ضغط إقليمي ودولي على مليشيا الحوثي للانخراط في مفاوضات السلام بدون شروط تعجيزية وما إلى ذلك من مطالب الحكومة الشرعية أمام المجتمعين الإقليمي والدولي.

مقابل ذلك غلب على الردود المعلنة من المسؤولين العراقيين، في وكالتي الأنباء اليمنية والعراقية، لغة دبلوماسية فضفاضة لا تؤكد شيئاً ولا تنفيه، باستثناء تصريح نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية، فؤاد حسين الذي تناقلته وسائل إعلام عربية أخرى عن المؤتمر الصحفي للوزيرين.

إضافة إلى إبدائه استعداد العراق للعب دور إيجابي في حل أزمة اليمن عبر الحوار، قال فؤاد حسين: إن العراق أيضاً ترغب في إعادة فتح سفارتها في صنعاء "بعد تحقيق الأمن والاستقرار في اليمن". وفي طيات هذا التصريح هناك ما يمكن اعتباره موقفا عراقيا رسميا يتفادى بوضوح استعداء جماعة الحوثيين، ذراع إيران في اليمن، من خلال الدعم الكامل للحكومة الشرعية. وبالرغم من أن بن مبارك اعتبر زيارته هذه بمثابة "مقدمة للارتقاء في العلاقات الثنائية" بين اليمن والعراق، جاء الرد العراقي بأن بغداد سوف تدعم "أي جهد سياسي يدفع لاستقرار الأوضاع في اليمن". وبينما رحب بن مبارك بزيارة أي وفد عراقي إلى اليمن، قال حسين: "نتطلع لإرسال وفد عراقي إلى اليمن لمتابعة أوضاع الجالية العراقية"!، في تباين واضح بين طبيعة الوفد السياسي الذي قصده بن مبارك في ترحيبه وبين طبيعة الوفد الاجتماعي الذي أبدى حسين استعداد وزارته لإرساله إلى اليمن.

دلالة الزيارة ونتائجها المتوقعة

جاءت زيارة بن مبارك إلى العراق في توقيت لا تزال فيه مليشيا الحوثيين تمارس تصعيداً عسكرياً ضد الحكومة الشرعية وحصاراً اقتصادياً على المناطق المحررة، ومن تفاصيل هذه الزيارة تتضح مجموعة من الدلالات السياسية، أبرزها احتمال وارد بأن تنضم العراق إلى سلطنة عمان في دعم المفاوضات السياسية التي كانت بدأتها المملكة العربية السعودية مع مليشيا الحوثيين في أبريل الماضي، قبل أن تتعثر هذه المفاوضات بسبب تعنت المليشيا الحوثية في وضع شروط تعجيزية وتصعيدها باتجاه استئناف الحرب.

ومن بين المؤشرات على احتمال انضمام العراق إلى عمان كأبرز دولتين عربيتين تحتفظان بعلاقات جيدة مع المليشيا الحوثية، حضور سفير العراق لدى سلطنة عمان في معظم اللقاءات التي أجراها الوزير بن مبارك مع المسؤولين العراقيين. ومن شأن انضمام العراق إلى قائمة الدول التي يمكنها إحداث تأثير على المليشيا الحوثية أو ممارسة الضغط عليها، أن يحرك المفاوضات المتعثرة بين الأخيرة وبين المملكة العربية السعودية، لكن ذلك ليس أكيداً حتى الآن، خاصة أن مليشيا الحوثي أعلنت بالتزامن مع زيارة بن مبارك إلى بغداد أن المفاوضات توقفت، وهذا ما قد يكون إعلانا استباقيا تحسباً لأي وساطة عراقية محتملة.

عملياً ليس هناك ما يعتبر إنجازا سياسيا في نتائج زيارة بن مبارك إلى العراق. فحتى "اتفاقية التشاور السياسي" التي أعلنت وكالة سبأ -النسخة الحكومية- أن وزير الخارجية بن مبارك وقعها مع نظيره العراقي، "تعتبر منصة رئيسية لبحث مجالات التعاون وتنسيق المواقف السياسية إزاء القضايا ذات الاهتمام المشترك والتعاون الثنائي في مجال التدريب الأكاديمي الدبلوماسي"، بحسب الوكالة نفسها.