في عملية تستمر 19 يوماً.. بدء ضخ النفط من "صافر" إلى الخزان البديل "يمن"

تقارير - Tuesday 25 July 2023 الساعة 07:11 pm
الحديدة، نيوزيمن، خاص:

الساعة الـ10 و45 دقيقة -بتوقيت اليمن- من صباح الثلاثاء 25 يوليو 2023؛ توقيت تاريخي بالنسبة للأمم المتحدة وللبيئة اليمنية وبيئة البحر الأحمر والدول المطلة عليه عموماً. في هذا التوقيت بدأت شركة "سمت" التابعة لمجموعة "بوسكالز" الهولندية ضخ النفط من الخزان البحري المتهالك "صافر" إلى الخزان البديل الذي تم تحويل اسمه من "نوتيكا" إلى "يمن" -كما أفاد بيان أممي.

منذ حوالي عامين سعت الأمم المتحدة إلى إنقاذ البيئة البحرية لليمن ودول البحر الأحمر من انفجار محتمل للخزان البحري المتهالك أو تسرب النفط منه إلى البحر. أكثر من مليون و100 ألف برميل كان يمكن أن تتسبب بكارثة بيئية ستستغرق معالجتها ما يقارب ربع قرن من الزمن، وستبلغ كلفة خسائرها 20 مليار دولار، بحسب تقارير الأمم المتحدة.

بحسب بيان الأمم المتحدة، سوف تستغرق عملية ضخ النفط من السفينة المتهالكة إلى السفينة البديلة قرابة 19 يوماً، وهي عملية جرى التحضير الميداني لها خلال 55 يوماً منذ وصلت السفينة البديلة في 30 مايو الماضي. 

وبمناسبة تدشين عملية ضخ النفط بين السفينتين، كشف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن الأمم المتحدة "تحملت المخاطرة بإجراء هذه العملية بالغة الدقة" في ظل "غياب أي جهة أخرى لديها استعداد أو قدرة على أداء هذه المهمة". وقال: "إن نقل النفط من سفينة إلى أخرى والذي بدأ اليوم، هو الخطوة الحاسمة في تجنب كارثة بيئية وإنسانية على نطاق هائل".

كما تضمن البيان الأممي تصريحاً لـأكيم ستاينر، الإداري في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، قال فيه إنه "مع كل جالون من النفط يتم ضخه الآن من الخزان العائم صافر، يتراجع خطر التسرب المحتمل الذي يلوح في الأفق على الشعب اليمني وفي واقع البلدان والاقتصادات التي تعتمد على النظام البيئي المشترك للبحر الأحمر". 

وأضاف: "كانت التحديات في هذا المشروع ضخمة، ولكن استجابة العديد ممن جعلوا عملية الإنقاذ ممكنة، كانت ضخمة بنفس القدر".

وتضمن البيان أيضاً حديثاً لمنسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة المقيم في اليمن، ديفيد غريسلي، أدلى به أثناء وقوفه على متن سفينة الإنقاذ "نديفور" بالقرب من عملية ضخ النفط. قال غريسلي الذي كلفته الأمم المتحدة بتولي الإشراف على هذه العملية في سبتمبر 2021، إن "نقل النفط إلى الناقلة "يمن" سيمنع أسوأ سيناريو لحدوث تسرب كارثي في البحر الأحمر، لكنها ليست نهاية العملية". فعملية ضخ النفط يفترض أن تتبعها "خطوة حاسمة" تتمثل في "تركيب العوامة كالم التي سيتم ربط السفينة البديلة بها بأمان".

تفاصيل الخزان المتهالك وحدود الكارثة المتفاداة

بحسب الأمم المتحدة، شُيدت الناقلة صافر في عام 1976 كناقلة نفط عملاقة، وتم تحويلها بعد عقد من الزمن لتصبح منشأة تخزين وتفريغ عائمة. ويرسو هذا الخزان العائم على بعد حوالي ثمانية ونصف ميل بحري قبالة ساحل محافظة الحديدة. تم تعليق عمليات الإنتاج والتفريغ والصيانة على متن صافر في عام 2015 بسبب الحرب. ونتيجة لذلك، تدهورت أنظمة السلامة على الخزان وتهالكت بنية السفينة بشكل كبير، وفي غياب نظام فعال لضخ الغاز الخامل في الخزان العملاق يمكن أن يعرضه للانفجار في أي وقت.

وليس الغاز الخامل هو السبب الوحيد الذي كان يمكن أن يتسبب بانفجار الخزان المتهالك "صافر"، فهناك أيضاً احتمال اصطدام لغم بحري عائم بالبنية الهشة للخزان، خاصة مع وجود الألغام البحرية الكثيرة التي زرعتها مليشيا الحوثي خلال سنوات الحرب. أما حدود الكارثة التي تم تفاديها، فتتمثل في تفريغ حمولة الخزان على طول ساحل البحر الأحمر اليمني وباتجاه الدول المجاورة لها، ويمكن أن يصل التلوث الخطير حتى مضيق باب المندب، وقد يصل بعضه إلى ما وراء خليج عدن.

لذلك وضعت الأمم المتحدة خطة إنقاذ عبر مشروع يهدف إلى منع حدوث تسرب نفطي كارثي في البحر الأحمر وآثاره الكارثية المحتملة. وبحسب الخطة الأممية، لم يكن بالإمكان تنفيذ مشروع الإنقاذ إلا "من خلال حشد الأصول اللازمة لعملية الإنقاذ -بما في ذلك ناقلات نفط خام ضخمة (VLCC) وتركيب عوامة إرساء بحرية معتمدة على الشد السلسلي (CALM)- وتفريغ الزيت من خزان النفط العائم "صافر" إلى ناقلات نفط خام ضخمة (VLCC)، مع خطة استجابة منسقة بشكل جيد وجعل خطة الطوارئ لانسكاب النفط في وضع الاستعداد".

وتضمنت الخطة الأممية لمنع التسرب برنامجاً من مرحلتين: 

• في المرحلة الأولى، تنسق الأمم المتحدة نقل النفط من خزان النفط العائم "صافر" إلى سفينة أخرى في أقرب وقت ممكن لمواجهة التهديدات البيئية والإنسانية الفورية.

•  المرحلة الثانية، العمل على تسهيل تركيب وحدة عائمة بديلة لخزان النفط العائم "صافر".

وقد مرت عملية حشد الجهود لتفريغ النفط من خزان "صافر" بعدة مراحل زمنية، بدأت في سبتمبر 2021، بتكليف الإدارة العليا للأمم المتحدة تعليمات منسق الأمم المتحدة المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في اليمن، ديفيد غريسلي، بقيادة الجهود على مستوى منظومة الأمم المتحدة بشأن وضع آلية آمنة للتعامل مع الخزان "صافر" وتنسيق خطط الطوارئ في حالة حدوث تسرب نفطي. 

وبعد شهور من المناقشات مع جميع أصحاب المصلحة والمعنيين، أصدرت الأمم المتحدة خطة تشغيلية منسقة لمواجهة هذا التهديد. 

وشاركت الأمم المتحدة بشكل وثيق مع الحكومة اليمنية في عدن على ضمان توفير الغطاء والدعم للمبادرة. ووقعت سلطات المليشيا الحوثية في صنعاء مذكرة تفاهم مع الأمم المتحدة بهذا الخصوص في 5 مارس 2022. وتضع مذكرة التفاهم إطارًا للتعاون تلتزم بموجبه سلطات صنعاء بتسهيل إنجاح المشروع.

وفي 6 مارس 2022، نظمت الأمم المتحدة عن طريق بعثتها إلى مدينة الحديدة ومحطة رأس عيسى، بالقرب من صافر، جلسة لمناقشة الاقتراح مع السلطات المحلية، والتي أكدت بدورها دعمها للخطة، فيما كان الخبراء والفنيون في البعثة يشددون على خطر وقوع كارثة في أي وقت. وبينما كانت الأمم المتحدة تستعد للبدء في هذا المشروع، ارتفعت تكاليف شراء واستئجار السفن المناسبة لعملية الإنقاذ بما يقدر بأكثر من 25 مليون دولار، مقارنة مع التقديرات الأصلية، جراء العوامل المتعلقة بالحرب في أوكرانيا.

وفي 9 مارس 2023، وقع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي اتفاقية لشراء ناقلة النفط العملاقة "نوتيكا" التي ستنقل النفط من الخزان العائم "صافر"، ما مثل خطوة كبيرة نحو تحقيق خطة الأمم المتحدة. ووصلت الناقلة نوتيكا إلى ميناء رأس عيسى بالقرب من صافر أواخر شهر مايو الماضي.

ميزانية خطة الأمم المتحدة المنسقة

قُدرت ميزانية العملية الأولية بما يعادل 144 مليون دولار، ولكن سرعان ما ازدادت المبالغ المستحقة مع ارتفاع تكاليف ناقلات النفط العملاقة وجراء عوامل أخرى، لتصل ميزانية مرحلة الطوارئ فقط إلى 129 مليون دولار، علما أنه تم جمع مبلغ 99.6 مليون دولار بالفعل، مما يترك فجوة قدرها 29 مليون دولار.

وما زالت الأمم المتحدة مستمرة في جمع المساهمات والتبرعات لمواجهة أي فجوة في الميزانية، سواء خلال المرحلة الأولى أو المرحلة الثانية من العملية. وقالت الأمم المتحدة: إنه سيتم استخدام التبرعات التي تم تلقيها بعد مرحلة طوارئ المرحلة الأولى في المرحلة الثانية، والتي تتطلب مبلغ 19 مليون دولار.