مهرجان زايد التراثي السابع.. الإمارات تبرز الإرث الثقافي لسقطرى

تقارير - Friday 28 July 2023 الساعة 08:59 am
سقطرى، نيوزيمن، خاص:

يشهد مهرجان الشيخ زايد التراثي في أرخبيل سقطرى، تفاعلاً وحضوراً بارزاً من قِبل المواطنين الذين يحرصون على المشاركة في جميع الفعاليات المقامة ضمن برنامج المهرجان الذي جاء هذا العام تحت شعار "تراثنا هويتنا".

أسابيع من المتعة والإبداع والثقافة يعيشها أبناء أرخبيل محافظة سقطرى اليمنية، مع مهرجان الشيخ زايد التراثي الثقافي، في موسمه السابع. ومن خلال ما تضمنه المهرجان من فعاليات ومسابقات لقيت ترحيباً وإشادةً من قِبل المواطنين والزائرين الذين طافوا في أجنحة المهرجان واستمتعوا بما يتم تقديمه.

العروض والإبداعات التقليدية والتراثية والفنية عكست الموروث السقطري الأصيل، وأعطت لمحة بسيطة عن العادات والتقاليد التي يمتاز بها السقطريون. من بين العروض المتميزة معارض الحِرف اليدوية من فخار وأعمال خزفية وكذا المنسوجات التقليدية إلى جانب إبراز العادات السقطرية الأصيلة التي يتحلى بها السكان منذ القدم.

كما أن المهرجان شهد تقديم العديد من المسابقات والعروض الفنية والشعبية والثقافية، من مسابقة الشعر السقطري ومعارض اللوحات والصور والمسابقات الثقافية والغنائية والأزياء والرقصات الشعبية. ولم يغفل المهرجان ما تمتاز به سقطرى من ثروة حيوانية وزراعية وبحرية، فخصص أجنحة لمسابقات التمر السقطري، ومزانية الجمال، والمطبخ السقطري، والأحياء البحرية المتنوعة.

نجاح فريد 

يجري تنظيم المهرجان بمدينة الشيخ زايد 1 بمنطقة ستيرو جنوب محافظة سقطرى، وتستمر فعاليات هذا المهرجان نحو شهرين، وسط دعم كبير وسخي من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة عبر ذراعها الإنسانية مؤسسة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية.

وأشار أحد منظمي المهرجان إلى أن الأشقاء في دولة الإمارات حريصون على إقامة المهرجان كل عام وبطابع فريد ومغاير، وهذا المهرجان بنسخته السابعة شهد تحضيرات وترتيبات كبيرة من تجهيز مكان المهرجان واستاد ربدان الرياضي، إلى جانب تقديم الدعم اللازم للفرق الفنية والرياضية والشعبية التي ستشارك في المهرجان وإحياء العروض والفعاليات.

>> الكهرباء والمياه والزراعة والصحة.. عناوين رئيسية لتنمية الإمارات في الجنوب

وقال: إن هناك جوائز قدمها الأشقاء في دولة الإمارات للفائزين في مختلف المسابقات الثقافية والفنية والرياضية والإبداعية التي يحتضنها المهرجان خلال فترة إقامته. 

الدعم الإماراتي السخي يسهم بشكل كبير في إنجاح المهرجان واستمراره ويساعد القائمين عليه على توسعته كل عام وابتكار مزيد من الإبداعات والفقرات والفعاليات التي تسهم بشكل كبير في إبراز التراث السقطري.

مشاركة واسعة

ويحظى المهرجان بمتابعة شعبية كبيرة، حيث يحرص الكثيرون من أبناء الأرخبيل على الحضور من مناطق بعيدة للمشاركة والاستمتاع بأجواء المهرجان التي تمثل مناسبة هامة اعتاد المواطنون على حضورها وعدم تفويت فعالياتها ومسابقاتها المتنوعة.

المواطن عباس عبدالله، وأثناء تواجده في المهرجان، أكد أن كل عام يتم توسعة فعاليات وبرامج وأجنحة مهرجان الشيخ زايد التراثي في سقطرى، وهذا يدفع الكثيرين للاستمرار في الحضور والاستمتاع والمشاركة بكل ما يتم تقديمه للجمهور. 

وأضاف: إن الأجيال الحالية يجب أن تتعرف على ماضيها القديمة وعلى العادات والتقاليد والموروث التاريخي الذي تكتنزه الجزيرة منذ القدم.

وأشار إلى أن المهرجان يعطي صورة واضحة عن تاريخ الجزيرة وكيف كان يعيش الإنسان السقطري، واستفادته من تربية الإبل والمواشي وزراعة النخيل والأسماك والأحياء البحرية وغيرها من العادات والتقاليد التي يجب الحفاظ عليها ونقلها للأجيال الجديدة ومنع اندثارها.

عروض فنية إبداعية

ومن ضمن أجنحة المهرجان، معرض الفنون التشكيلية الذي قدم العشرات من اللوحات الفنية لمبدعين من أبناء الجزيرة. حيث عرض الرسامون والفنانون التشكيليون عدداً من اللوحات التي تبرز جمال وطبيعة وحضارة سقطرى بألوان زاهية وفريدة لقيت استحسان كل الزائرين لهذا الجناح.

وعبر المشاركون في المعرض عن سعادتهم بأن يكون للمبدعين والموهوبين في الرسم والتشكيل جناح متميز في مهرجان سقطرى، موضحين أن مثل هكذا معارض تسهم في تشجيع الموهوبين لإبراز إبداعاتهم الفنية عبر استخدام الريشة لإبراز جمال سقطرى الخلاب وأماكنها الطبيعية وتراث المحافظة وحضارتها.

وخلال المعرض جرى فتح المزاد لشراء عدد من اللوحات الفنية الجميلة التي تأتي ضمن أهداف المهرجان الرامية إلى دعم وتشجيع الخبرات الفنية السقطرية والمساهمة في تنمية وتطوير الإمكانيات وإثراء الحركة الفنية التشكيلية بالمحافظة.

وأعرب الزائرون للمعرض عن إعجابهم بالأعمال الفنية المعروضة وبالمعرفة التي قُدِّمت للمبتدئين في الرسم، مما حفّز الطلاب على تعلُّم فن التشكيل والرسم لتجسيد بحس فني وطني طبيعة وبيئة وتراث وثقافة وحضارة وتاريخ سقطرى.

كما شهد المهرجان تقديم عدد من العروض والرقصات التراثية التي تمتاز بها سقطرى، قدمتها عدد من الفرق الشعبية المشاركة في المهرجان. وعكست تلك الفقرات الفنية الراقصة مدى التنوع الكبير في التراث والفلكلور الشعبي السقطري، حيث تألقت تلك الفقرات بتقديم العروض والرقصات الساحلية الإبداعية من بينها "الزمل السقطري" و"الردحة" وغيرها من الرقصات التي تمتاز بها مناطق الأرخبيل.

صناعات تقليدية 

يمثل مهرجان الشيخ زايد التراثي في سقطرى فرصة ذهبية للكثير من العائلات التي تعتمد على الصناعة التقليدية كمصدر دخل رئيس، بما في ذلك إعداد الأكلات الشعبية وصناعة الفخار وحياكة الملابس وسعف النخيل.

وهذا العام، حققت أجنحة الحرف اليدوية الرجالية والنسائية، زيارات قياسية من قبل الزوار الذين حرصوا على التعرف على المقتنيات الحرفية والتراث السقطري القديم. ويتنافس عشرات الرجال والنسوة السقطريين على إبراز مهاراتهم في الحرف اليدوية التقليدية، حيث يعرض جناح الرجال أعمال صناعة شباك الصيد القديمة وطُرق حياكتها التي تتميز بمهارة عالية وحساسية فنية، بالإضافة إلى صناعة السكاكين السقطرية ولجام لصغار الماعز وغيرها من الصناعات والعادات التي تعكس نمط حياة الرجال السقطريين وتُمثل جزءًا مهمًا من تراثهم.

وفي جناح الحرف اليدوية النسائية، تنوعت المشغولات المصنوعة من سعف النخيل والأواني الفخارية والخزف والشمالات المُصنعة من صوف الضأن، والتي تمثل جوانب مهمة من حياة النساء السقطريات وكانت تُستخدم قديمًا قبل ظهور الصناعات الحديثة.

وتجيد السقطريات حياكة سعف النخيل لاستخدامه في الحياة اليومية عبر أشكال وتصاميم عدة، منها: "المصرفة" و"مرحت" و"الحصير" وسلة اليد "مسفي" وحافظة الثياب "دقليهو" و"حتمي" وكذلك "الحبل"، فضلا عن فنون حياكة الملابس، ومنها "الغلاق والنقبة" وهي الزي التقليدي للمرأة السقطرية.

وفي صناعة الفخار المنقوشة بشجرة دم الأخوين، عرض نسوة أنواعا عدة يطلق عليها السقطريون "جسفاء" و"كاز" و"فوتي" و"صفلحة" و"زرف" و"مجماره شرحين" و"مجماره عادية" و"صيفع" و"قومه"، وهي أوانٍ طينية لحفظ الماء ومنتجات الحليب والأطعمة.

وتؤكد منسقة الجناح النسوي في الحرف اليدوية والتقليدية بالمهرجان، منار سعد، أن المرأة السقطرية تحرص على مشاركتها في مهرجان الشيخ زايد التراثي كل عام، من خلال عرض وصناعة الحرف اليدوية التي تقوم بصناعتها وتوارثتها عن أمهاتها وأجدادها. وكذلك الأطباق السقطرية القديمة وأقسام الخياطة. وأشادت بتفاعل الجمهور والمتابعين مع مشاركة المرأة، مُثمنة الدعم الإماراتي السخي والرعاية التي يوليها سعادة خلفان المزروعي، في إبراز تراث وثقافة أبناء سقطرى محليًا وإقليميًا ودعم مشاركة المرأة في مختلف المحافل.

من جانبه الحرفي، منير سليم، قال إنه يجيد فن حياكة شباك الصيد، التي تحتاج إلى صبر واتقان، مقدماً لشكر لمؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية على تنظيم المهرجان ودورها في الحفاظ على التراث السقطري العريق والمساهمة في حمايته من الاندثار.

دعم الشباب 

ويستغل المهرجان أيضا، من أجل دعم الشباب والنشء وصقل مواهبهم وقدراتهم من خلال تنظيم عدد من البطولات الرياضية، ودوري خريف نوجد لكرة القدم، وكذا بطولة الطائرة والقفز على الإبل وغيرها من الأنشطة الرياضية التي يجري تنظيمها لنشيط الحركة الرياضية السقطرية.

حرص القائمون على المهرجان على افتتاح دوري الشيخ زايد لكرة القدم بنسخته السابعة، برعاية اتحاد كرة القدم في سقطرى بدعم من مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، وبمشاركة جميع أندية المحافظة. وتحظى هذه الفعاليات الرياضية بمتابعة كبيرة من قبل المواطنين.

ويؤكد القائمون على مكتب الشباب والرياضة في سقطرى، أن الفعاليات الرياضية التي ترافق مهرجان الشيخ زايد التراثي كل عام هي فرصة كبيرة لتنشيط الحركة الرياضية وصقل وتنمية قدرات الشباب في الساحة الكروية وإبراز مواهب الشباب والنشء، موضحين أن الأشقاء في دولة الإمارات يقدمون دعماً كبيراً للأندية والبنية التحتية الرياضية، وهو ما أسهم بالارتقاء بالقطاع الرياضي واستعادة نشاطه بشكل كبير.