محافظة ذمار.. مجتمع مفرخ ومعسكر سخي

تقارير - Sunday 30 July 2023 الساعة 08:14 am
ذمار، نيوزيمن، خاص:

لطالما اعتادت جماعة الحوثي على استغلال أبناء محافظة ذمار في تعزيز نفوذها، حصدت أرواحهم في جبهات القتال، ثم عملت على تحشيدهم إلى معسكراتها، وفي نهاية المطاف تستخدمهم للبطش بأهاليهم وأبناء جلدتهم، إذ تعتمد عليهم في تنفيذ انتهاكاتها بحق المواطنين ومصادرة أملاكهم وأراضيهم.

محافظة ذمار الأكثر انقيادًا لجماعة الحوثيين، والمنطقة الأكثر طاعةً لإملاءات ذراع إيران، لم تشفع لها طاعتها ولا حتى دماء الآلاف من أبنائها الذين رفدت بهم جبهات الحوثي، إذ تتواصل انتهاكات الجماعة بحق السكان، في حين يتعرض معظم السكان لمختلف الممارسات المهينة أمام أطفالهم وعائلاتهم. 

بهذه الطريق تدفع ذمار فاتورة رضوخها وتسليمها رقاب الناس لمليشيا الحوثي القادمة من جبال صعدة وكهوف مران دون أي مقاومة، ليجعلوا من أنفسهم حطبًا في موقد ذراع إيران، وسلاحاً موجهاً ضد كل محافظة أخرى خرجت لمقاومة التمرد الحوثي ورفضت تطاول مران على الدولة وسيادة الوطن. 

محافظة مفرخة 

تعمد جماعة الحوثي إلى عسكرة أبناء ذمار وتوريطهم في ابتزاز القبائل والمواطنين من ذات المحافظة، كما تستغلهم في تعزيز نفوذها ورفد جبهاتها بما يحقق لها أهدافها الاستراتيجية دون أن تخسر أحدًا من عناصرها السلاليين. 

وعبر جهود متواصلة، نجحت الجماعة في تفريخ المحافظة وتفكيك نسيجها المجتمعي، ليجد الأهالي أنفسهم أمام تحولات كثيرة كانت أبرزها استقطاب أبنائهم إلى جبهات القتال، أو تعرضهم لانتهاكات حوثية ينفذها أبناء مناطقهم. 

وفي هذا السياق، قال مواطن، فضل عدم ذكر اسمه، "أبناء ذمار لم يدركوا بعد مدى خطورة تورطهم بسيطرة هذه الجماعة عليهم، ففي حين يقاتلون في جبهاتها، هم أنفسهم من تستخدمهم المليشيا لقهر البسطاء والقبائل في مديريات محافظة ذمار، إذ تقدم لهم الفتات وتستعملهم لقمع أهاليهم والاستيلاء على أراضيهم وممتلكاتهم بالقوة". 

وأضاف: "من تحشدهم جماعة الحوثي من أجل الترويج لجولة جديدة من الحرب ضد المحافظات المحررة، كان يجدر بهم حماية منازلهم من الاعتداءات الحوثية التي تتعرض لها مختلف مديريات محافظة ذمار وبشكل شبه يومي". 

وتابع: "اعتدنا أن نرى الحوثيين يحشدون أبناء ذمار ضد مشروع استعادة الدولة وتحرير اليمن من نفوذ إيران، لكن من المؤسف أن يخرج من هذه المحافظة من يحملون السلاح في سبيل تعزيز سلطة الجماعة السلالية، في حين تتعرض قراهم وأبناء جلدتهم في ذمار لمختلف أشكال الانتهاكات التي لا يقبلها قبيلي على نفسه وأهله". 

وقال: "في الوقت الذي خرج فيه الآلاف من أبناء ذمار بأسلحتهم إلى مدينة تعز المحاصرة، كان مسلحون آخرون يختطفون ثلاثة أشقاء بطريقة مهينة ومرعبة أمام أطفالهم وعائلاتهم، في قرية حصن قديد بمديرية ميفعة عنس، وغيرهم الكثير من أهالي مدينة ذمار والحدا وعنس ووصاب العالي وجهران، وكل ذلك طاعةً لأوامر تأتيهم من صعدة". 

واختتم: "كان يفترض بهؤلاء حماية قراهم وأبناء جلدتهم في ذمار، بدلًا من تهديد محافظة تعز التي خرجت مع غيرها لمقاومة التمدد السلالي في وقت مبكر، كان يفترض بهم أن يدركوا عدوهم الحقيقي، لكن الأيام دول ومن يرضى على أبناء جلدته وأهله بما رضيه هؤلاء على أهاليهم في ذمار، ستدور الدائرة على رأسه وسيصيبه ما أصابهم، والأيام دول". 

معسكر حوثي 

ما تزال محافظة ذمار تعيش حياة ما قبل ثورة الـ26 من سبتمبر، إذ تبدو كمن لم يتمكن من الخروج بنفسه بعيدًا عن حكم السلاليين، ففي حين يبحث الناس لأنفسهم عن دولة مدنية وحقوق مواطنة متساوية، كانت ذمار وما تزال واحدة من أهم المحافظات الداعمة للتمدد الحوثي وتعزيز وجوده على الأرض. 

وعلى غرار خضوعها المستمر لذراع إيران، تعد محافظة ذمار الأكثر سخاءً في تقديم القتلى والجرحى في المذابح الحوثية على مدار فترة الحرب، إذ لا تخلو قرية واحدة إلا وفيها عدد من القتلى الذين سقطوا في جبهات التمرد الحوثية. 

وفي حين اعتبر مراقبون محافظة ذمار بالنسبة للحوثي الساحة العسكرية الأولى وثاني أهم معاقل الجماعة بعد صعدة، يرى آخرون أن المحافظة مثلت ساحةً مهمة للاستعراض الحوثي وقاعدة عسكرية تنطلق منها المليشيا لاستهداف باقي المحافظات المحررة. 

وبحسب بيانات، فقد احتضنت محافظة ذمار منذ بداية الانقلاب، معظم المعسكرات الحوثية، بالإضافة لكونها البيئة الخصبة لإنشاء أهم وأكبر المعتقلات السرية في تاريخ الجماعة، إذ تعمد ذراع إيران إلى ترحيل معتقليها إلى محافظة ذمار وفيها يتم إخفاؤهم.