حوبان تعز.. شريك في الحصار ونموذج في الارتهان

تقارير - Sunday 06 August 2023 الساعة 08:09 am
تعز، نيوزيمن، خاص:

تسعة أعوام من الحرب المستمرة في البلاد، عاش خلالها قرابة ثلاثة ملايين إنسان في مدينة تعز تحت الحصار المفروض من قبل جماعة الحوثي على المدينة الأكثر كثافة سكانية، والتي مارست بدورها مختلف أشكال جرائم الحرب ضد الأهالي المحاصرين لأكثر من 3 آلاف يوم. 

وخلال فترة الحصار التي تعدت التسعة أعوام، مثلت منطقة الحوبان في الجهة الشرقية لمدينة تعز، واحدة من أهم المحطات التي استخدمتها ذراع إيران لمضاعفة معاناة المدينة المحاصرة وأهاليها. 

وفي الوقت الذي فرض فيه التمرد الحوثي طوقًا خانقًا على مدينة تعز، تخلى أبناء الحوبان عن مدينتهم وأبناء جلدتهم المحاصرين، ليختاروا رفد المعسكر الحوثي الذي دفع بهم ليخوضوا حربًا بالوكالة ضد سكان مدينة تعز، إلى جانب مليشياتهم من السلاليين القادمين من صعدة ومناطق شمال الشمال. 

حرب بالوكالة 

استخدمت جماعة الحوثيين منطقة الحوبان كمحطة تنطلق منها عملياتها العسكرية ضد مدينة تعز المحاصرة، في حين تحول أبناء هذه المنطقة إلى مرتزقة تحشدهم الجماعة السلالية لتعزيز جبهاتها المتفرقة على أطراف المدينة وتخومها. 

ومنذ بداية الحرب الحوثية على تعز مطلع عام 2015م، كانت الجماعة تستغل أبناء الحوبان مِن مَن عمدت لحشدهم، إلى نشرهم في مختلف النقاط والمواقع التي تغلق فيها طرقات المدينة مثل معبر الدحي الذي تعرض فيه الأهالي لمختلف أشكال الممارسات المهينة. 

وعلى مدار الأشهر الأولى من الحرب، مثل معبر الدحي النموذج الأسوأ للحصار الحوثي، إذ نفذت فيه عبر وكلائها من متحوثي منطقة الحوبان أبشع صنوف الانتهاكات بحق المدنيين، ومنعت دخول الماء والدواء والمواد الغذائية. 

وفي هذا السياق، يروي المواطن أمجد البعداني المقيم في مدينة تعز منذ بداية الحرب تجربته بالقول: "خرجت ذات يوم بحثًا عن وائت ماء، وعند وصولي إلى معبر الدحي اعترضني مجموعة من المتحوثين وقاموا برمي النفايات والقاذورات داخل خزان المياه". 

وأشار البعداني، في إطار حديثه لـ"نيوزيمن" إلى أن "ما تعرض له أثناء محاولته إدخال الماء لمنزله تكرر مع غيره من المواطنين، وتعدت هذه الممارسات للحدث الذي تبول البعض في خزانات المياه لإهانة الناس واجبارهم على العودة". 

وأضاف: "كانت جماعة الحوثيين تستخدم أبناء منطقة الحوبان من الذين سلحتهم واستقطبتهم لرفد معسكراتها في تمرير هذه الممارسات، في حين يندفعون لممارسة هذه التصرفات أكثر من الحوثيين القادمين من صعدة والذين يكتفون بتقديم توجيهاتهم لهؤلاء المرتزقة".

وتابع: "حتى هذه اللحظة ما يزال أبناء الحوبان أكثر من يخدمون الحوثيين في نقاط التفتيش الواقعة بمنطقتهم، وفي كل مرة أخرج فيها إلى محافظة إب، أجد أبناء الحوبان هم من يستقبلون الناس في نقاط التفتيش التابعة للحوثيين".

وقال: "يقومون باحتجاز الناس، يفتشون هواتفهم ويبحثون عن أي سبب لتوريطهم، حتى إن معظم من زجتهم جماعة الحوثيين في سجونها من المدنيين والمسافرين الخارجين من مدينة تعز، كان وراء سجنهم نقاط تفتيش حوثية يقف بداخلها أبناء الحوبان". 

واختتم بالقول: "للأسف الشديد، تستغل جماعة الحوثي أبناء الحوبان لتخوض حربًا بالوكالة ضد مدينة تعز وضد أهلهم وأبناء جلدتهم، وهذا أكثر ما يشعر الناس بالهيبة والأسف". 

بيئة خصبة 

منذ بداية الحرب، استغلت ذراع إيران أبناء الحوبان وتغلغلت في أوساط المجتمع، لا سيما وقد عمدت لشراء العقارات، في حين دفعت بمشرفيها ومسلحيها القادمين من صعدة وغيرها من محافظات شمال الشمال، للزواج من أسر في الحوبان، لتتجذر بذلك فيما بينهم وتخلق لنفسها بيئة خصبة للتكاثر بين الأهالي. 

وفي هذا السياق، يقوله أحد القاطنين في منطقة الحوبان، فضل عدم ذكر اسمه: "وفر أبناء منطقة الحوبان بيئة خصبة لتعزيز نفوذ الحوثيين، ففي الوقت الذي لم يكتفوا فيه برفد معسكرات المليشيا المتمردة، وفروا فرصة إضافية أمام الجماعة للتجذر فيما بينهم، إذ باعوهم العقارات وقبلوا بهم كشركاء لهم في الأرض". 

وفي سياق حديثه لـ"نيوزيمن" أضاف المصدر: "منذ بداية الحرب توجه السلاليون لشراء العقارات والأراضي من أبناء منطقة الحوبان، تغلغلوا بينهم وأصبحوا شركاء لهم في الأرض والسكن". 

وأشار إلى أن "الحوثيين الذين قدموا بأسلحتهم إلى تعز تزوج الكثير منهم من أسر في منطقة الحوبان، ما يكشف مساعي الجماعة لتفريخ المجتمع بما يجعلهم جزءًا من المجتمع". 

وقال: "استراتيجية الحوثيين التي تعتمد على الزواج وشراء العقارات، هي سياسة بعيدة الأمد تسعى من خلالها لتوريط هذه المجتمعات بما يجعلهم شركاء لهم في الحرب، ويمنح هذه المليشيات روابط يصعب التخلص منها". 

واختتم بالقول: "خلال فترة الحرب منذ 2015م وحتى اليوم، أتيحت الكثير من الفرص أمام أبناء منطقة الحوبان للتخلص من سيطرة جماعة الحوثي، غير أن المنطقة وأبناءها، تورطوا بما يكفي للإبقاء عليهم تحت رحمة السلاح الحوثي".