أزمة الثقة وصراع داخلي.. حرب تصفيات تنهش أجنحة الحوثي

تقارير - Wednesday 09 August 2023 الساعة 08:10 am
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

تصاعدت أزمة الثقة في صفوف قيادات الصف الأول لمليشيا الحوثي- ذراع إيران في اليمن، لتصل إلى حد التصفيات بين أجنحة الميليشيات المتصارعة لبسط النفوذ والسيطرة.

وأفرزت الصراعات الحوثية الداخلية تشكُّل عدد من الأجنحة، والتي ترتبط قياداتها من الصف الأول وصولا الى مستوى القيادة الوسطى وحتى القاعدة. وبفعل تباين الرؤى والمناصب والنفوذ والأموال والإيرادات، زادت حدّة تلك الصراعات وبرزت على السطح بشكل كبير وواضح.

وخلال سنوات الحرب كانت الصراعات البينية مخفية وغير معلنة كما هو الحال اليوم، حيث باتت الخلافات بين الأجنحة الحوثية بشكل علني خصوصا مع تزايد التصريح والاتهامات المتبادلة وصولاً إلى الاغتيالات والتخلص من الخصوم داخل الجماعة نفسها. وتيرة الصراعات اشتدت منذ اعلان الهدنة في ابريل الماضي، التي خفضت مستوى التصعيد في جبهات القتال التي كانت تمثل دخلا مهمًا لبعض قيادات المليشيا والتي أدت إلى الإطاحة برؤوس حوثية كبيرة.

>> محاكمات وتصفيات.. إرهاب حوثي لإسكات صوت اليمنيين شمالاً

ورغم الاغتيالات والاختطافات واعتقال كثير من قيادات المستوى الوسطى ومشرفي المليشيا، وعزل آخرين من مناصبهم، ظل التكتم الشديد سائدا في أوساط الحركة على التخلخل الذي يحدث. وبات كل جناح يواجه الآخر ويسعى للسيطرة وبسط النفوذ -عبر الموالين لكل طرف- وبهدف الاستحواذ على أكبر قدر ممكن من المناصب في مؤسسات الدولة خصوصا الإيرادية.

إقرار حوثي 

وأقر القيادي الحوثي محمد العماد مدير قناة "الهوية" الحوثية، وبشكل ضمني، ببروز الخلافات داخل أجنحة الجماعة، واحتدام الصراع بينهم، من خلال تشكيل كيانات بشكل منفردة تخدم أجندة خاصة. ونشر العماد تغريدة على حسابه بموقع "أكس" (تويتر سابقا) قائلا: "تخيل مسؤول.. واحد يقول نشكر مسؤولين البلدين (صنعاء والسعودية)؟ و"الثاني يقول (..) الامريكي والبريطاني يرفض بان السعودية تنفذ الاتفاق مع صنعاء؟". فيما الثالث يقول "السعودي رفض بان يسلم الرواتب من مبالغ صادرات النفط اليمنية ويريد بان يسلمها كمساعدات منه؟". واختتم تغريدته بالقول: "قولنا لكم نشتي مجلس عسكري زعلتوا..؟".

>> زيد يكشف دور العزي في اغتيال شرف الدين.. ملف التصفيات يفجّر «البيت الحوثي»

العماد انتقد تصريحات متناقضة لثلاثة من قيادات المليشيا بخصوص المفاوضات الثنائية بين ذراع إيران والسعودية والذي سبق ألمح عنها في احدى حلقات برنامج "قبة البرلمان" الذي يبث على القناة المملوكة له مؤخرا.

وفي آخر الحوادث وابرز عمليات التصفيات البينية في صفوف القيادات الحوثية، أعلنت مليشيا الحوثي الإرهابية، وفاة من وصفته بقائد القوات الجوية والدفاع الجوي المدعو أحمد الحمزي، في ظروف غامضة وهو المسؤول الأول عن برنامج الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية التي حصلت عليه مليشيا الحوثي، من إيران، وكان مسؤولاً عن الهجمات التي استهدفت الشحن الدولي في البحر الأحمر.

وقبلها بيوم، أصيب القيادي الحوثي طه المتوكل، المنتحل صفة وزير الصحة العامة والسكان، ومدير مكتبه المدعو محمد شرف الدين وعدد من مرافقيهما في حادث مروري مفتعل أدى إلى انقلاب سيارتهم أثناء ما كانوا في الطريق الرابطة بين عمران وصنعاء.

تصفيات ممنهجة

وفي 16 يوليو الشهر الماضي، أصيب القيادي الحوثي "علي حسين الحوثي" وقتلت زوجته، بعد تعرضهما لإطلاق نار من قبل مسلحين مجهولين خلال سفرهما في الطريق الرابط بين عمران وصنعاء، وجاءت الحادثة بعد أيام من إقالة "علي حسين" نجل الصريع حسين الحوثي زعيم المليشيا من منصبه كقائد لقوات النجدة بصنعاء، حيث تمت إقالته من قبل جناح محمد علي الحوثي، على خلفية اتهامات له بالفساد.

>> الحوثي كداعش تحتكم داخلياً للدم.. سيرة التصفيات الداخلية لجماعة الموت

ما تعرض له القيادي الحوثي من الصف الأول للجماعة، يؤكد أن حدة الصراع انتقلت من صفوف القاعدة الأولى إلى المتقدمة. 

وفي منتصف يوليو الماضي، اغتيل قيادي عسكري بارز يدعى محمد أحمد النصرة المكنى بـ"أبو عقيل المطري"، في محافظة الجوف برصاص مسلحين قبليين في منطقة الردمة شرقي الحزم، مركز المحافظة، بعد أيام من خلافات حادة مع قائده أبو بدر زرعة المنتحل صفة قائد المنطقة العسكرية السادسة، على تجارة التهريب والمخدرات.

ومؤخراً اندلعت موجة من المواجهات بين أجنحة مختلفة تابعة لمليشيات الانقلاب راح ضحيتها عدد من القيادات الحوثية التي شاركت في اقتحام محافظتي عمران وصنعاء.

وأدت الصراعات الداخلية إلى مقتل القياديين مجاهد قشيرة الذي كان له دور في اقتحام مدينة عمران، ومحمد الشتيوي مدير جهاز الأمن السياسي في المحافظة التي تحمل الاسم ذاته.

الخلافات في مؤسسات الدولة

وتوسعت الخلافات بين صفوف قيادات مليشيا الحوثي، لتشمل عدداً من مؤسسات الدولة التي تتأثر وتتضرر من حدة الخلافات بين أوساط المليشيات، لتصل هذه المرة إلى وزارة داخليتها لتشمل كل المؤسسات التابعة لهذه الوزارة.

وفي 5 نوفمبر 2022، قتل 11 شخصاً من عائلة "عبدالكريم الحوثي" منتحل صفة وزير الداخلية بصنعاء، بينهم حفيده في حادث سير بمديرية بني صريم محافظة عمران إثر اصطدام سيارتهم نوع "صالون" بسيارة نوع غمارتين 2022 يقودها شخص يعمل في تجارة القات وينتمي إلى مديرية رازح بمحافظة صعدة.

الحادث كان مدبراً وفق مصادر أمنية في صنعاء التي تحدثت أن خلافات حادة توسعت بين قيادات حوثية في وزارة الداخلية الحوثية بصنعاء، حول تعيينات وإقصاء، بالإضافة إلى خلافات رئيسية حول نهب أراضي وممتلكات قيادات في الحكومة الشرعية.

وطبقاً للمصادر، فإن عم قائد التمرد الحوثي، والمعين وزيراً لداخليتهم بصنعاء، أقدم على نهب عشرات المنازل والأراضي التابعة لقيادات وعناصر في الحكومة الشرعية، تحت مسمى "مصادرة ممتلكات الخونة والعملاء"، بحسب وصفهم.

وأوضحت المصادر أن الخلافات توسعت نتيجة رفض وزير داخلية الحوثيين إعطاء قيادات حوثية تنتمي لمحافظة صعدة، نصيبهم من الممتلكات المنهوبة، وأن الحوثي كان له قرابة 50% من إجمالي ما تم نهبه، ولكنه أنكر مصادرة بعض المنازل التي حولها بأسماء أقاربه، الأمر الذي أدى إلى مطالبة قيادة صعدة بإعطائهم نصيبهم من كل ما تم نهبه من منازل وأراض.

وقالت المصادر، إن قيادات صعدة هددت وزير داخلية الحوثيين بالتصفية الجسدية، في حال أصر على تعنته ورفض إعطاءهم نصيبهم من كل ما نهبوه، فيما الأخير هددهم بالسجن والإخفاء بشكل تام، ورغم تدخل المدعو مهدي المشاط ومدير مكتبه، إلا أن الخلافات ما زالت قائمة.

اغتيالات منظمة

وأواخر العام 2020، اغتيل القيادي البارز في مليشيا الحوثي، ووزير الشباب في حكومتها غير المعترف بها، حسن زيد، على يد مجهولين، وسط اتهامات من أسرته لقيادات حوثية بالوقوف وراء الحادثة. 

>> بعد أن عصفت الخلافات بأركانها.. التصفيات تنذر بتآكل المليشيا الكهنوتية

وفي اغسطس 2019، اغتيل إبراهيم بدر الدين أمير الدين الحوثي، شقيق زعيم مليشيا الحوثي في إحدى الشقق في شارع حدة بصنعاء في أول عملية غامضة تستهدف أحد أشقاء زعيم الجماعة التي تسيطر على الأجهزة الأمنية كافة في صنعاء، ويحيطون تحركاتهم بالسرية التامة.

وفي أكتوبر العام 2016، اغتيل القيادي الميداني، صلاح العزي، شقيق نائب وزير الخارجية في ما يسمى بالمجلس السياسي للمليشيا، حسين العزي، حيث تمت تصفيته من قبل مسلحين تابعين لجناح القيادي أبوعلي الحاكم رئيس هيئة ما تسمى الاستخبارات العسكرية الحوثية.

وفي 21 يناير 2014، اغتال مسلحون مجهولون يستقلون سيارة لا تحمل رقما، القيادي أحمد شرف الدين عضو مؤتمر الحوار عن الحوثيين، في شارع القاهرة وسط صنعاء، ثم لاذوا بالفرار في ثاني حادث استهداف لعضو في مؤتمر الحوار حيث سبق قتل النائب وممثل الحوثيين في الحوار عبد الكريم جدبان برصاص مجهولين نهاية نوفمبر من العام نفسه في صنعاء.

وفي 2 نوفمبر 2014 اغتال مسلح مجهول يستقل دراجة نارية، السياسي البارز الدكتور محمد عبدالملك المتوكل، الأمين العام المساعد لاتحاد القوى الشعبية أستاذ العلوم السياسية جامعة صنعاء، أثناء مروره من شارع الزراعة وسط العاصمة، وعلى الرغم من وجود نقاط تابعة للحوثيين في معظم الشوارع، إلا أنه لم يتم القبض على الجاني.