ابن دغر مهندس كارثة الاقتصاد والخدمات.. حقائق تدحض خرافات "بن لزرق"

تقارير - Wednesday 23 August 2023 الساعة 08:12 am
نيوزيمن، عمار علي أحمد:

في محاكمة هي الأسرع، قضت محكمة المنصورة الابتدائية، الاثنين، بإعدام المتهم محسن رشاد أحمد؛ لقتله المجني عليها فاطمة محمد المعروفة "فتاة توب سنتر"، وهي الجريمة التي هزت الرأي العام بالعاصمة عدن.

جلستان فقط لم يفصل بينهما 4 أيام، كانت كافية للمحكمة لإصدار حكمها في المتهم، ولم يكن هذا الشيء الوحيد اللافت في القضية، بل كان عجز أهل المتهم عن تنصيب محامٍ للدفاع عنه، بل إن المحكمة عجزت في الجلسة الأولى عن إقناع أحد المحامين المتواجدين في قاعتها بالترافع عن المتهم.

وبحسب تفاصيل الجلسة التي نشرها الصحفي عبدالرحمن أنيس، فشلت أيضاً محامية أولياء الدم في إقناع هذا المحامي حرصاً على سير إجراءات القضية، ليقبل في الأخير محامٍ آخر هذه المهمة.

هذا الرفض الشديد من قبل شريحة المحامين للدفاع عن المتهم في قضية قتل الشابة فاطمة، يعكس حجم الخوف من السخط الشعبي ضد القبول بمهمة الدفاع عن المتهم بالجريمة التي يعتبرها أبناء المدينة واحدة من أشد الجرائم قساوة وفظاعة.

حضر هذا المشهد أمامي، وأنا أقرأ مقالاً مطولاً نشره الصحفي البارز فتحي بن لزرق، ليلة أمس، حول قضية عرقلة دخول سفينة المازوت الخاصة بمحطات الكهرباء في عدن إلى ميناء الزيت، جراء رفض التاجر المالك للشحنة تفريغها قبل تسليم الحكومة لقيمتها بحسب الاتفاق.

هذه الحادثة مثلت فرصة للرجل للتحسر والتندم كما يرى على عهد رئيس الوزراء السابق أحمد بن دغر وحكومته وكذا رجل الأعمال النافذ/ أحمد العيسي نائب رئيس مكتب الرئيس السابق، بكم هائل من المغالطات والأكاذيب والتدليس التي لم تحترم ذروة المشهد المأساوي الذي يعيشه حالياً أبناء عدن والمناطق المحررة.

مشهد مأساوي يتجسد في الانهيار الكبير لخدمة الكهرباء في ظل حرارة الصيف المرتفعة، بالإضافة إلى معاناتهم المستمرة مع الانهيار الاقتصادي وارتفاع نسب التضخم جراء انهيار قيمة العملة المحلية أمام العملات الصعبة، وجميع تفاصيل هذا المشهد يعد بن دغر المهندس الحقيقي له ويدفع ثمنه اليوم أبناء المناطق المحررة.

فإذا بدأنا بملف الخدمات وتحديداً الكهرباء، فإن انهيار هذه الخدمة ليس إلا حصاداً لما زرعه ابن دغر وحكومته عام 2017م، بجعل عدن والمناطق المحررة تحت رحمة وقود الديزل ومحطات الطاقة المشتراة في كل المدن المحررة وعلى رأسها عدن التي تعاقدت فيها حكومة الرجل ووزير الكهرباء حينها الإخواني/ عبدالله الأكوع على 170 ميجاوات طاقة مشتراة لعدن، وهو ما جعل فاتورة الوقود تتجاوز 100 مليون دولار.

وبالتوازي مع ذلك تعمدت حكومة ابن دغر عدم تقديم أي مشاريع لإنشاء محطات حكومية تعمل بوقود أرخص، بل ورفض أي تدخل من قبل التحالف لمعالجة هذا الملف، كما حصل مع المحطة الغازية التي استقدمتها الإمارات عام 2018م بقوة 120 ميجا وظلت في ميناء الزيت لأشهر بعد أن تذرعت الحكومة بعدم قدرتها على دفع تكاليف النقل والتركيب التي لا تتجاوز 3 ملايين دولار.

بل عمدت حكومة أحمد بن دغر إلى ضرب ما هو قائم من المحطات الحكومية كما حصل مع مشروع تأهيل محطة الحسوة مع الشركة الأوكرانية بـ30 مليون دولار وانتهى المشروع بالفشل، وكذا عدم صيانة المحطة القطرية 60 ميجا التي توقفت عام 2016م بعد أشهر فقط من تدشينها بسبب وقود غير مطابق لمواصفات المحطة.

إبقاء عدن والمحافظات المحررة تحت رحمة الطاقة المشتراة ووقود الديزل كان يخدم مصالح الحكومة والنافذين بالشرعية من خلال صفقات هذا الوقود وعلى رأسهم أحمد العيسي، الذي يقر ابن لزرق في مقاله بأنه احتكر لأكثر من 5 سنوات تموين كهرباء عدن بالوقود، وطبعاً ليس بالمجان كما يحاول الرجل إيهامنا بذلك، بل يحاول تجميل هذا الفساد بالقول بأنها كانت "بأقل الأسعار".

وما يثير الضحك في هذا الملف، هو سرد الزميل بن لرزق لما يراها إنجازات لابن دغر بأنه "الرجل الذي اشتغلت الكهرباء في عهده 19 ساعة في اليوم"، وهذه معلومة تتضمن مغالطات معيبة، أولاً لكون الرقم يعود إلى فترة الشتاء وليس لفصل الصيف الذي لم يشهد فيه أبناء عدن هذا التحسن الكبير منذ 2015م حتى اليوم، لا في عهد ابن دغر ولا غيره.

ثم ان ذلك لا يعد إنجازاً بالنظر إلى أن أحمال عدن في تلك الفترة كانت قليلة مقارنة باليوم، حيث كانت المدينة حينها لا تزال تتعافى من آثار الحرب، ولم تكن أحمالها تتجاوز الـ300 ميجا، لكن الكارثة تكشفت بعد عهد ابن دغر مع التوسع العمراني وتجاوز الأحمال الـ650 ميجا هذا الصيف.

أما أكثر مغالطة أثارت الضحك فيما كتبه الزميل بن لزرق عن إنجازات ابن دغر بأنه "الرجل الذي تسلمت الناس مرتباتها في كل القطاعات في الـ25 من كل شهر الرجل الذي لم يكن الصرف يبارح عتبة الـ500 ريال للدولار الواحد".

طبعاً ما يقوله هنا نصفه الأول تدليس والآخر كذب، والكذب في أن يوم صدور قرار إقالة ابن دغر في أكتوبر 2018م كان سعر صرف الدولار الأمريكي قد وصل إلى 750 ريالاً، وليس كما يزعم بن لزرق.

أما التدليس الأخطر فهو في موضوع انتظام صرف الرواتب في الـ25 من كل شهر وهذه نصف الحقيقة فقط، أما النصف الأخير فإن هذا المنجز كما يراه بن لزرق كان على ثمنه الكارثة التي تعاني منها اليوم العملة المحلية بالمناطق المحررة.

فلم يكن انتظام صرف الرواتب في عهد ابن دغر إلا غطاءً وتبريراً لكارثة عملية طباعة العملة المحلية بدون غطاء من العملة الصعبة، بل وإدارة هذه العملية بطريقة أشبه بإدارة عصابة وليس حكومة، بحسب اعتراف محافظ البنك المركزي أحمد غالب المعبقي في مقابلة له على قناة "اليمن الحكومية" في يونيو الماضي.

حيث قال محافظ البنك إن الحكومة طبعت أكثر من 2500 مليار، واصفاً هذه العملية بأنها مثلت "نكسة اقتصادية"، بل كشف بأن طريقة إدارة ذلك بوصف ساخر ومؤلم بنفس الوقت، لخصها بعبارة "من الميناء إلى الصراف".

تعبير كارثي وصادم يكشف كيف كان ابن دغر مهندساً لكارثة العملة المحلية بل ومهندساً للمشهد الكارثي الذي تعاني منه المناطق المحررة، وكم هو مؤلم أن تشاهد صحفياً مرموقاً له صوت مسموع لدى الناس وهو ينصب نفسه محامياً عن هذه الجريمة ومرتكبها، دون احترام لوجع الناس ولآلامهم منها، بل يختم مرافعته بمهاجمة منتقدي من صنع هذه الوجع والألم بأنهم يبيعون "الوهم والخرافة".