الجوع يهدد 20 بالمائة من السكان.. أين تذهب أموال المانحين المقدمة لليمن؟

تقارير - Sunday 05 November 2023 الساعة 10:03 am
عدن، نيوزيمن، خاص:

أعلنت دول وجهات دولية مانحة مؤخراً، تقديم مزيد من الدعم المالي من أجل التخفيف من حدة أزمة انعدام الأمن الغذائي التي يواجهها الشعب اليمني بسبب استمرار الصراع الدائر منذ سنوات.

آخر تلك الجهات المانحة كانت بعثة ألمانيا لدى مكتب الأمم المتحدة التي أعلنت عن تقديم دعم لمنظمة الصحة العالمية (WHO) بقيمة 3 ملايين يورو تحت مشروع مواجهة المخاطر الصحية الناجمة عن انعدام الأمن الغذائي في اليمن.

وأوضحت البعثة في تصريح لها على صفحتها في موقع "إكس" إن السفيرة كاتارينا ستاش وقعت مع المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية بمنظمة الصحة العالمية، الدكتور مايك ريان. وأضافت البعثة إن الدعم المقدم لليمن، سيخصص للتخفيف من حدة المخاطر الصحية الناجمة عن انعدام الأمن الغذائي.

كما وافق البنك الدولي قبل أيام على منحة من المؤسسة الدولية للتنمية بقيمة 150 مليون دولار أميركي كتمويل إضافي ثانٍ لمشروع رأس المال البشري الطارئ في اليمن. وهو مشروع تنفذه منظمات الأمم المتحدة من أجل مواجهة انعدام الغذاء وتحسين الخدمات الصحية.

عشرات مليارات الدولارات جرى الإعلان عن تقديمها لليمن كمساعدات عبر حكومات خليجية ودول ومؤسسات مانحة منذ اندلاع الحرب المدمرة في 2015. بينما لا يزال الحال عليه بل ويتجه إلى الأسوأ مع تدهور الوضع المعيشي وارتفاع مؤشرات المجاعة الحادة خلال السنة الأخيرة.

ووفق الأرقام المعلنة خليجياً، تتجاوز المساعدات المقدمة لليمن على مدار تسع سنوات 27 مليار دولار، بخلاف ما جرى تقديمه من مؤسسات إغاثية دولية ومانحين على رأسهم الولايات المتحدة الأميركية، حيث يقدر تقرير صادر في 2022 عن المركز العربي للدراسات "عربيا برن ترست"، تقديم نحو 20 مليار دولار من المساعدات الإنسانية.

تدهور خطير

ورغم استمرار تدفق المساعدات المالية الكبيرة من الجهات الدولية المانحة لصالح التخفيف من الأزمة اليمنية، إلا أن المنظمات تقابل تلك التصريحات بالمزيد من التحذيرات الخطيرة بشأن التدهور في حالة الأمن الغذائي والوضع المعيشي، وهو ما يفتح الكثير من التساؤلات حول أين تذهب أموال المانحين المقدمة للشعب اليمني؟

 كشف تقرير أممي حديث صادر عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (FAO) وبرنامج الغذاء العالمي (WFP) أن اليمن يحتل المرتبة الرابعة في قائمة بؤر الجوع حول العالم في ظل ارتفاع مؤشرات مستويات انعدام الأمن الغذائي في الأشهر القادمة. 

وأشار التقرير إلى أن استمرار الصراع والأزمة الاقتصادية ونقص التمويل الإنساني والتغيرات المناخية تدفع بانعدام الأمن الغذائي الحاد إلى مستويات حرجة خلال الفترة من نوفمبر الجاري وحتى أبريل 2024. 

وأوضح التقرير: "من المتوقع أن يستمر الوضع في التفاقم حتى حلول ديسمبر 2023، مع معاناة 20% من السكان في عموم اليمن من انعدام الأمن الغذائي بشكل خطير؛ من بينهم نحو 456 ألف طفل دون سن الخامسة سيعانون من سوء التغذية الحاد، وأكثر من 97 ألف آخرين من سوء التغذية الحاد الوخيم". مضيفاً: "إن نحو 17 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي؛ منهم 10.8 مليون في مستوى الأزمة، وهي المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي المتكامل لانعدام الأمن الغذائي، 6.1 مليون شخص في مستوى الطوارئ (المرحلة الرابعة من التصنيف)".

وشدد التقرير على ضرورة اتخاذ إجراءات طارئة لمواجهة التدهور المتسارع لانعدام الأمن الغذائي في اليمن، وفي مقدمتها توفير 2.2 مليار دولار للأمن الغذائي والزراعة و398 مليون دولار للتدخلات التغذوية، ضمن إطار خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2023.

واقع مغاير

ويؤكد الناشط في المجال الإغاثي في العاصمة عدن، مراد سعيد الجبرتي، أن الواقع المعيشي والاقتصادي في اليمن شمالاً وجنوباً يظهر حقائق مغايرة عن حجم التمويلات الضخمة التي لا تزال تتلقاها المنظمات الأممية العاملة في اليمن، وهو ما يفتح الباب أمام تساؤلات كثيرة حول أين تذهب أموال المانحين المقدمة وكيفية إنفاقها ومدى انعكاسها على حياة ملايين المواطنين؟

وأضاف: الصراع لا يزال مستمرا ولا تزال المنظمات الأممية تنتهج ذات الخطط غير المجدية في التعامل مع الأزمة، من خلال تقديم المساعدات الغذائية والنقدية بعيداً عن تبني استراتيجية الانتقال من تقديم المعونات إلى تنفيذ المشاريع المستدامة التي تحقق الاكتفاء الذاتي للشرائح المتضررة من الحرب.

وأشار الجبرتي أن المنظمات الأممية بينها الصحة العالمية واليونيسيف وبرنامج الأغذية العالمي، بدأت فعلياً في تقليص برامجها ومشاريعها الإنسانية والإغاثية، وهو ما ينذر بكارثة إنسانية حقيقية، وبالرغم من الإعلان عن مساعدات جديدة مؤخرا من جهات مانحة وتقديم مساعدات مالية ضخمة إلا إن هذه المنظمات الأممية ظلت تقلص تدخلاتها ومعظم أنشطتها في المحافظات رغم استمرار تدفق الدعم الخارجي.