إيرادات موانئ الحديدة.. بوابة رئيسة تعزز اقتصاد ذراع إيران في اليمن

تقارير - Thursday 09 November 2023 الساعة 07:15 am
الحديدة، نيوزيمن، خاص:

تواصل مليشيا الحوثي- ذراع إيران في اليمن، استثمار حالة "اللا حرب واللا سلم" التي يعيشها البلد، منذ انتهاء الهدنة الأممية في أكتوبر 2022 لتعزيز اقتصادها الخفي عبر السيطرة على أهم الإيرادات الرئيسية وتسخيرها لمصالحها الخاصة.

وتضاعفت عمليات النهب المنظمة التي قادتها الميليشيات بحق الإيرادات الحكومية خلال العام الأول على انتهاء الهدنة؛ وركزت الجماعة إيرادات قطاعي الضرائب والجمارك بشكل كبير، كونها مورداً مالياً ضخماً يعزز من الاقتصاد الخفي الذي أسسه الحوثيون خلال سنوات الحرب الماضية.

وخلال الأيام الماضية، كشف تقرير مالي مشترك صادر عن وحدة جمع المعلومات المالية ومعهد الدراسات المصرفية في اليمن، عن استحواذ الميليشيات الحوثية على مبالغ مالية طائلة بالعملة الصعبة من إيرادات الضرائب والجمارك في موانئ الحديدة والمنافذ الجمركية التي استحدثتها لعرقلة حركة البضائع بين المناطق اليمنية.

أموال ضخمة 

وأشار التقرير المالي إلى أن الموارد الضريبة المفقودة في مناطق سيطرة الحوثيين خلال السنوات من 2018 وحتى 2022 تجاوزت مليارين و476 مليون دولار. وأن هذه الأموال المجموعة فقط من الضرائب والجمارك المفروضة من قبل الحوثيين في المنافذ الخاضعة لسيطرتهم على السلع المستوردة.

وأوضح التقرير أن الأموال المفقودة في العام 2018 بلغت 502 مليون دولار، وفي العام 2019 بلغت 509 ملايين دولار، في حين بلغت في العام 2020 نحو 407 ملايين دولار، في 2021 بلغت 448 مليون دولار، وفي العام الماضي 2022 بلغت الأموال المفقودة نحو 547 مليون.

وهذه الأموال تمثل تأكيداً صريحاً وواضحاً على أن الإيرادات المنهوبة من الضرائب والجمارك المفروضة على السلع المستوردة كبيرة جداً ولا يتم توريدها إلى الحسابات البنكية الرسمية في البنك المركزي في صنعاء. وأن هذه الموارد الضريبية المفقودة تمثل أساس "الاقتصاد الخفي" الذي تشرف على إدارته القيادات الحوثية إلى جانب جزء بسيط من الجرائم المالية المرتبطة بهذا الاقتصاد في مناطق سيطرة الميليشيات المدعومة من إيران.

التقرير المالي لوحدة جمع المعلومات المالية ومعهد الدراسات المصرفية، أكد أن الجرائم المالية في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، ترتبط بالفساد المرتبط بعائدات تجارة المشتقات النفطية والدعم الأجنبي والإنفاق العسكري والأمني وإنفاق البيوت التجارية وعلاقتها بالسلطة والجهاز المصرفي وأراضي وعقارات الدولة والضرائب والجمارك والزكاة والأوقاف والرواتب والأجور والوظائف الإشرافية والمؤسسات العامة الإنتاجية.

سياسة التضييق 

حجم الإيرادات الضخمة من الضرائب والجمارك المفروضة على السلع المستوردة أسال لعاب الميليشيات الحوثية ودفع إلى انتهاج أسلوب التضييق والحصار على التجار والشركات المستوردة وإجبارها على تحويل بوصلة نقل البضائع من الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة إلى الموانئ الخاضعة لسيطرتها.

وعمدت الميليشيات إلى فرض رسوم كبيرة على حركة البضائع القادمة من الموانئ المحررة إلى مناطق سيطرتها، وكذا احتجاز السلع في المنافذ الجمركية وتكبيد التجار خسائر فادحة من أجل إجبارهم على استيراد بضائعهم من موانئ الحديدة الخاضع لسيطرتها.

ونجحت الميليشيات في اجتذاب العشرات من الشركات الملاحية صوب موانئ الحديدة وافتتاح فروع لها في المناطق الحوثية، وهذا كشفه التنامي المستمر لحركة سفن المشتقّات النفطية والغاز الطبيعي وحاويات المواد الأساسية والغذائية ومختلف البضائع التجارية. ووفقاً للتقارير الاقتصادية والأممية سجل نشاط الميناء نمواً هذا العام بنسبة 52% عن العام الماضي، فيما ارتفع عدد السفن بنسبة 75%.

وبحسب وثيقة صادرة عن مؤسسة موانئ البحر الأحمر في الحديدة والخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الميناء منذ مطلع نوفمبر 2023، يعمل وفق طاقته الاستيعابية القصوى. وأن السفن تنتظر دورها في السماح لها بالدخول وإفراغ حمولتها من الوقود والبضائع التجارية المتنوعة.

التنامي المستمر وتدفق السفن التجارية المحملة بالمشتقات النفطية والغاز الطبيعي والمواد الغذائية والاستهلاكية والبضائع التجارية المتنوعة يسهم بشكل كبير في تضاعف إيرادات الميليشيات التي تفرض رسوما جمركية وضريبية عالية مقارنة بالموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية.

وتؤكد المصادر الملاحية في ميناء الحديدة أن عملية استيراد البضائع إلى مناطق الحوثيين تشهد ارتفاعاً كبيراً منذ انتهاء الهدنة الأممية، موضحا أن يوم الاحد 5 نوفمبر الماضي فقط كان عدد السفن التي تنتظر الدخول إلى ميناء الحديدة نحو 8 سفن محملة بكميات كبيرة من المشتقات النفطية والغذاء والبضائع التجارية المتنوعة.

وأشار إلى أن البضائع الواصلة إلى ميناء الحديدة كانت سابقاً تصل إلى ميناء عدن وتذهب براً إلى مناطق الحوثيين، ولكن بعد الهدنة الأممية والإجراءات الحوثية التعسفية أصبحت تأتي من الحديدة، وهو ما يفسر ارتفاع حركة السفن التجارية التي تصل إليه.

التوسع في موانئ الحديدة

كما هو المعروف أن ميناء الحديدة المطل على البحر الأحمر، يعد أحد أهم الموانئ اليمنية، كونه منفذا رئيسيا لمرور البضائع التجارية التي تخدم نحو 80% من اليمنيين. أهمية الميناء جعلت الميليشيات الحوثية تسارع إلى إبرام اتفاق الحديدة في محادثات "ستوكهولهم" 2018 لمنع تحريره وانهاء سيطرتها على هذا المنفذ الهام الذي يضخ إيرادات ضخمة.

واستغلت الميليشيات فترة حالة "اللا حرب واللا سلم" في التخطيط لتوسيع نشاطها في موانئ الحديدة من خلال المشاريع التي يجري تنفيذها بوتيرة عالية لاستيعاب التنامي الكبير في النشاط التجاري. 

وتسعى الميليشيات من خلال هذه المشاريع إلى احكام سيطرتها على إيرادات الجمارك والضرائب التي تفرضها على سفن المشتقّات النفطية والغاز الطبيعي وحاويات المواد الأساسية والغذائية ومختلف البضائع التجارية، والتي تسخّرها لتمويل العمليات العسكرية وإثراء قادة الميليشيا ومسؤوليها.

وأقرت الميليشيات عبر وزارة النقل التابعة لهم ما أسمتها "مصفوفة الاحتياجات الطارئة" لمينائي الحديدة والصليف. تضمنت اللنشات القاطرة والحاضنات والرافعات والكمّاشات والقواطر والمقطورات. إلى جانب تطوير محطة الحاويات وأرصفة الميناءين. وتكشف هذه المصفوفة التحركات الحوثية لتعزيز النشاط الملاحي والتجاري.

كما قامت الميليشيات الحوثية بتنفيذ مشاريع لزيادة السعة التخزينية للمشتقّات النفطية في منطقة كيلو 18 بالحديدة ومنصات التعبئة إلى جانب صيانة الخزانات النفطية. وهو ما يؤكد أن مليشيا الحوثي تسعى إلى زيادة الإيرادات المالية التي تجنيها من المحروقات المستوردة.