تنافس على الثراء بنهب المال العام.. اتساع دائرة الفساد في مناطق الحوثي

تقارير - Saturday 11 November 2023 الساعة 07:24 am
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

اعترفت الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد في صنعاء، بإحالة عدد من المتهمين في قضايا الفساد الذي تفشى بشكل كبير عقب سيطرة ميليشيا الحوثي -ذراع إيران في اليمن، على المؤسسات المالية والإيرادية في مناطق سيطرتهم.

بحسب تصريحات الهيئة تم إحالة 26 متهماً في قضيتي فساد وصفتهما بـ”الجسيمتين” إلى نيابة الأموال العامة لاستكمال إجراءات رفع الدعوى القضائية. وجاء الإعلان لامتصاص الغضب الشعبي المتصاعد جراء تضاعف عمليات الفساد التي تقودها قيادات حوثية تسيطر على رأس هرم المؤسسات المالية والإيرادية في الدولة.

وبحسب وسائل إعلام حوثية بينها وكالة سبأ في صنعاء، تمثلت قضية الفساد الأولى في الإضرار بالاقتصاد الوطني والمؤسسات المالية وتهكير أنظمة عدد من المؤسسات المالية والاحتيال الإلكتروني والتزوير لوثائق إثبات الهوية وغسل العائدات البالغة 10.331 مليون دولار و298 ألف ريال سعودي، وأضرت الثانية بمصلحة الدولة والاستيلاء على المال العام وتخريب الاقتصاد الوطني في إحدى الوحدات الإنتاجية، بضررٍ بلغ حجمه 3.4 ملايين دولار.

وأقرت الهيئة اتخاذ تدابير وإجراءات الحجز والتتبع للأموال والأصول الخاصة بالمتهمين في القضيتين وملاحقة المتهمين الفارين خارج أراضي الجمهورية. 

فساد كبير

وكشفت مصادر في الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد في صنعاء، أن الكثير من القيادات الحوثية البارزة رفضت تسليم إقرارات الذمة المالية عقب اتهامات لهم بقضايا فساد متكررة.

وأوضحت المصادر أن نحو 94 قياديا حوثياً من شاغلي الوظائف الإدارية العليا في الدولة والمالية رفضوا تسليم الجهات المختصة في جهاز الرقابة والمحاسبة وهيئة مكافحة الفساد إقراراتهم بالذمة المالية، مشيرة إلى أن الكثير من تلك القيادات الحوثية رفضت حتى مخاطبتهم من قبل الجهات الحكومية المكلفة بالتحقيق في قضايا الفساد الذي تفشى منذ سيطرة الميليشيات الحوثية على السلطة.

وأكدت المصادر أن القيادات الحوثية استغلت مناصبها من أجل الثراء الفاحش وبطريقة غير مشروعة ومن أموال الشعب التي يجري نهبها بشكل علني.

وأدى تنافس القيادات الحوثية على النفوذ والثراء، إلى الكشف عن كثير من قضايا وملفات الفساد، وتطور التنافس، خلال الأسابيع الأخيرة، إلى إحالة عدد من المتهمين بالفساد إلى المحاسبة، رغم أنه لم يجرِ الإفصاح عن هوياتهم.

وكان الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة الخاضع لسيطرة مليشيا الحوثي أكد أنه تم خلال الأعوام الخمسة الماضية إحالة 700 قضية لمسؤولين فاسدين إلى النيابة العامة، وهو عكس حجم الفساد المستشري في مناطق الحوثيين وتمتع قياداتهم بالحصانة وعدم المحاسبة.

رد حوثي

الميليشيات الحوثية ردت على تلك الفضائح بطريقتها المعتادة من خلال انتهاج أساليب تعسفية بين خطف واعتقال وفصل الموظفين في الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة.

ووفقاً لوثيقة رسمية صادرة عن القيادي الحوثي علي العماد، المنتحل صفة رئيس الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، أكدت فصل نحو 29 موظفاً عن العمل في الجهاز، بصورة تعسفية تحت مبرر الغياب لأكثر من 20 يوماً متتالية دون عذر مقبول. وسبق عملية الفصل قيام "جهاز الأمن الوقائي" الحوثي باختطاف 5 من موظفي الجهاز الرقابي في صنعاء، بعد تلفيق تهم كيدية لهم.

مصادر في الجهاز بصنعاء أكدت أن سبب الفصل والإقصاء والاختطاف التعسفي يعود إلى تسريب الكثير من قضايا الفساد المالي المأهول الذي تمارسه القيادات الحوثية المعينة في مناصب عليا في المؤسسات المالية والإيرادية.

وقالت المصادر: إن القيادي الحوثي علي العماد الذي جرى تعيينه كرئيس للجهاز للرقابة والمحاسبة، يعمل على حماية وتغطية فساد الكثير من القيادات الحوثية البارزة، إلى جانب تقديم معلومات حول الموظفين لتسهيل عمليات اختطافهم وتلفيق لهم الكثير من التهم تمهيداً لإقصائهم وفصلهم من وظائفهم التي يعملون فيها من سنوات طويلة.

سخط كبير

وفي وقت سابق كشف تقرير رقابي في صنعاء صادر عن قطاع مكافحة الفساد، حجم الأضرار في القضايا المنجَزة والمُحالة إلى نيابات الأموال العامة، خلال العام الماضي 2022، بما يزيد على 5.7 مليار ريال يمني (الدولار حوالي 530 ريالاً)، و5 ملايين دولار، في 55 قضية فساد أمكن الوقوف عليها، وتورّط فيها 211 قيادياً حوثياً في الفترة نفسها.

وأكّد التقرير أن الرقم الفعلي أعلى من الأرقام المذكورة، مشيراً إلى تفشي مظاهر الفساد، وتعاطي الرشاوى، والاختلالات المالية والإدارية بشكل كبير، وخصوصاً من قِبل قيادات الحوثي والمسؤولين المُوالين له والمشرفين في مختلف الوزارات والهيئات والمحافظات والمديريات والمناطق.

وأثارت قضايا الفساد المعلنة وتورط قادة حوثيين بارزين فيها حالة من السخط والغضب الشعبي خصوصا في موظفي الدولة الذين ينتظرون صرف مرتباتهم المنهوبة منذ سنوات تحت ذريعة عدم وجود إيرادات وميزانية للدولة، في حين أن صراع الأجنحة الحوثية والتنافس على الثراء ونهب المال العام كشف زيف تلك الذرائع.

الكشف عن هويات مرتكبي وقائع الفساد يحدث فقط على هيئة تسريبات ونشر وثائق ومعلومات بين القادة الحوثيين المتنافسين؛ إلا أن الجهات الرسمية والنيابية المتخصصة في قضايا مكافحة الفساد ترفض الإفصاح عن هويات وشخصيات من تتم إحالتهم إلى المحاسبة والمساءلة وأجهزة القضاء، وهو ما يؤكد أن هذه القضايا يجري تسويتها سراً؛ نظراً لمكانة القيادات الحوثية، وخوفاً من تأزم الأوضاع في مناطق سيطرتهم.