المخا.. تكسر عنق الحصار

تقارير - Sunday 12 November 2023 الساعة 02:47 pm
المخا، نيوزيمن، أحمد محمود النويهي:

على مسافة ساعة زمن بحساب الوقت تنحسر المسافات، تتضاءل المتاعب التي يعانيها سكان محافظة تعز والتي تعد الأكثر من حيث عدد السكان. 

تعاني المحافظة من حصار خانق تفرضه المليشيا الحوثية المدعومة من قبل إيران. 

يدفع سكان المحافظة ثمناً باهظاً لحصار يغلق الطرق الواصلة بين المدينة والمحافظات الأخرى. 

يقطع المسافر ساعات تصل إلى عشرة أضعاف الوقت الذي يمكنه من الوصول إلى مدينة الحوبان في الجهة الشرقية من وسط المدينة مركز المحافظة والريف الجنوبي والغربي للمحافظة. 

من عشر دقائق إلى عشر ساعات، حيث تفرض المليشيا حصاراً خانقاً على المحافظة، إذ وصلت بعد تسع سنوات على اجتياح المليشيا المحافظة لأول مرة قاطرة محملة بالغاز عبر طريق كسر عنق الحصار بإسناد قيادة المقاومة الوطنية وتوجيهات عضو مجلس القيادة الرئاسي العميد طارق صالح.

في مبادرة وطنية تحسب له في ميزان نضالاته لصالح القضية وضداً للمليشيا الإيرانية التي تقاتل من أجل تنفيذ أجندة خارجية تمولها "طهران" والحوزات الدينية التي تصدر أدوات الموت والفناء لعديد بلدان عربية. 

تفرض المليشيا الحوثية على سكان محافظة تعز حصاراً مميتاً تحاول من خلاله تركيع الناس وإذلالهم لتتمكن من فرض سيطرتها على مقدرات البلد الذي تجاهد للسنة التاسعة على الزج به في أتون حروب طاحنة، الخاسر الأكبر فيها البلاد برمتها حين تجني المكاسب الخرافية من خلال استمرار الحرب وكما لو جعلتها "حربا مستدامة" لتمويل جيوب قادتها الذين يثرون من تجويع شعب وبلاد تعاني الأمرين نتاج نهب مرتبات الموظفين والجبايات التي تحصدها وتحتشد لها مع كل مطلع نهار، تقرر المليشيا فرض نقاط جمركية في طرق الوصول للمحافظات الشمالية والغربية.  

لم تكن سياسة المليشيا في البطش بالمجتمع وليدة لحظة عابرة، لكنها سياسة ممنهجة تستمدها من فصول الاستبداد التي رفضها الشعب اليمني منذ الوهلة الأولى للانقلاب على مؤسسات الدولة، إذ ولَّى بلا رجعة حكم الإمامة والسلالية، انتفى إلى الأبد. 

الحصار الآثم.. 

سنوات مريرة يكابدها سكان تعز تحت طائلة قصف لا يتوقف جعل المدينة ومنافذها هدفا مشروعا لقناصات تتمركز وتتموضع في كل اتجاه تتسرب منه أشعة شمس النهار، ليلاً والنهار تنكل بالمدنيين وتغتال نوافذ الضوء في شرفات المنازل، تلاحق بنادق القناصة الأطفال في طرق المدارس، يتموضع القناص في المتارس التي لا هدف لها غير بعثرة أشلاء طفلة تعوي زقاق المدينة بحثاً عن شربة ماء. 

قذائف الهاون وصواريخ الكاتيوشا والطيران المسير، والألغام حقول موت زرعتها المليشيا في كل الطرق لتمنع الناس من إمكانية الوصول بحثاً عن حياة في واقع فخخته بحقول ألغام تنوعت، من تفخيخ الحقول إلى العقول ونشر الخرافات عبر دورات ثقافية تعقدها لمقاتليها وتحاول تصديرها لتغدو منهجاً للمجتمع تحت ستار المسيرة القرآنية.

 حيث تغرب تشرقون.. 

مع انكسار قرص الشمس نحو الغروب، ثمة اتجاه يسمونه في علم الجغرافيا الغرب.. من الساحل الغربي يبدأ المسار من خلف المدى والمدار، ينبثق الأمل يبدد سحب الغبار، تتنهد الصباحات على خط السفر والمحال أصبح ذلك المجال الذي يسمح بالعبور الآمن وأصبح بمقدور كل وسائل المواصلات أن تعبر بكل يسر وسهولة وأمان.. 

 الكدحة -البيرين -تعز

من العاصمة عدن عبر الساحل الغربي، أصبحت المخا نقطة اتصال ومحطة حيوية، تعيد للمحافظة دورها المحوري والاستراتيجي كحلقة وصل بين شرق المحافظة وغربها، من الشمال إلى الجنوب ثمة طريق يلوي عنق الحصار، تتدفق القواطر والشاحنات والباصات السياحية كما لو تبحر على اليابسة، تمخر السهل والصحراء والجبل وصلاً بالنهار، تتالى الإنجازات وليس هناك إعجاز ولسنا هنا في معرض مفاخرة واستعراض، لكنها الحقيقة يجب أن تقال.. من المخا سافرت القوافل ومنها وإليها تعود ولا زالت تجود، تعطي بسخاء كبحرها الدفاق بلا توقف، كل نهار نقرأ عن إنجاز يعزز حق الناس في الحياة والسفر والعيش بكرامة.

من المخا التي تشهد حراكاً اقتصادياً تعود المدينة بثلاثية الميناء والمطار ومحطة للسفر برا وبحرا وجوا.

 البداية بلا نهاية إنجاز لا إعجاز، لكنها القيادة والإرادة والإدارة والقرار. 

من المخا التي كانت  ولا زالت ميناء يقصدها العالم تعود الجمهورية وقد ازدهرت دواخلها ما يبقى ويرقى بحياة الناس أجمعين.