ألغام الحوثي.. كارثة خطيرة تؤرق حياة المزارعين في الحديدة

المخا تهامة - Friday 17 November 2023 الساعة 07:19 am
الحديدة، نيوزيمن، خاص:

السهل التهامي، سلة غذائية متكاملة يؤمن الغذاء للكثير من المحافظات اليمنية، وبمختلف المحاصيل لما يمتلكه من أراضٍ خصبة كبيرة نظراً لموقعها الجغرافي الذي يتوسط السهل والجبل.

ويبلغ إجمالي المساحة المزروعة في الحديدة نحو 251.098 هكتاراً، وتحتل المرتبة الأولى على مستوى البلد من حيث الزراعة، وتنتج هذه المساحة نحو 40% من احتياجات المحافظات اليمنية من المحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية، وهو ما يؤكد أهمية السهل التهامي في تحقيق الأمن الغذائي للبلاد.  

وعُرِفت تهامة بوديانها وأراضيها الزراعية منذ مئات السنين بجودة محصولها وإنتاجها، إذ كانت تنتج وتزرع أنواع المحاصيل كالحبوب بأنواعها والفواكه والخضراوات الموسمية والتي كانت رافداً للسوق المحلية، وصدرت منتجاتها لبعض الدول المجاورة، وهو ما جعلها أكثر شهرة وتميزاً في دول الجوار بجودة محاصيلها.

لكن ميليشيا الحوثي لم يرق لها ذلك، فمنذ سيطرتها على مناطق تهامة في العام 2014م، تراجع منسوب النشاط الزراعي بشكل كبير، بسبب الحرب الحوثية المفروضة عبثاً ويدفع ثمنها المواطنون بمن فيهم المزارعون.

إذ مارست الميليشيا سياسة ممنهجة استهدفت هذا القطاع الحيوي بالدرجة الأولى، وفرضت قيوداً على المزارعين الذين يعيشون على ما تنتجه الأرض من خلال منعهم من الوصل إلى مزارعهم لتفقُّد محاصيلهم والجبايات (المجهود الحربي) المفروضة بالقوة، ما أثر ذلك سلباً على حياة المُلاك والمزارعين، وشمل ذلك الاستهداف المناطق الزراعية في شمال وشرقي الحديدة. وصولاً إلى تفخيخ الأراضي الزراعية لضمان عدم عودة الحياة إليها.

ولم تكتف جماعة الحوثي المسلحة بذلك، بل أدخلت الزراعة في حربها بشكل مباشر، لخلق أزمة محلية، الأمر الذي أدى لتدهور اقتصادي ملحوظ في البلاد، من خلال تلغيم الأراضي والمزارع بآلاف الألغام في جنوبي الحديدة، وجعلها بؤرة ألغام، وفاقمت الوضع أكثر بإغلاق سدود الأودية وتحويل القنوات المائية عن الأراضي الزراعية التي يعتمد عليها المزارعون لسقي أراضيهم، إلى المناطق السكنية والأراضي القاحلة، عبثاً لا لشيء، وأصبحت الأراضي تزرع بنسب ضئيلة لا تتجاوز 20%، عما كانت عليه سابقاً قبل اندلاع الحرب، وكان منسوبها في التمام.

عودة الروح 

شهدت المناطق المحررة في جنوب الحديدة حراكاً تنموياً واقتصادياً عقب تحريرها بما فيها القطاع الزراعي الذي شهد تحسناً ملحوظاً وعادت الحياة تدب من جديد، بعد تطهيرها من الألغام الأرضية الحوثية التي زُرعت بشكل عشوائي بدون أدنى وازع ديني، وتسببت بمقتل العشرات من المزارعين ورعاة الأغنام.

إذ إن الفرق الهندسية في مشروع مسام والتابعة للقوات المشتركة، كان لها دور إنساني كبير في مسابقة الزمن من خلال مرافقتها للقوات أثناء عملية التحرير، والذين بدورهم أعادوا الحياة للمزارعين والمواطنين وفتحوا الطرقات أمام المدنيين للعودة إلى منازلهم وأراضيهم الزراعية.

قال المزارع محمد مصبري، من ريف حيس، لـ"نيوزيمن": "كانت الزراعة متوقفة لمدة 5 سنوات بسبب الحرب الحوثية. والآن عدنا إلى أراضينا لزراعتها وتأمين الأكل من خيرها"، موضحا: "لا يوجد لدينا أي مصدر دخل غير الزراعة فهي تؤمن لنا الغذاء والاحتياجات الأساسية الأخرى". وأضاف، ما نحتاجه اليوم هو دعمنا بالبذور والمعدات الزراعية التي تضررت واتلفت علينا نتيجة الحرب، معرباً عن شكره للقوات المشتركة التي حررت المناطق الزراعية في ريف حيس وعاد وكافة الأهالي إلى قراهم بعد تطهيرها من الألغام التي كانت تهدد حياتهم وتعيق عودة الحياة. 

تنامي الإنتاج

المهندس نصر عوض خان مدير الزراعة في الخوخة، أكد لـ"نيوزيمن"، أن هناك أكثر 500 مزرعة تضررت في المديرية وريفها منذ اندلاع الحرب في البلاد، وخرجت عن نشاطها الزراعي بسبب الاستهداف المباشر وعمليات التهجير للمزارعين.

وأضاف خان، إن مزارع الخوخة والسهل التهامي تجود بزراعة محاصيل الحبوب بأنواعها، وكذا السمسم والقطن والبصل والباميا، بما فيها الفواكه، مثل المانجو والجوافة، والنخيل، لافتاً إلى أن الحرب لم تؤثر على الزراعة فقط، بل شملت الحيوانات والمعدات الزراعية المقدرة بملايين الريالات، وأحدثت تصحراً في الأراضي الزراعية.

وأشار إلى أنه بعد عملية التحرير بدأت بعض المزارع تزرع ببعض المنتجات وعادت الحياة إليها بالرغم من أن المزارعين يعملون بإمكانيات بسيطة، متمنياً من الجهات الحكومية والمنظمات، النظر للمزارعين ودعمهم وتوفير كافة احتياجاتهم.

من جانبه أوضح مدير الزراعة في حيس المهندس أنور محمد الأهدل، أن أكثر من 300 مزرعة تضررت في المديرية نتيجة حرب الألغام الحوثية التي جعلتها أراضي موبوءة، بدلاً من أن كانت أرضاً خصبة تزرع وتقلع مختلف أنواع المحاصيل، فضلاً عن تضرر مئات المواضع الزراعية التي حولتها الميليشيا لتحصينات وحفرت فيها الخنادق وجعلت منها متاريس قتالية. 

وأكد أن ذلك أثر سلباً على السوق المحلية، وحرم مئات الأسر التي تعتاش من تلك المزارع، خصوصاً وأن أهالي حيس يعتمدون على النشاط الزراعي، ولفت إلى أن التحرير الذي نعمت به المديرية وريفها، أتاح للكثير من المزارعين العودة إلى أراضيهم وممتلكاتهم الزراعية بعد تطهيرها من الألغام وممارسة نشاطهم الزراعي. ودعا الأهدل، الجهات المعنية بمن فيها المنظمات الدولية لتقديم الدعم اللازم للمزارعين من أجل العودة الحقيقية للزراعة ورفد السوق المحلية بمختلف المحاصيل.

جهود لتأمين الحياة 

جهود كبيرة تُبذل في سبيل تأمين الحياة للمزارعين لاستعادة نشاطهم الهام في تأمين الغذاء وفرص العمل للكثير من المواطنين الذين نزحوا تاركين ديارهم ومزارعهم هرباً من الحرب الحوثية.

وأشاد رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة “أونمها” اللواء مايكل بيري، في تصريح نشره الموقع الرسمي لمشروع مسام، بالجهود التي تبذلها فرق نزع الألغام التابعة لمشروع مسام، مثمناً إنجازاتها من أجل تأمين حياة الناس. وقال بيري، خلال اطّلاعه على جهود فرق نزع الألغام "إنهم يفعلون ذلك بشكل لا يصدق ويبذلون جهوداً كبيرة لحماية المجتمع من هذه الألغام”.

وأعرب “بيري” عن تقديره الكبير لجهود فرق مسام، مبدياً إعجابه بهذا المشروع الإنساني الرائد في اليمن وتشجيعه ومحاولته التعرف أكثر على ما يمكن الإسهام به بمعية هذا المشروع لرفع تحدي الألغام، والتنسيق الأفضل بين كافة الجهات للتأكيد على قيمة هذه المهمة الرائدة المتعلقة بنزع الألغام، كمهمة في غاية الحيوية.