بتكاليف مرتفعة.. عودة حذرة لمرور شركات الشحن عبر البحر الأحمر

السياسية - Saturday 30 December 2023 الساعة 05:25 pm
عدن، نيوزيمن:

قررت عدد من شركات الشحن البحري العالمية، إعادة تسيير رحلاتها التجارية عبر مضيق باب المندب عقب تعليق مؤقت بسبب الهجمات الإرهابية التي تشنها الميليشيات الحوثية، ذراع إيران في اليمن، ضد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر.

وقالت هيئة قناة السويس المصرية، إنها تلقت إخطارات من شركات "ميرسك" الدنماركية للشحن البحري، و"إيفرغرين" التايوانية و"سي إم إيه سي جي إم" الفرنسية، بعودتها للملاحة في البحر الأحمر والممر الملاحي خلال الأيام المقبلة. 

اعتزام شركات الشحن العودة للبحر الأحمر يأتي بعد أيام من إعلان الولايات المتحدة الأميركية انطلاق تحالف بحري يهدف إلى تأمين الملاحة الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وهو ما أكده إعلان شركة ميرسك الدنماركية. حيث ترى الشركة أن نشر قوات عسكرية بحرية بقيادة الولايات المتحدة يسهم في ضمان سلامة التجارة في المنطقة واستقرار الملاحة عبر البحر الأحمر.

بدورها أكدت شركة الشحن البحري الفرنسية "سي إم إيه سي جي إم" أنها تعتزم زيادة عدد سفنها التي تعبر قناة السويس تدريجيا. وأضافت في بيان: "عبرت بعض السفن البحر الأحمر، ونضع حالياً خططاً للزيادة التدريجية للسفن التي تعبر قناة السويس باتجاه البحر الأحمر، ويستند هذا القرار إلى تقييم متعمق للمشهد الأمني والتزامنا بأمن وسلامة البحارة لدينا".

إلا أن شركات الشحن العائدة حذرت من أن "الخطر العام في المنطقة لا يزال قائماً". وأنها "لن تتردد" في إعادة تقييم وضع السلامة لسفنها وموظفيها وتعديلها على الفور حسب الحاجة".

تطمينات أميركية 

ورغم التطمينات التي أرسلتها أميركا التي تقود عملية "حارس الازدهار" لتأمين الملاحة في البحر الأحمر منذ 18 ديسمبر 2023م، إلا أن شركات شحن عالمية لا تزال مصرة على تغيير مسار سفنها وتجنب المرور بالبحر الأحمر ومضيق باب المندب حتى إشعار أخر.

وقالت "هاباغ لويد" الألمانية إنها ستواصل إعادة توجيه السفن عبر رأس الرجاء الصالح في الطرف الجنوبي لإفريقيا. وقال متحدث باسم الشركة: "في الوقت الحالي، ما زلنا نعتبر الوضع خطيرًا للغاية بحيث لا يمكن تجاوزه، نحن نقيم الوضع باستمرار".

ويؤكد الجيش الأميركي أن توفير قوة متعددة الجنسيات سيجعل الإبحار عبر البحر الأحمر وقناة السويس آمناً، وفقا للعقيد في سلاح الجو الأميركي، بريون ماكغاري، الذي يشغل منصب المتحدث باسم وزارة الدفاع للشرق الأوسط وإفريقيا.

وقال المسؤول العسكري الأميركي: إن "البنتاغون يجري محادثات شبه يومية مع المنخرطين في القطاع لرصد احتياجاتهم وطمأنتهم بأن المجتمع الدولي على استعداد للمساعدة في ضمان المرور الآمن للسفن". 

ويقول مارك كانسيان، ضابط مشاة البحرية المتقاعد وكبير المستشارين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: "سيستغرق الأمر بعض الوقت حتى تتمكن شركات الشحن من التعرف على الوضع الأمني"، مضيفاً "إذا اتضح أنه بإمكان الولايات المتحدة والتحالف ضمان ممر آمن، فأعتقد أن شركات الشحن ستعود. لكن في الوقت الحالي لا يمكنها التأكد من ذلك".

وأشار كانسيان، في مقابلة، إلى أن بعض شركات الشحن ستظل "أكثر نفوراً من المخاطرة من غيرها. فقد تكون الشركات التي لديها صلات مع إسرائيل أكثر تحفظاً". وقال الحوثيون المدعومون من إيران، إنهم يستهدفون السفن المرتبطة بإسرائيل دعماً للفلسطينيين، على الرغم من استهدافهم السفن التي ليس لها صلات مباشرة بإسرائيل أيضاً.

عودة إجبارية 

وخلال ديسمبر تجنب نصف أسطول سفن الحاويات الذي يعبر بانتظام البحر الأحمر وقناة السويس الطريق، بسبب تضاعف الهجمات التي تبنتها الميليشيات الحوثية قبالة سواحل اليمن في البحر الأحمر ومضيق باب المندب. ودفعت الهجمات الحوثية شركات الشحن إلى اعتماد الطريق الأطول والأكثر تكلفة -رأس الرجاء الصالح- وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط والشحن التجاري والتأمين البحري وهو ما ينعكس على أسعار السلع الاستهلاكية.

كما أن المحللين الاقتصاديين يؤكدون أن تأمين ممر البحر الأحمر يحتاج إلى المزيد من الإجراءات إلى جانب القوة العسكرية. فشركات الشحن تحتاج إلى الاطمئنان الكامل للعودة والعبور من هذا المرر الذي أصبح خطيراً لطريق التجارة". كما أن هذه التحركات قابلها تصعيد مستمر من قبل الميليشيات الحوثية- ذراع إيران في اليمن، والتي أعلنت أنها مستمرة في خياراتها الاستراتيجية لاستهداف السفن التجارية في البحر الأحمر وباب المندب.

رسوم إضافية 

عودة بعض شركات الشحن للمرور عبر قناة السويس وصولاً لمضيق باب المندب، يهدف بالدرجة الرئيسية إلى التقليل من الخسائر عبر رأس الرجاء الصالح. يبدو أن هذا الهدف لن يتحقق كما كانت تتمناه تلك الشركات، فتكاليف الشحن سترتفع بصرف النظر عما إذا كانت السفن تستخدم البحر الأحمر أو على الطريق الأطول والأكثر تكلفة عبر إفريقيا.

وبحسب صناعة الشحن في الدنمارك -موطن بعض أكبر الشركات العالمية- "تم مضاعفة أجور أفراد الطواقم البحرية في السفن التي تبحر عبر البحر الأحمر، للتعويض على الخطر الذي تشكله الهجمات الأخيرة".

وأعلنت شركة هاباك لويد الألمانية، عن رسوم جديدة في الأيام الأخيرة لنقل البضائع على طول العديد من طرق التجارة الأكثر ازدحامًا في العالم. وأوضحت الشركة أن هذه الرسوم الجديدة تأتي تحت مسمى "رسوم إيرادات الطوارئ" للبضائع المسافرة من وإلى البحر الأحمر. ويعود فرض هذه الرسوم لـ"الوضع الديناميكي في البحر الأحمر" وتعديلات التشغيل التي تسببت في حدوث اضطرابات لحركة الشحن وأثرت على الجداول الزمنية وإمدادات المعدات".

ووفقاً لشركات الشحن الملاحية، فإن الرسوم الجديدة ستضيف 1000 دولار للحاوية المشتركة التي يبلغ طولها 20 قدمًا والتي تتجه شرقًا عبر قناة السويس، و1500 دولار للحاوية التي تتجه غربًا عبر خليج عدن.

وقد اتخذت شركتا Maersk وCMA CGM خطوات مماثلة. ومع دخول بعض الرسوم حيز التنفيذ اعتبارًا من يناير فقط. وستزداد المخاوف من أن خلل الشحن قد يمتد إلى أسعار السلع الاستهلاكية - إذا قامت الشركات بتمرير تكاليف نقل أعلى إلى العملاء مع ارتفاع الطلب مرة أخرى.