"أنا ميت".. حملة وطنية تطالب "الحوثي" إطلاق سراح القاضي "قطران"

تقارير - Thursday 01 February 2024 الساعة 12:20 pm
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

"أنا ميت" كلمة لخصت المعاناة التي يتجرعها القاضي عبدالوهاب قطران، إلى جانب آلاف المدنيين المختطفين داخل سجون ميليشيا الحوثي الإيرانية منذ سيطرتهم على السلطة في 2014.

هذه الكلمة البسيطة أصبحت اليوم عنوانا لحملة تضامن شعبية واسعة جرى إطلاقها على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية، من أجل المطالبة بالإفراج عن القاضي قطران الذي يقبع في سجن المخابرات الحوثية منذ 2 يناير الماضي.

الحملة يقودها عدد من السياسيين والأدباء والكتاب والنشطاء في مقدمتهم البرلماني البارز أحمد سيف حاشد، الشيخ فيصل أمين أبوراس والأستاذ عبد الباري طاهر والكاتب والأديب أحمد ناجي أحمد وعدد من الحقوقيين وقيادات المجتمع المدني. وستركز الحملة على التضامن مع القاضي عبد الوهاب قطران والمطالبة بالإفراج عنه.

وأكد القائمون على الحملة على ضرورة الانتصار للقانون والدستور والقيم المدنية، مهيبين بكل قوى الضمير في اليمن والعالم التضامن مع حق القاضي عبد الوهاب قطران في الحرية. 

وبحسب تصريحات مقربة من أسرة قطران فإن وضعه الصحي متدهور داخل الزنزانة الانفرادية المحتجز فيها. موضحين أنهم تلقوا فقط مكالمة قصيرة لم تتعدَ نصف دقيقة منذ اختطافه مطلع يناير الماضي. وأن كلمات المكالمة كانت فقط  "أنا ميت وأنه يلفظ أنفاسه الأخيرة".

مصادر حقوقية في صنعاء أكدت أن كلمات القاضي عبدالوهاب قطران تؤكد حقيقة أنه يتعرض لتعذيب وحشي داخل السجن، وأن مستوى التعذيب الذي تمارسه الميليشيات الحوثية يصل إلى حد الموت.

تعسف وانتقام

وقال النائب أحمد سيف حاشد: إن الميليشيات الحوثية قاموا بالتحقيق مع القاضي عبدالوهاب قطران، وبعد الانتهاء منه أرادوا توقيعه وبصمته على أوراق التحقيق إلا أن قطران رفض ذلك، وأنه لا يعترف بشرعيتهم وهو ما زاد من تعسف الميليشيات والاستمرار في احتجازه والإمعان في الانتقام منه.

وأشار حاشد على صفحته في "فيسبوك" إلى أن أسرة المعتقل القاضي عبدالوهاب قطران قدمت شكوى وسلمتها إلى رئيس مجلس نواب صنعاء يحيى الراعي، وتم لاحقاً مخاطبة جهاز الأمن والمخابرات للتوضيح حول ما ورد في شكوى أسرة القاضي عبدالوهاب قطران، وذلك ليتسنى لها اتخاذ اللازم. وتم تسليم جهاز المخابرات الرسالة إلا أنه امتنع عن تحرير استلام الرسالة مع المرفقات.

ويؤكد أستاذ القانون في كلية الحقوق بجامعة تعز، الدكتور عبدالله الحكيم، أن اختطاف القاضي عبدالوهاب قطران طوال هذا المدة دون إحالته إلى القضاء يعد جريمة ولا تسقط بالتقادم. موضحا بأنه يجوز استيقاف المتهم أمام الشرطة 24 ساعة فقط وفقا للدستور والقانون اليمنيين، ومن ثم يرفع محضر الاستدلال إلى النيابة التي بدورها تقوم بالتحقيق معه فإن اقتنعت بأنه ارتكبت جريمة، ترفع محضر التحقيق إلى المحكمة التي تقوم بدورها بالحكم ببراءته أو إدانته.

وأوضح: "إذا كان المتهم قاضيا فلا يجوز القبض عليه، إلا بعد إذن من مجلس القضاء الأعلى وأن استمرار اختطافه جريمة".

الحوثي يروج للأكاذيب

في بيان منظمة هيومن ريتس ووتش بشأن إدانة اعتقال القاضي عبدالوهاب قطران قبل أيام، تم تعرية حقيقة الشعارات الزائفة التي ترفعها الميليشيات الحوثية للدفاع عن الأشقاء في فلسطين بشأن الحقوق والحريات ورفض الاعتقالات والاختطافات وأعمال القتل الوحشية التي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي؛ في حين هذه الميليشيات ترتكب أبشع الجرائم بحق الشعب اليمني.

واعتبرت المنظمة الحقوقية الدولية، اعتقال القاضي قطران أحد الأمثلة الواضحة على نمط أوسع من حملات القمع الحوثية على حقوق الناس في حرية التعبير، وانتهاكاتها ضد النشطاء والمعارضين السياسيين. موضحة: "بينما ينشغل الحوثيون بالترويج أمام العالم أنهم يدافعون عن الفلسطينيين في غزة ضد الفظائع الإسرائيلية، يُسكِتون بلا رحمة اليمنيين تحت حكمهم الذين يتجرؤون على انتقادهم". وأضافت: "المطالبة بحقوق الإنسان الأساسية للفلسطينيين تنطبق أيضا على اليمنيين".

وأوضحت المنظمة أن سبب الاعتقال التعسفي يعود إلى المنشورات التي يكتبها القاضي عبدالوهاب قطران وانتقاده لأفعال الميليشيات الحوثية وآخرها في البحر الأحمر. وليس كما روجت لها الميليشيات بأنه كان يصنع الكحول ويشربه.

وذكرت المنظمة بما أصدرته ميليشيا الحوثي -مؤخراً- من حكم الإعدام بتهم التجسس على الناشطة الحقوقية فاطمة العرولي (35 عاما)، التي أُخفيت قسرا على يد قوات الحوثيين في تعز في 12 أغسطس/آب 2022. ولم تُمنح العرولي التمثيل القانوني الكافي، ورفضت السلطات مرارا طلبات أفراد عائلتها زيارتها والاتصال بها.

وقالت الباحثة المتخصصة بشؤون اليمن في هيومن ريتس، نيكو جعفرنيا: "الناس في مختلف مناطق الحوثيين ليس لديهم ما يكفيهم من الغذاء والماء. أولوية الحوثيين ينبغي أن تكون حل هذه المشكلة وليس ملاحقة كل شخص ينتقدهم".

قبح وإفلاس حوثي

وربط القيادي السابق في جماعة الحوثي، صالح هبرة، ما يحدث للقاضي عبدالوهاب قطران، بما حدث سابقاً لرئيس نادي المعلمين اليمنيين الأستاذ أبو زيد الكميم الذي لا يزال مختطفا لدى الميليشيات الحوثية منذ 8 أكتوبر 2023 على خلفية مطالبته بصرف مرتبات المعلمين المنهوبة منذ سنوات.

وقال هبرة في منشور له على صفحته في فيسبوك: كلمة "أنا ميت" التي قالها القاضي قطران ربما هي ذات الكلمة التي قالها المعلم الكبير "أبو زيد الكميم" ومن نفس السجن لأحد أفراد أسرته. 

وأضاف: "اعتقال القاضي "قطران" والمعلم "الكميم" على خلفية انتقادهما فساد سلطة صنعاء ومطالبتهما بتسليم الرواتب للموظفين -أسوة بقيادات سلطة أنصار الله- جريمة وإهانة ومصادرة للحق في الحياة وحرية الرأي والتعبير. مشيرا إلى أن إلصاق التهم بحد ذاتها جريمة؛ تكشف قبح وإفلاس من يستخدم مثل هذه الأساليب القذرة ضد من ينتقده، وتتنافى مع القيم والأخلاق التي عرف بها اليمنيون وورثوها كابرا عن كابر، وتتعارض مع الهوية الإيمانية التي يتشدقون بها.

وقال القيادي المنشق عن جماعة الحوثي: "أليس هذا ظلم وافتراء؟!!، كيف نستنكر الظلم (الاسرائيلي) لأهلنا في (غزة) ولا نستنكر ظلمنا لأهلنا ورعايانا في صنعاء!".

وأعلن هبرة تضامنه الكامل مع "القاضي قطران" و"أبو زيد الكميم" و"الأستاذ محمد الكهالي" وكل مظلوم. مطالباً بإطلاق سراح الجميع وإيقاف معاناة الجوع التي يتجرعها الشعب اليمني على يد الجماعة الحوثية. مضيفا: "باعتقادي أن قضية السجون وكبت الحريات ليست حلًا، ولن تعالج الإشكاليات وإنما تزيد الوضع تعقيدًا أكثر وفي التاريخ عبرة لمن يعتبر".