بين منع التصدير وخسائر المزارعين.. البصل الأحمر يثير أزمة في سهل تهامة

المخا تهامة - Sunday 04 February 2024 الساعة 09:14 am
الحديدة، نيوزيمن، خاص:

يعد "البصل الأحمر" من أبرز المحاصيل التي يتم زراعتها في السهل التهامي، ورغم شحة الإمكانات وغياب الدعم إلا أن المزارعين تمكنوا من تجاوز آثار الحرب وبث روح الحياة في الأراضي وإنتاج هذا المحصول الذي يطلق عليه المزارعون اسم "الذهب الأحمر".

وشهدت مناطق تهامة والساحل الغربي، مؤخراً، زيادة كبيرة في زراعة البصل الأحمر في هذا الموسم، بعد عودة الكثير من المزارعين إلى أراضيهم التي تضررت بفعل الحرب وانتشال الألغام التي زرعتها مليشيا الحوثي في الأراضي الزراعية. ويفضل الكثير من المزارعين هذا المحصول لما له من عائد اقتصادي سواءً للمزارعين أو الدولة التي تشرف على تصديره لعدة دول مجاورة.

مع زيادة الإنتاج أثار قلق المزارعين خصوصاً مع القرار الوزاري الذي قضى بمنع تصدير "البصل الأحمر" إلى الخارج على خليفة قلة المعروض في السوق المحلية وارتفاع أسعاره. حيث سجل سعر الكيلو الواحد من البصل الأحمر في المناطق المحررة نحو "2500" ريال، وهذا السعر قياسي ويفوق قدرة المواطنين على الشراء.

ويؤكد الكثير من المزارعين أن قرار منع التصدير أثر سلباً على دخل أسرهم، فهم ينتظرون بفارغ الصبر إنتاج المحصول الذي كلفهم الكثير من الجهد والمال لرعايته لجني الثمار والحصول على مردود مناسب يسد ما خسروه ويؤمّن الاحتياجات الأساسية لأسرهم.

تصدير بالأطنان

يقول محمد غالب قليهط مدير مكتب الزراعة في المخا لـ"نيوزيمن": الأراضي في مناطق المخا والسهل التهامي غنية بالخصوبة ويتم فيها زراعة مختلف المحاصيل. لكن زراعة البصل الأحمر الأكثر والأشهر، مضيفا: "المزارعون يأتون بالمحصول من كل المناطق ويتم تعبئته في الأكياس وتصديره بالأطنان إلى الخارج وبالعملة الصعبة. وكل هذا الحِراك الزراعي والتنامي في القطاع جاء عقب تحرير مناطق الساحل من الحوثيين وتطهير الأراضي من الألغام.

وذكر أنه يتم تصدير البصل يومياً 300 طن لدول الخليج والقرن الإفريقي، ويصدر سنوياً 800 ألف طن. ونتيجة للتغيرات الحاصلة في الأرض والبحر نتيجة الحرب الحوثية "أكد قليهط" الآن نواجه معوقات كبيرة هو إغلاق الطرق من قبل الحوثيين وعدم تصدير الكميات للمحافظات ولدول الجوار، وكذلك في طريق الملاحة الدولية المؤدي للقرن الإفريقي بسبب معارك البحر الأحمر، وأصبحت تكلفة النقل بأسعار لا تتوقع وبالعملة الأجنبية، كُنا سابقاً نصدر الشاحنة بـ3 آلاف سعودي، الآن الإيجار يكلف 17 ألف سعودي.

ولفت إلى أن المخاوف التي تواجه المزارعين حالياً هو من تلف المحصول بسبب منع التصدير، لأنهم هذا الموسم زرعوا محصول البصل بشكل كبير، لذا نتمنى من الحكومة ووزارة الزراعة والمنظمات، النظر بعين الإنسانية للمزارعين وتوفير احتياجاتهم وكذلك الدعم المادي والمعنوي الذي يعين المزارعين على الاستمرار في عملية الزراعة وتوفير كافة المنتجات للسوق المحلية وتصديرها للخارج كونها تعود بمردود اقتصادي للبلاد.

خسائر فادحة

ويشكو المزارعون الذين تكبدوا خسائر فادحة نتيجة إقدامهم على زراعة البصل بأن القرار الوزاري الذي قضى بمنع تصدير البصل للخارج بأنه مفاجئ وجائر وغير مدروس.

قائلين، إن هذا القرار جائر وظالم بحقنا، نحن في أيام تدني أسعار البصل والمحاصيل الزراعية، لا نجد أي أحد من الوزارة أو الحكومة من يقف بجانبنا أو يعوض خسائرنا، ومدخلات الإنتاج الزراعي باهظة الثمن علينا وبالعملة الأجنبية، ولا يوجد أي تدخل من الحكومة لخفض أسعارها.

ونوه عدد من المزارعين إلى أن السوق المحلية لا يمكنها أن تستوعب المحصول من البصل، بل ستؤدي إلى تكدس المنتج من البصل بما لا يغطي نفقات وتكاليف إنتاجه، وسيؤدي ذلك في نهاية المطاف إلى تلف المحصول وفناء المزارع على حد سواء.

ووجه الكثير من المزارعين في السهل التهامي الكثير من التساؤلات، لماذا نحن دائما كبش فداء مع كل عام من قبل القرارات الوزارية؟ ومع هذا كله لم تغفر لنا معاناتنا التي تلقيناها وواجهناها من نزوح وتشريد، ودفعنا الثمن باهظاً بعد عودتنا ونحن نستصلح أراضينا وفقدنا المئات من أهالينا وفلذات أكبادنا نتيجة الألغام.

وقال أحد المزارعين: "مع أن القطاع الزراعي من أكبر القطاعات التي تسهم في الإنعاش الاقتصادي في البلاد -والحكومة أكثر جهة تعرف هذا الشيء- فلماذا هذا التعنُت ضد المزارعين الذين خلقوا فرص العمل لكثير من النازحين والمساهمة في الحد من البطالة؟".

قرار واضح 

>> المزارعون في الحديدة يحتجون على قرار إيقاف تصدير محصول البصل

وفقاً لقرار وزير الزراعة سالم السقطري، قبل أكثر من أسبوعين، يتم وقف تصدير محصول البصل إلى خارج البلاد حتى يتم تنظيم تسويقه محليا وخارجيا، موجهاً الجهات المختصة بإيجاد طريقة مناسبة لتنظيم تسويق المحصول محليا لضمان توفيره في الأسواق المحلية.

وشدد الوزير على تحديد الكميات الممكنة للتصدير حفاظا على المنتج بما يحقق توازنا بين الكميات المطلوبة للسوق المحلية والكميات الفائضة للتصدير منعا لتكدس المحصول في حالة الوفرة المتوقع حصولها في شهر مارس المقبل.

ومع تزايد مخاوف المزارعين من آثار قرار منع التصدير، قال وكيل وزارة الزراعة لقطاع الري محمد الزامكي، في تصريحات منشوره له، "سيكون للقرار أثر إيجابي على انخفاض الأسعار بالنسبة للبصل وخلال الأيام القادمة سينخفض أكثر"، مشيرًا إلى أنه من المفترض أن يتم تقنين الصادرات بحيث لا يتضرر المزارع.

وأشار إلى انعقاد اجتماع بهذا الخصوص مع السلطة المحلية والغرفة التجارية والصناعة والتجارة والأمن، وتم خلاله الاتفاق على رفع آلية إلى الوزير بخفض الصادرات في حدود 30 بالمائة بحيث يحقق انخفاضًا للأسعار في السوق المحلية وأيضًا تتاح للمزارعين فرصة تصدير جزء من المحصول، للحصول على أرباح مجزية وأيضًا دخول عملة صعبة للبلاد.