فتح الطرقات وإطلاق المختطفين.. مزايدات حوثية مفضوحة للتحايل على اتفاقات السلام
تقارير - Sunday 09 June 2024 الساعة 04:20 pmظلت ميليشيا الحوثي- ذراع إيران في اليمن، على مدى سنوات طويلة، تضع الكثير من العراقيل أمام كل الجهود والمساعي الرامية إلى حلحلة موضوع "إطلاق سراح المعتقلين"، و"فتح الطرقات المغلقة"، دون مراعاة أن الملفين إنسانيان ويهدفان إلى رفع المعاناة والتخفيف عن أوجاع اليمنيين.
في اتفاقية السويد أواخر العام 2018، تم الاتفاق على فتح الطرقات الرئيسية المغلقة في تعز ومحافظات يمنية أخرى، وكذا إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين وفق "مبدأ الكل مقابل الكل"؛ إلا أن الميليشيات الحوثية ظلت تراوغ وتماطل في تنفيذ هذه البنود رغم سلسلة طويلة من المباحثات والاجتماعات، واتجهت صوب المزايدات السياسية لإفراغ هذين الملفين من محتواهما الإنساني.
طرق ملتوية
خلال الأيام الماضية، بدأت الميليشيات الحوثية وتحت مبادرة أطلقت عليها اسم "الرايات البيضاء" بفتح عدد من الطرق في محافظتي مأرب وتعز، بعيداً عن الطرق الرئيسية الـ20 المدرجة ضمن الاتفاقات المبرمة برعاية أممية في 7 محافظات يمنية. لفتح طريق بين مدينتي الحوبان وتعز وقبلها طريق يربط محافظتي البيضاء ومأرب.
الطرق المعلن فتحها من قبل الحوثيين، هي طرق بديلة وملتوية، جراء استحداثها بهدف إبقاء تموضع الميليشيات العسكري وشرعنة الحصار والتضييق على المواطنين. كما أن هذه الطرق جرى الإعلان عن فتحها بمبادرات أحادية من قبل الحكومة الشرعية خلال فترات سابقة ولم تستجب حينها الميليشيات كحلول مبدئية حتى فتح الطرقات الرئيسية المغلقة.
انتقاء فتح الطرقات البديلة والفرعية بعيداً عن الطرقات الرئيسية التي تخفف معاناة المواطنين والمسافرين يؤكد أن هذه الخطوة الحوثية ما هي إلا مراوغة جديدة هدفها تعزيز مواقعها العسكرية بعيداً عن ما يتم الترويج له بأن الهدف من فتحها إنساني. كما أن الهدف من هذه العملية إلتفاف صريح على الاتفاقات السابقة وإظهار الميليشيات بالطرف الملتزم بفتح الطرقات وعدم وجود عرقلة من جانبها.
مسرحيات مكشوفة
مبادرة فتح الطرقات، سبقها مبادرة أخرى تتمثل في إطلاق سراح أكثر من 113 مدنيا ممن جرى اختطافهم واعتقالهم من نقاط أو حملات مداهمة نفذتها الميليشيات في مناطق سيطرتها. وجاءت هذه الخطوة أيضاً لتفضح حقيقة الوجه الحوثي الذي عرقل عودة مفاوضات تبادل الأسرى والمختطفين خلال الفترة الماضية، خاصة وأن المفرج عنهم ليسوا ضمن القوائم المدرجة ضمن عملية التبادل التي جرى عرقلتها منذ مطلع العام 2023.
الحكومة اليمنية وعلى لسان رئيس الوفد الحكومي في ملف الأسرى والمختطفين، يحيى كزمان، أكدت أن الحوثيين يتهربون من تنفيذ التزاماتهم في ملف الأسرى والمختطفين بخلق مسرحيات مكشوفة ومفضوحة. مشيرة إلى أن هذه المبادرات المعلنة من قبلها ما هي إلا ورقة ضغط ابتزاز سياسي بعيدا عن إنسانية الملف البحت.
الجانب الحكومي أكد أنه تقدم خلال جميع الاجتماعات المنعقدة برعاية أممية بتنفيذ الالتزام لإطلاق جميع سراح الأسرى والمعتقلين تحت "مبدأ الكل مقابل الكل"، إلا أن الميليشيات وقفت ضد هذا المبدأ وظلت تطالب بالتجزئة، وعرقلت إطلاق مزيد من الدفعات تحت حجج واهية.
ليست مكرمة
ما تقوم به الميليشيات من إطلاق سراح للمختطفين أو فتح طرق مغلقة، حق إنساني ووطني وليس مكرمة منها تجود بها على اليمنيين الذين يعيشون ويلات الحرب العبثية التي تقودها هذه الميليشيات بدعم من إيران.
عدد من المراقبين ربطوا ما يقوم به الحوثيون من تحركات في الملفات الإنسانية اليوم، محاولة لامتصاص الضربات الاقتصادية التي تعرضوا لها مؤخرا من قبل الحكومة اليمنية لتضييق الخناق على أهم الموارد المالية التي يستغلونها لتمويل حربهم وإثراء قياداتهم. في حين قال آخرون إنها مراوغات حوثية جديدة ضمن نواياها الخبيثة للحصول على مكاسب سياسية وعسكرية قادمة ليس لها علاقة بالجانب الإنساني.
ويؤكد الخبير العسكري العميد ركن محمد الكميم، أن الحكومة اليمنية اتخذت قرارات وإجراءات قوية من شأنها إجبار مليشيات الحوثي التابعة لإيران، على فتح جميع الطرقات، والتحرك نحو تنفيذ التزاماتها التي تخلفت وماطلت بتنفيذها على مدى سنوات.
وقال: أجراءات متلاحقة من البنك المركزي إلى النقل والاتصالات هدفها تجفيف منابع الإرهاب الدولي الحوثي- الإيراني، وهذه الضربات سوف تلحقها ضربات قوية أخرى ستجبر الحوثي على تنفيذ الكثير من الإلتزامات. مؤكداً: "أن الإجراءات الأخيرة للشرعية، ستصل باليمنيين إلى مخرج، "بأي طريقة سواءً بحرب أو استسلام حوثي إيراني كامل".
بدوره يرى الناشط الحقوقي عارف ناجي أن التحركات الحوثية الأخيرة من إطلاق المختطفين لديه وفتح الطرقات تتطلب ضمانات أمنية وتحت إشراف مكتب المبعوث الأممي والمجتمع الدولي. خصوصا وأن هناك مفاوضات عدة جرى الاتفاق فيها في هذا الجانب وكانت الميليشيات الحوثية ترفض وتتعنت في تنفيذها واليوم تقوم بها بشكل مفاجئ.
وأكد أن الجميع فقد ثقته في هذه الجماعة التي تبرم الاتفاقات وتتخلف عن تنفيذها، فالجماعة لها أهدافها من أي تحرك تقوم به، فهي تسعى لتحقيق مآربها العسكرية والسياسية والإعلامية حرصاً على وضع إنساني زائف ومختلق.
دعم إخواني
ما تقوم به ميليشيا الحوثي من مبادرات إحادية لتلميع وإظهار نفسها بالطرف الإيجابي، يثير الكثير من المخاوف والهواجس والحذر في التعامل مع ما يتم طرحه. إلا أن ما ثير التساؤل هو الاستجابة الفورية والعلنية لسلطات الإخوان في مأرب وتعز التي تسارع للترحيب بالخطوات الحوثية وتعتبرها مكرمة تحتفي بها في وسائل إعلامها أو عبر النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
الاستجابة الإخوانية المتسرعة للمسرحيات الحوثية الهزلية، لقيت ردا صريحا وواضحا من قبل وزير الدفاع اليمني الفريق ركن محسن الداعري الذي رفض ما تقوم به الميليشيات من مراوغة وخداع وكذب تحت مبرر فتح الطرقات المغلقة.
وقال وزير الدفاع اليمني، الفريق الركن محسن الداعري، السبت، إن فتح الطرقات المغلقة من قبل ميليشيا الحوثي، يتطلب اتفاقًا لوقف إطلاق النار، لضمان سلامة المدنيين والمسافرين اليمنيين. مؤكدا في اجتماعه مع قيادة محور تعز العسكري الموالي للإخوان: "أن جميع الطرقات في مختلف المحافظات، مفتوحة من جانب القوات المسلحة والحكومة اليمنية، ولم تقطعها سوى ميليشيا الحوثي الإرهابية، إمعانًا في معاناة اليمنيين".
وأشار إلى ما دأبت عليه ميليشيا الحوثي من "الكذب والخداع والمراوغة، خاصة فيما يتعلق بفتح الطرقات"، طبقًا لما نقلته وكالة سبأ الرسمية. وحمّل وزير الدفاع الميليشيا "مسؤولية حياة المواطنين والمتنقلين عبر الطرق"، مشيرا أن الميليشيا زرعت "الألغام والمتفجرات في مختلف الطرق".