"ريمة" المخلاف الحميري.. درج عمالها القاسميون إلى الإمامة وسبقت الزرانيق إلى انتفاضة 1921

السياسية - Friday 11 January 2019 الساعة 06:10 pm
نيوزيمن، كتب/ ثابت الأحمدي:

"ريمة الأشابط" "ريمة وصاب" "جبلان ريمة" هذه المسميات التاريخية لريمة في المصادر التاريخية التي تحدثت عنها وأولها كتاب صفة جزيرة العرب للهمداني، ثم طبقات صلحاء اليمن للبريهي، وأيضا قرة العيون في تاريخ اليمن الميمون لابن الديبع، وغيرها العشرات من المصادر التاريخية التي أشارت إليها.

70 وادياً و70 جبلاً بعضها يطل على البحر الأحمر.. معسكرات الحوثي تؤذي جغرافية "ريمة"

وهي ضمن المخلاف الحميري أرومة، مع الجند والسكاسك والسكون، حكمها علي بن الفضل ضمن ما حكم، وكانت تتبع العاصمة "مذيخرة" في إب في عهده. وقبله سكنها محمد بن عبدالله بن زياد عامل الأمويين ثم العباسيين سابقا، وإليه تنسب اليوم عزلة بني زياد في كسمة، لكنه لم يأنس للجبال، فنزل التهائم واختط مدينة زبيد وجعلها عاصمة لولايته.

في التاريخ

والواقع أن ريمة تكاد تختفي من المصادر التاريخية قبل الدولة الرسولية عدا إشارات متناثرة في بعض الكتب. أما في عهد الدولة الرسولية فقد كانت مسرحا كبيرا لنشاطها، وبدأ ذكرها في كثير من المؤلفات في هذه الفترة.

وازدادت شهرتها أكثر بشهرة زبيد التي اشتهرت كثيرا في الدولة الرسولية، من خلال الأربطة العلمية التي مثلت معاهد وجامعات متقدمة في مختلف العلوم، وأمها جميع طلاب العلم، من اليمن وخارج اليمن، ومنهم أبناء ريمة، وبرز في هذه الفترة الإمام جمال الدين الريمي قاضي قضاة الدولة الرسولية في عهد الملك الأشرف الرسولي.

وفي فترة الورود العثماني الأول إلى اليمن كانت جبال ريمة بتحصيناتها المنيعة إحدى أهم المناطق التي حكموها، ولا تزال آثارهم إلى اليوم شامخة من خلال الحصون والقلاع "القشلات" والطرق "السلطانية".

مدرج الأئمة القاسميين

ومنذ مطلع الإمامة القاسمية 1006هـ، زادت أهمية ريمة، نظرا لعائداتها الزراعية وخيراتها الاقتصادية التي كانت تغطي جزءا كبيرا من نفقات الدولة، مثلها مثل مخلاف العدين في إب، وقد ذكر البردوني في "اليمن الجمهوري" أن عمالة العدين كانت تباع لمن يتولاها في عهد الإمام يحيى ب 600 ريال فرانصي، وكانت ريمة تباع ب500 ريال.

ومن خلال استقراء تاريخ أئمة القاسميين نجد أن أغلب من تولى الإمامة لاحقا في صنعاء قد تولى عمالة ريمة، كون ريمة تدر مالا وفيرا لعاملها، تساعده فيما بعد لإعلان نفسه إماما بعد توزيع الأموال على القبائل والأتباع التي جمعها من هذه البلاد، وآخر هؤلاء الإمام المنصور محمد بن يحيى حميد الدين 1839 ــ 1904م. الذي أعلن نفسه إماما من ريمة وخرج بأتباعه من هناك وقد عاد من لدن شريف صبيا الذي استضافه بعد عودته من مصر...إلخ.

موئل البن

وقد اشتهرت بالبن ذي الجودة العالية الذي كان يصدر إلى الحديدة ثم إلى المخا ومنه إلى أوروبا، وذكر نيبور الرحالة الدنماركي المشهور طرفا من جمال هذه المنطقة وزراعتها، كما أشار إلى سوق "البن" في مدينة بيت الفقيه من تهامة، وهي إلى الغرب من مديريتي الجعفرية وكسمة، وأيضا مديرية الجبين، وهي مديريات تشتهر بزراعة البن، ثم تعمل على بيعه في هذه المدينة التي تستقبله أسبوعيا، ومن ثم يتم تصديره نحو المخا، فميناء الحديدة؛ أما في عهد الإمام المهدي محمد بن المهدي أحمد صاحب المواهب فقد ألزم عامله على ريمة بجمع نفقات حربه على بلاد المشرق "البيضاء ويافع" من ريمة. علما أنها لم تكن تعطى إلا للمقربين من الأئمة أو لمن يحبون.

انتفاضة 1921

وتذكر كثير من الوثائق أنها كانت أشبه ببلدة هجرة واغتراب لبعض البلدان كتعز، وبعض مناطق عتمة وأيضا تهامة، ولا يزال هناك مثل شائع إلى اليوم في تعز يقول: "حجنتك وريمة".

ولهذا السبب فقد كانت من أكثر مناطق اليمن معاناة من ظلم الإمامة التي استغلتها استغلالا بشعا، لطيبة أهلها وميلهم نحو السلم والزراعة والفلاحة، علما أن ريمة كانت من أولى مناطق اليمن التي انتفضت في وجه الإمام يحيى عام 1921م قبل انتفاضة الزرانيق بتهامة والمقاطرة بتعز، حسبما تحكي سيرة الإمام يحيى نفسه "كتيبة الحكمة في سيرة إمام الأمة" عبدالكريم مطهر التي وصمتهم بأقذع الوصف والشتم، وحسبما نسمع من بعض الأجداد الذين يحكون عن نضال آبائهم في هذه الانتفاضة.

عسيب ريمة

الجدير بالذكر هنا أن مديرية "برع" إحدى مديريات محافظة الحديدة كانت إداريا تتبع ريمة، ولم تنفصل عنها إلا مؤخرا، وهي تحد مديرية بلاد الطعام إلى الشمال الغربي منها، وفيهما تشابه كثير حتى في الأسماء، والعادات والتقاليد. وجغرافيا تعتبر جزءاً من ريمة، وكانت تسمى "عسيب ريمة". لأنها امتداداتها الجبلية تبدو كأنها ذيل ملحق بالجسد الكبير، وهو جبال ريمة من الجهة الشرقية.