الإجابات المؤجَّلة حان وقتها.. التحالف والشرعية وسؤال الحديدة

السياسية - Tuesday 09 April 2019 الساعة 12:15 am
المخا، نيوزيمن، أمين الوائلي:

حرب التهدئة وخسائر الهدنة في الحديدة ليست أقل من خسائر حرب كان يجب أن تكون قد انتهت الآن من إنجاز هدفها بأقل القليل مما دفع ويدفع يومياً خسائرَ وكلفة في مهب أوهام سلام واتفاقات مزّقتها المليشيات علناً وتقابل بالابتسامات والتهاون الذي يكاد يكون هواناً.

أكثر من مائة يوم منذ الإعلان عن دخول الهدنة ووقف إطلاق النار حيز التنفيذ في الحديدة غرب اليمن.

وأكثر من مائة يوم من الخروقات والقصف والهجمات والتسللات والتحركات العسكرية من قبل المتمردين الحوثيين الذين ملأوا الفترة الزمنية المذكورة بالنيران والمواجهات والتوتر.

وأكثر من مائة يوم فشلت خلالها كل محاولات وتحركات المهمة الأممية والمبعوث الأممي في إحداث اختراق ولو صغير، والتقدم خطوات صغيرة نحو تنفيذ الاتفاقات وتحويل مخرجات السويد إلى واقع.

وإلى هذا، أكثر من عشرين هجوماً (الأحد وفجر الاثنين 7 و8 أبريل 2019)، علاوة على الخروقات الخطيرة داخل مدينة الحديدة، باتجاه مواقع وتجمعات ومناطق المقاومة المشتركة، في الجاح والدريهمي والجبلية والتحيتا وحيس، بما فيها القصف بمختلف الأسلحة الثقيلة، ومحاولات زحف مواجهات عنيفة امتدت ساعات طويلة، خلال 24 ساعة مضت.

على خلفية بهذه المعطيات يصل مارتن غريفيث صنعاء ويلتقي، رفقة مايكل لوليسغارد، قيادات الانقلابيين الموالين لإيران، وتحت العنوان نفسه تندرج الجولة "إنقاذ اتفاق الحديدة" أو اتفاق استوكهولم.

جميع جولات الإنقاذ المشابهة لم تمنع موت اتفاق السويد/ الحديدة، ولكنها كرّست معنى واحداً وأولَ بصورة حثيثة وصريحة منذ خمسة أشهر؛ إنقاذ المتمردين الحوثيين والمليشيات الانقلابية من مصير حتمي، ومنع استكمال تحرير الحديدة.

ويبدو هذه المرة، أيضاً، أن لدى المبعوث وكبير المراقبين خطة جديدة لتنفيذ خطوة من أي نوع ضمن إعادة الانتشار، الخطة الرئيسية في اتفاق السويد والملغية تماماً من جانب الحوثيين.

وقد تكررت الخطط التجزيئية الصغيرة والأصغر، لاتفاق استعيض عن تنفيذه بتجزئته وتفتيته، وإعادة بناء وتفسير مضامينه وبنوده مراراً من قبل المبعوث ورئيس لجنة التنسيق، باتجاه المليشيا التي تتمتع بامتيازات التدليل والمراضاة بلا توقف، ودون جدوى أيضاً أو نتيجة مهما كانت صغيرة.

مليشيا الذراع الإيرانية لا تبدي أي نوايا للعودة عن العنف وخيار الصراع وتفجير المواجهات العسكرية الشاملة. فعلت وتفعل ذلك بجرأة ومجاهرة زائدة عن الحاجة إلى الإفهام أو الإثبات، وبدون أي تبعات أو إجراءات من قبل الأمم المتحدة ومجلس الأمن الراعي الضامن عبر ولاية اختصاص حصرية لبريطانيا.

مهمة الوسيط الأممي يجب أن تعود إلى طبيعتها كوسيط لا كراسم سياسات وخرائط. لكنه ماضٍ في طريق لا يؤدي إلى استعادة السلام والمدينة والميناء بقدر ما يكرس وجود المليشيات كضرورة مثلها مثل الشرعية!

بالمثل، فإن مهمة التحالف العربي قُيدت بأكثر من معنى وحُصرت أو حوصرت بمفاعيل التدخلات والتحركات البريطانية الأممية، ولعلها أيضاً مكبلة باعتبارات وأولويات الشرعية وخياراتها.

لكن الشرعية والتحالف جبهة واحدة، وليس من الوارد أن تتخلى عن هدف إنهاء سيطرة وتحكم الانقلابيين، واستعادة الدولة والشرعية، وتأمين وجود ومصالح ومستقبل اليمن وجيرانها. وهذا الهدف تشوش عليه كثيراً حتى الآن المجريات التي حدثت وتستمر في الحديدة على وجه الخصوص، علاوة على جبهات وجهات أخرى.

حسابات السياسيين واعتباراتهم قيَّدت وكبَّلت المسار العسكري والمقاتلين الذين اندفعوا صوب تحرير الساحل الغربي ومركزه والميناء الاستراتيجي الرئيس كهدف استراتيجي ورئيس للتحالف والشرعية.

وفي مجال الرؤية يجب التعامل مع سؤال كبير وسؤال المصير: وماذا بعد؟ وما هي الخطوة التالية؟ وما الذي يجب عمله للمضي قدماً في إنجاز أهداف الحملة والمعركة ككل وفي المركز منها صنعاء العاصمة؟

لأن التوقف وإطالته في الحديدة لا يوقف معركة الساحل والميناء الرئيس فحسب، بل توقفت عليه أشياء ومسارات وجبهات كثيرة دون السلام ودون الحرب ودون الحسم.

ترْكُ الأمور هكذا رهناً بمزاج وخيارات وتعنت المليشيات الحوثية، كما يستمر الفاصل الطويل والثقيل منذ خمسة أشهر تقريباً، هو الوضع الذي لا يجب أن يكون فيه التحالف والشرعية.

وسيحين، أو يجب أن يحين، موعد أخذ القرار والإفلات من كماشة التعطيل والتعطل ونزيف الوقت والمعنويات والاستراتيجيا.