"بلومبيرغ": عقوبات النفط الإيراني حالة نادرة يجب أن تنجح

السياسية - Tuesday 23 April 2019 الساعة 07:19 pm
نيوزيمن، وكالات:

سلطت وكالة "بلومبيرغ" الضوء على إعلان واشنطن عدم تجديد الإعفاءات من العقوبات لشراء النفط الإيراني، وكيف أن ذلك سيصب في مصلحة المزودين الاَخرين للنفط، كالسعودية التي وافقت على زيادة الإنتاج وبالتالي زيادة مداخيلها.

وأثار الإعلان الأخير لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بشأن سياسة إيران انتباه المراقبين. وأشار بومبيو إلى أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لن تجدد الإعفاءات لمستوردي الخام الإيراني، وأن مزودين آخرين قد وافقوا على زيادة الإنتاج لضمان إمداد أسواق النفط العالمية جيداً.

غير أن البعض يشكك في إمكانية ضمان إمداد أسواق النفط العالمية. وما لم يستوعبه المتشككون هو أن هذا وضع كلاسيكي مربح للجانبين، حسب "بلومبيرغ". إنه مثال شبه كامل لحيز محدود للغاية من المناسبات التي قد تنجح فيها الدبلوماسية المبنية على التعاملات حقاً.

وقد اعتمد الرئيس دونالد ترمب في الصيف الماضي بشدة على أعضاء أوبك -سراً وعلانية- لزيادة إنتاجهم من النفط. إذ أصر هو ومسؤولون آخرون في الإدارة الأميركية على أن نيتهم كانت خفض صادرات النفط الإيراني إلى الصفر عن طريق التهديد بالعقوبات، ومن ثم في نهاية المطاف فرضها على أي كيان يواصل استيراد مثل هذا الخام.

والفكرة السائدة في واشنطن هي أن ترمب قام بدوره من خلال الانسحاب من الاتفاق النووي وإعادة فرض العقوبات على إيران، وأن السعودية وغيرها من الدول المصدرة للنفط عليها القيام بدورها من خلال ضمان عدم ارتفاع أسعار النفط نتيجة لهذه الإجراءات وبالتالي إفشال محاصرة إيران.

وفعلاً، قامت السعودية وغيرها من أعضاء أوبك بزيادة التدفق في الأشهر التي تلت الاجتماع السنوي لأوبك في فيينا في شهر يونيو/حزيران الماضي. ثم بحلول شهر نوفمبر/تشرين الثاني، بدا السوق مهيّأً لاستيعاب الأخبار التي تفيد بأن كبار مستوردي النفط الإيراني، مثل الصين واليابان والهند وتركيا، سيتحملون عبء التكاليف الاقتصادية إذا واصلوا الاعتماد على إيران. لكن ما أثار دهشة الجميع هو إصدار ترمب إعفاء من العقوبات على ثمانية بلدان.

ومن دون ممارسة ضغوط لأجل تقليص صادرات إيران في المستقبل، ومع وجود نفط أوبك الإضافي بالفعل في السوق، انخفضت أسعار النفط بقرابة الثلث تقريباً من بداية نوفمبر/تشرين الثاني وحتى نهاية ديسمبر/كانون الأول 2018.

وتذكر وكالة "بلومبيرغ" أنه، "وبعد أن رفعت السعودية إنتاجها من النفط، انضمت منذ ذلك الحين إلى النادي الذي يزداد فيه عدد البلدان التي تشتكي من استحالة التنبؤ بإدارة ترمب".

ويضيف التقرير: "فقد يظن المرء أن الرياض ستشعر بالذعر إزاء احتمالية الخسارة الضخمة مرة أخرى بنفس الطريقة في أقل من عام. ولكن اليوم يختلف اختلافاً كبيراً عن الصيف الماضي بعدة طرق رئيسية، مما يعني أن قرار عدم تمديد الإعفاءات يُعد بمثابة هدية إلى المملكة العربية السعودية، وليس لإبداء حسن النية".

ويتابع: "الأهم من ذلك، أن السعودية اليوم في موقف أكثر صعوبة بشأن النفط أكثر مما كانت عليه في يونيو/حزيران 2018. إذ يبدو أن أحدث اتفاق تم التوصل إليه بين أوبك وشركائها من خارج أوبك في نهاية العام الماضي لخفض إنتاج النفط بمقدار 1.2 مليون براميل من النفط يوميا، ناجح.. حيث تمكنت المجموعة ككل من خفض الإنتاج المنشود، وارتفعت الأسعار إلى حوالى 70 دولاراً للبرميل، وهو يقارب ما تحتاجه السعودية وغيرها من الدول لتمويل ميزانياتهم، وتم تحقيق هذا السعر على الرغم من إنتاج النفط الأميركي الذي ما يزال أداؤه يتجاوز التوقعات المتفائلة. لكن عند إلقاء نظرة فاحصة، تكشف أن هذا الموقف يُعزى بأكمله تقريباً إلى عمليات خفض الإنتاج الكبيرة التي قامت بها السعودية من أجل التعويض عن روسيا ونيجيريا ودول أخرى زعمت أنها ستكبح الإنتاج، ولكنها فشلت في ذلك".

ووفقاً لأرقام شهر آذار/مارس 2019، قلصت السعودية وحدها إنتاجها من النفط أكثر قليلاً من إجمالي ما تعهدت به منظمة أوبك برمتها. وقد أوفت الرياض بما تعهدت به وخفضت إنتاجها تقريباً بثلاثة أضعاف.

واعتبرت "بلومبيرغ" أن "لدى الرياض مصلحة واضحة في الإبقاء على الأسعار مرتفعة بحيث يكون لديها مجال للتفاوض عندما يتعلق الأمر بالإصلاحات الاقتصادية ولضمان أن أسهم أرامكو تحظى بتقدير كبير عندما تعلن شركة النفط المملوكة للدولة عن أسهمها".

واعتبر أن "لا شك في أن تحقيق أسعار تصل إلى حوالي 70 دولاراً للبرميل على حساب الكثير من حصة السوق، يثير غضب المملكة ويذكرها بالفترات السابقة، مثل فترة الثمانينات، عندما أنشئت القيادة السعودية في أسواق النفط العالمية تحديات اقتصادية محلية هائلة في النهاية. ويمنح قرار ترمب بعدم إصدار إعفاءات إلى مستوردي النفط الإيراني، على الرغم من أن سعر النفط من وجهة نظره من المحتمل أن يكون مرتفعاً بشكل غير مريح، السعودية الفرصة لاستيعاب حصتها في السوق دون المساومة بالسعر".

وأكد التقرير أنه "باختصار، إنها صفقة جيدة للسعودية من الناحية الاقتصادية (ناهيك عن القيمة الاستراتيجية للسعودية لإضعاف عدوها الإقليمي)".

أما الطريقة الثانية التي يختلف بها هذا الموقف عن الصيف الماضي هي طريقة التوقيت. وعلى عكس شهر يونيو/حزيران الماضي، عندما طُلب من السعودية زيادة الإنتاج بأشهر قبل الموعد المحدد لبدء تنفيذ العقوبات، حيث إنه متبق الآن على انتهاء صلاحيات الإعفاءات الحالية 11 يوماً فقط، وتحتاج إدارة ترمب إلى إيضاح موقفها وما تنوي فعله.

ومن وجهة نظر السعودية، فإن هذه الفترة الزمنية القصيرة لها فوائد، حيث يمكن للمملكة تسويق المزيد من النفط قبل أن يفي ترمب بكلمته. وبشكل عام، يستغرق تنشيط الطاقة الاحتياطية حوالي شهر تقريباً.

وختم التقرير: "ومع ذلك، من وجهة نظر بقية العالم، فإن هذه الفترة الزمنية يجب أن تجعلنا حذرين... يكاد يكون من المستحيل أن تبقى الأسواق هادئة إذا بدأ تقليص الصادرات الإيرانية قبل زيادة الإنتاج السعودي".