غادر "إيرلو"صنعاء علناً بعد أن دخل إليها متخفياً ليحكمها ويتحكم في قرارها السياسي والعسكري، ومعه مجاميع الخبراء العسكريين من الحرس الثوري الإيراني وكوادر حزب الله اللبناني الذين قادوا وما زالوا المعارك الحوثية ضد اليمنيين.
ما يهمنا في أمر إجلاء إيرلو، ليس وضعه الصحي الحرج والغامض، فليس مهماً أبدا أن يغادر وهو يعاني ضيق التنفس جراء كورونا، أو غيبوبة تامة جراء إصابته الخطرة نتيجة استهداف جوي أثناء تواجده ومجموعة من الخبراء الإيرانيين في أحد الأماكن التي استهدفها التحالف، كل ما يهمنا كيمنيين أن لا تنطلي علينا أكذوبة الخلاف التي روج لها بعض المنابر، فمن الهراء أن يتحدث البعض عن خلاف بين الآمر والمأمور، وهنا لا بد أن نسأل، أين هي الشرعية من كل ما جرى؟
ضابط ينتحل منصب سفير يدخل إلى الدولة دون علمها، ويدير مشروع الموت والخراب من عاصمتها، وهي لم تحرك ساكناً، ثم تتم محاكمته غيابياً وتصدر المحكمة حكماً قضائياً ضده كمجرم دولي ارتكب جرائم القتل والإرهاب في سبيل تنفيذ مخطط دولته، ورغم ذلك تسمح هذه الشرعية بخروجه؟
هل الشرعية تمتلك فعلاً زمام أمرها، وتستطيع التعبير عن سيادتها وسيادة اليمن المستباح دخولاً وخروجا، أم أنها لا تعلم ما حدث ويحدث؟!
غادر إيرلو بغصة وألم كونه لم يحقق الهدف الذي جاء لتنفيذه والمتمثل في اقتحام مأرب واستعادة الساحل الغربي، وبدلاً من أن يحقق أمنيته بالإفطار من تمر مارب، خرج وهو يتغذى فطوره وغداه عبر أنبوب أنفي، وكلما تذكر الخسارة والانكسار الذي تعرضت له مخططات دولته انتكست حالته وازدادت سوءاً، رغم أن بلاده لم تخسر سوى بضعة خبراء، وبقيت الخسارة الكبيرة لليمن واليمنيين الذين يسوقهم الحوثي إلى محرقة مارب والساحل والضالع وإلى كل جبهة هلاك يضحي فيها بآلاف اليمنيين ويحشد كل يوم بدلاء لمن قتلوا، لا يهمه أمر القتلى وذويهم، ولا المآسي التي خلفتها هذه المحرقة الكبرى، فالسلطة والثروة وخرافة الحق الإلهي فوق كل اعتبار حتى وإن أفنى شباب اليمن ممن يستطيع التغرير بهم في سبيل مشروعه الظلامي.
يصر الحوثي على المضي قدماً في حربه ضد اليمنيين، وتصر إيران على مده بكل سبل البقاء والبطش والإرهاب، وتبقى الشرعية متبلدة أو لا مبالية لما يجري، مختزلة دورها في بضعة منشورات وبيان إدانة وشجب، وملتهية بتلفيق وصناعة إشاعات تبرر لأي حدث، كما تفعل حول إيرلو وسبب إجلائه، متناسية أن بديل إيرلو قد يكون في صنعاء أو في طريقه إلى صنعاء، بعلمها أو بدون علمها، فمن عجز عن منع الأول أو منع مغادرته وتنفيذ الحكم القانوني الصادر ضده، سيعجز تماماً أمام كل ما هو قادم.