كانت شبوة في كبوة وفي حالة اختطاف قسري، في ظل سيطرة الإخوان لسنوات.
حيث تقطع نسيجها الاجتماعي ودخلت في دهاليز الإخوان وصراعهم مع كل المكونات بعد أن صنعوا من محافظها السابق حصان طروادة لهذا التمزيق والتفتيت.
ولكن كل هذا الركام والحمل وكل هذه الكبوات، انقشعت بأقل من أسبوع وتجاوزت شبوة كبوتها وخرجت من محنة الإخوان والحوثي معا.
لكن ذلك الأمر لم يكن صدفة أو مجرد حدث، لقد حققت شبوة ذلك بعد أن خاضت حراكا وصراعا لتحقيق أربع مقدمات كانت هي السبب في هذه النتائج وهذا النصر.
وجدير أن نحاول استقصاء الأسباب الحقيقية والمقدمات التي قادت إلى هذا النجاح.
وهي باعتقادي أربع قضايا حاسمة وجامعة ومانعة وغيرها ربما فرعيات وهوامش، هذه الأربع القضايا هي:
أولا: تغيير المحافظ وهو القرار الإداري والسياسي المهم والممهد لدخول قوات إلى شبوة.
ثانيا: دخول قوات العمالقة إلى شبوة وهو القرار العسكري الأهم والحاسم والفيصل في كل ذلك.
ثالثا: وحدة النسيج الاجتماعي خلف المحافظ والنخبة الشبوانية والمقاومة والعمالقة معا في صورة نوعية للحاضنة الشعبية عندما تتكاتف مع العمل العسكري.
رابعا: الدعم المتميز من التحالف العربي بالضربات الجوية الكاسرة والمدد النوعي البري والمعلوماتي والمالي وذلك ما جعل المليشيات تفر إزاء هذا الجهد والمنسوج المحكم.
لقد شكلت النقاط الأربع السابقة مقدمات النجاح.
وهذه النقاط الأربع لم تولد في يوم وليلة، بل نتيجة مخاض وصراع مرير وكفاح متواصل لسنوات وتدافع مع قرار الإخوان السياسي والعسكري وغيره.
فلم تكن أي قضية من الأربع سهلة المنال والتحقق لولا الإصرار والكفاح، لكن وبعد أن تحققت هذه القضايا كانت بمثابة جسر عبور للخلاص من الحوثي والقاعدة والإخوان حزمة واحدة.
أعتقد أن معركة شبوة الأخيرة هي أسرع عمليات تحرير لمساحة من الأرض في وقت وجيز منذ بداية الانقلاب الحوثي والحرب وحتى اليوم، لا سيما وهي تصل الآن إلى البيضاء وأطراف مأرب.
لقد تخلصت شبوة من كبوتها فكان النصر والتحرير. وأعادت معركة شبوة إلى الشرعية والتحالف المبادأة في المعركة والانتقال من ضفة الدفاع إلى الهجوم.
كما أعادت لشبوة روحها وألقها، كأيقونة مكانية متميزة، ذات محمولات اقتصادية وسياسية وحضارية.
معركة شبوة وحالة شبوة عموما كثيرة الدلالات والدروس، وهي قبل أن تكون معركة فهي مدرسة يجب أن تستلهم وتكرر في جبهات أخرى.