لن تغادر ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران دائرة الإرهاب ما دامت هذه المعادلة قائمة.
فالحوثيون يجدون من خلال اهتراء الحكومة اليمنية الشرعية برئيسها ونائبه ومؤسساتها كافة اللوازم لتوفير الحماية لهم من تصنيفهم دولياً وأميركياً في قائمة الجماعات الإرهابية، فهذا لن يتحقق في ظل وجود المعطيات القائمة سياسياً.
في أبريل 2019 وفر التحالف العربي الدعم اللوجستي المطلوب لانعقاد جلسة خاصة لمجلس النواب اليمني في مدينة سيئون بمحافظة حضرموت، كان المطلوب من جلسة الانعقاد الاستثنائية هو تصنيف جماعة الحوثي كجماعة إرهابية خاصة وأن ضغطاً أميركياً مباشراً شكلته سياسات إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب في تعاملها الصارم مع الحرس الثوري الإيراني وكانت الفرصة مواتية لوضع ميليشيات الحوثي تحت أقصى الضغوط الأميركية سياسياً وعسكرياً.
بكثير من الوقاحة السياسية خرجت الجلسة دون أن تقرر تصنيف الحوثي في قائمة الجماعات الإرهابية بحجة أن الشرعية تمنح الحوثيين فرصة للجلوس على طاولة المفاوضات السياسية ولا يمكن تجريمهم،
فهم على حد وصف نائب رئيس البرلمان اليمني، إخوة وأن الشرعية حريصة على احتوائهم.
في الحقيقة أنه تخادم بين الشرعية والحوثي لإطالة أمد الحرب واستنزاف التحالف العربي سياسياً وعسكرياً ضمن الاستراتيجية المتوافق عليها.
لا تريد الشرعية هزيمة الحوثي، فهزيمته يعني نهاية وجودها فلا الرئيس هادي ولا نائبه يرون لهم مستقبلا سياسيا في أي مشهد قادم أكان عبر الخيار العسكري أو السياسي.
فلا مكان لهما في صنعاء وهذه الحقيقة منها تنطلق الشرعية في تخادمها مع الحوثي الذي كاد أن ينهزم عندما كانت القوات المشتركة بدعم من التحالف العربي على مسافة (16 كيلومترا) فقط من مطار صنعاء.
هذه هي الحقيقة كان بالإمكان القضاء على الحوثي واقتحام صنعاء في أبريل 2016.
لكن هناك قرار اتخذ غير مجرى كل شيء.
فلقد أسقط خالد بحاح من رئاسة حكومة التوافق الوطني ومن منصب نائب رئيس الجمهورية في لحظة مفاجئة عكست كل شيء وتحول الحوثي من وضعية الدفاع إلى الهجوم وسلمت له كل مديريات المحافظات الشمالية المحررة، بل وصل التخادم إلى ما هو أبعد من ذلك بتسليم الحوثي سلاح وعتاد التحالف العربي.
التخادم بين الشرعية والحوثي وصل لتسليم مديريات شبوة المحررة منذ 2016 مع وعود على أن يحصل حزب الإصلاح (إخوان اليمن) على ميناء بلحاف الاستراتيجي على بحر العرب.
هذا التخادم كان مخططا مبكرا وكانت دولة الإمارات متنبهة له وتعاملت معه بكل صرامة كما اعتادت منذ أن انخرطت في عملية عاصفة الحزم.
فهي التي دعمت عمليات تحرير عدن ثم المكلا وأمنت جزيرة سقطرى وبذلك قطعت يد حزب الإصلاح (إخوان اليمن) عن كل الموانئ الاستراتيجية.
قبل أن نطالب من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي تصنيف الحوثي كتنظيم إرهابي علينا أن نطالب هذه الشرعية برئيسها ومؤسساتها الفاسدة أن تتخذ الخطوة الإجرائية التي تتطهر بها أمام الشعب اليمني أولاً الذي ذاق من الميليشيات الحوثية والشرعية الويلات.
ولولا أن التحالف العربي بجناحيه السعودي والإماراتي حافظ على إغاثة الناس لكانت الناس قد هلكت.
الواقعية وحدها تفرض نفسها مع هذا المشهد اليمني المفرط في الاستهانة بكل القيم والمبادئ القومية والأخلاقية.
ولذا لا بد من اتخاذ إجراء عملي نحو هيكلة الشرعية اليمنية بإصلاحها وافتكاك أنياب الإخوان من جسدها المنهك تحت تصرف هذا التخادم المهين الذي كشف مراراً وتكراراً ولم يعد ينطلي على أحد.
ولعل ما كشفته عملية إعصار الجنوب بتحريرها محافظة شبوة مرة أخرى في أيام معدودة يكشف التخادم والتخاذل لأطراف اتخذوا من اليمن واليمنيين سلعا في سوق الدناءة اللا أخلاقية.
*نقلا عن سكاي نيوز عربية