مشاورات الأردن التي يجريها المبعوث الأممي إلى اليمن مع بعض الشخصيات السياسية اليمنية تبدو هروبا منه إلى الأمام والذهاب إلى أعمال ليست في جوهر المشكلة اليمنية، التي لا تزال بعيدة المنال عن خيارات الحل السياسي.
ما يقوم به المبعوث يبدو كورش العمل والندوات التي تقوم بها المنظمات غالبا، وهو تحصيل حاصل، ونشاط لا يستفيد منه سواه وفريقه وبعض المشاركين.
إنه باختصار.. بيع الوهم والذهاب إلى أنشطة مريحة سهلة ممتنعة، لكنها غير واقعية ولا مفيدة في صلب الموضوع.
كل المعطيات السياسية والعسكرية في اليمن تؤكد أن ما يقوم به المبعوث وسابقوه فرضيات حماسية مبنيٌة على أوهام، أو أنها نوع من النشاط من أجل البقاء في العمل وإقامة حجة المحاولة وإيجاد مفردات كي يقدم تقارير عمل دورية، ناهيك أن الذين يجري معهم مشاوراته ليس بيدهم مفاتيح الحل، ولا قدرات لإحداث ثغرة في جدار الأزمة.
يبدو الأمر نوعا من الترفيه السياحي وليس نشاطا سياسيا ذا جدوى.
هذه الأنشطة والمشاورات الوهم، لها تأثير كبير في صرف مجرى الأحداث في اليمن إلى مسارب الضياع وإطالة أمد الصراع، وإعطاء أماني ووعود ليس لها محل من الإعراب وهي مبنية للمجهول ابتداء وانتهاء، وخداع بصري مع سبق إصرار وترصد، تعطي تصورات خاطئة في الأمم المتحدة عن إمكانية الحل السياسي مع عصابة الحوثي والتعاطي سياسيا معها وتفرغ كل القرارات الأممية ضدها من مضمونها.
على وجه التأكيد لا نعلم أن ما يقوم به المبعوث من مخاتلات وأنشطة وزيارات عبثية، لا نعلم أن ذلك أمر متعمد منه هدفه القيام بأنشطة وسلوك وظيفي بحت، أم أنه وهم في مخيلته ناتج عن قصور في فهم الوضع اليمني؟
وفي كلا الحالتين فإن ذلك يبعث على الأسى والحزن والشفقة أيضا في وصول النشاط الأممي إلى حالة من العبثية والفساد في كل تفاصيله الإنسانية والسياسية، وهدره لأموال طائلة كان يمكن وضعها في سلة الاحتياجات الإنسانية التي يتهرب المجتمع الدولي من استحقاقها.
في ما مضى من السنوات وحتى اليوم يمكن توصيف كل تقارير وإحاطات وزيارات وأسفار وأنشطة المندوبين والمباعيث الأمميين في اليمن وما يجري في الأردن أنه نوع من الشعوذة التي يستخدمها بعض المشعوذين في علاج المرضى وتؤدي في النهاية إلى تعقيد المرض وهلاك المريض، إنها شعوذة سياسية أممية بامتياز.