يحاول الوسطاء من الدول وهيئات الأمم تمديد الهدنة في اليمن شهرين آخرين.
يطلبون من الطرفين بذل التنازلات لصالح الاستقرار فتقدم الشرعية ذلك ويمتنع الحوثي، وتدير إيران الملف اليمني بالتصعيد ويحولون الهدنة إلى واقع جديد على الأرض ومكاسب ومغانم مع قرع طبول الحرب في مأرب واستفزازات في تعز والساحل، ويضعون في مسقط شروطا تعجيزية تدل على أن مشوار السلام ليس سهلا وطريقه طويل.
أياََ كان ما جرى في الشهر الأخير، وهل هو ضرب من الهدنة أو التهدئة فقط فإنها لا شك هدنة مؤقتة، وغير موفورة الضمانات وتمديدها دون ضمانات ترحيل للأزمة وليس دخولا في حلها كما يطرح المبعوث الأممي.
يدرك الحوثي أن موقفه العسكري أفضل حالا مما مضى، ويرى أن الشرعية ليس لها عصا غليظة تلوح بها وأنها تتحدث بصوت خفيض، كون مؤسسة الجيش لدى الشرعية ضعيفة، ولعل إصلاح وضعها ومسارها وهو أبرز ما يخشاه الحوثيون من مؤسسة الرئاسة الجديدة.
كل المعطيات في القضية اليمنية تقول إنه لن يظهر حل ناجع ولن يعبد طريق السلام إلا بإعادة مسار المؤسسة العسكرية بعقيدة وطنية خالصة وظيفته الدفاع عن الوطن الذي للجميع دون اختراق الوعي الوطني.
ذلك أن مؤسسة الجيش والشرطة والأمن هي الضمان والطريق إلى طاولة السياسة كما أنها الضمان من أي مراهقات ومشاريع صغيرة.
كانت مظلة المجلس الرئاسي مقدمة ضرورية لإعادة ترتيب بيت الشرعية وأهمها الجيش والأمن، وحتى اللحظة ليس هناك مؤشرات نحو ذلك إلا أن الوقت القصير لا يكفي لتوقع نجاح أو فشل في هذا الأمر، لا سيما وأن هذه الخطوة هي الأصعب في قائمة أولويات المجلس المعلنة، ذلك أن الداء التاريخي لصراعات الماضي البعيد والقريب لا تزال تلقي بظلالها.
منذ فترة نشرت صحيفة بريطانية تقريرا صحفيا ملخصه: أن تحقيق السلام الدائم في اليمن مستحيل وإيجاد دولة يمنية قابلة للحياة يبدو أبعد من أي وقت مضى.
تحدثت صحيفة "إيكونوميست" البريطانية أن الهدنة والهدوء الذي تشهده اليمن لن يستمر لفترة طويلة.
وتوصل التقرير إلى أن اليمن سيواصل تفككه وقد يصل إلى مناطق حكم ذاتي في الجنوب والشمال والوسط وغيره.
ولعل ما يؤكد ما ذهبت إليه الصحيفة، التسريبات من مسقط عن مطالبة الحوثيين بحكم ذاتي كامل على مناطق سيطرتهم بما فيها الحديدة والموانئ الثلاثة المشار إليها في اتفاق ستوكهولم، وكذلك عدم تقديم أي تنازلات بشأن تسليم سلاحهم الثقيل.
كل هذه المؤشرات تقود إلى احتمال انتهاء الهدنة التي هي من طرف الشرعية فقط واندلاع جولات حرب جديدة، وهو دليل قاطع أن الأمم المتحدة وأمريكا والدول العشر عاجزة تماما عن الضغط على إيران في الوصول إلى حل في الملف اليمني، رغم ذلك التفاؤل في المباحثات السعودية الإيرانية في جولاتها الخمس في بغداد.
ولذا ليس أمام الرئاسي سوى إعادة النظر في وضع الجيش وتجهيزه لكل الاحتمالات الممكنة فهو الحصان الرابح أولا وأخيرا..
"تحدث بصوت خفيض ولوح بعصا غليظة".