عندما تحول خطبة الجمعة ومنابر الدعوة إلى مكان للتربص والتحرش الديني وإصدار فتاوى حول اللبس والأزياء والمعتقدات، تتحول هذه المنابر إلى أماكن لإصدار توجيهات بالموت وتحريض وعنف وإرهاب وليست مكانا للإصلاح والتوجيه ولا لطرح الأفكار والآراء..
هذا هو وضع معظم منابر المساجد لدى المتطرفين من كل جماعات الدين، حوثيين وإخوانا وقاعدة وغيرها.
ليس هناك مانع أن يؤدي الناس طقوس دينهم، شريطة أن لا تتحول إلى صراخ ومحاولة افتعال معارك وسيطرة على الفضاء الاجتماعي العام ورغبة مزمنة في استعراض العضلات الدينية، فالدين ليس أداة تحكم أو قهر أو قمع أو مزاد سياسي أو بورصة مكاسب.
وما يقوم به العديني حاليا والزنداني سابقا وخطباء الجماعة الحوثية وغيرهم الكثير في اليمن من معارك مع المجتمع، هي من قبيل التحرش الديني وإثبات القوة، حيث ينصبون أنفسهم شرطة دينية ودفاعا موهوما عن الله، وفكرة الدفاع عن الله فكرة حمقاء تتكرر في كل الأزمان والأديان لكنها لدينا أكثر شراسة..
إن ميكروفونات المنابر عندما تسلم إلى هؤلاء المعاتيه الذين هم أحوج إلى الذهاب إلى المصحات النفسية ومراكز التهذيب حتى يتخلوا عن لغة التعذيب.
لقد بات واضحا أن هذه المساجد وما تنشغل به هو لون من ألوان الاعتداء على حريات الناس وسلوكهم الشخصي وقناعاتهم الخاصة ومنابر تقيد الحياة وتثير الضوضاء والصخب وتتحول إلى إزعاج عام.
منذ زمن تحولت المساجد الى أدوات سيطرة على العقل والوجدان الجمعي العام، وأصبح ضررها يتنامى مع غفلة من الجهات في اختيار من تسلم لهم هذه الأعمال من ذوي العلم والخبرة والسلوك السوي، ومهمة الحكومة الآن مراجعة ذلك كله وصولا إلى منعها، حماية للمجتمع، كونها مصدر فتنة، وتحويل المواطنين إلى حاملي ذنوب مزمنة موهومة، أو على الأقل عقلنتها، ذلك أن الخطب الدينية إمّا أن تتحوّل إلى العقلانية، أو يتحوّل العقلاء عنها، ويسعون ويطالبون بمنعها..
وإذا كان هناك من أهمية لمنع التحرش في الشوارع فهي في هذه المنابر أكثر أهمية والكرة في مرمى الحكومة ووزارة أوقافها..