المتطرفون دينيًا، يتهمون كل صاحب رأي يخالفهم أو يواجههم بالبحث عن اللجوء السياسي في أوروبا.
هذا الكلام غير صحيح، نحن لا نبحث عن أوطان أخرى، نحن نريد وطنًا هنا، وأرضًا نعيش فيها ونتعايش فيها مع الجميع، ولكنهم -أيّ المتطرفين وقطيعهم- يعرفون جيدًا حقيقة اتهاماتهم وتنمرهم وشتائمهم واستهدافاتهم المبالغ فيها جدًا تجاه الأشخاص، بما يعني منطقيًا الهروب من مواجهاتهم، وعدم التمكن من مجابهة هجماتهم الشخصية المخيفة على الكثير من الآراء.
لكنهم يجهلون بأن الزمن قد تغير، وأن ممارساتهم ستعزلهم عن الشعب والناس، والحاضنة المتأثرة بهم لم تعد مغلقة ومحصورة بأدبياتهم، لقد تغير الزمن فعلًا، ووعي المجتمع تغير إلى أبعد ما يتوقعونه.
اليمنيون جميعًا، بكل أجزاء الوطن المترامي، في أزهى مراحل الوعي والمعرفة والدراية الناتجة عن التجربة والمعاناة والخبرة المتراكمة والمتلاحقة، لكنهم راضخون للعوز المادي والعجز المعيشي، حتى من عمق المؤدلجين والمنتمين للتنظيمات الدينية على أساس الحق وضرورة الحكم بناءً على الدين والتدين.
هؤلاء على وجه الخصوص عرفوا ما تعنيه المبررات المهيئة للتطرف والاستغلال واكتساب السلطة واحتكارها للأشخاص والأسر والأقارب.
لهذا، صدقوني، أذا ما أتيح لليمنيين المشاركة والتشارك في صناعة المستقبل وفق قناعاتهم وإرادتهم سيفاجئون العالم بنوعية الاختيار والتوجه، وهذا ما نعوّل عليه للمستقبل القادم.
كل هذا التعقيد والتمزق والتطرف سيفيدنا من أجل القناعة التامة والعامة والجامعة والشعبية المطلقة بضرورة الدولة والحفاظ عليها واختيار الأجدر بها وبإدارتها وحكمها.
لهذا دعوا الخوف والقهر والتطرف والأوجاع تتزايد، دعوا الحرب تشتد أكثر، دعوا اليأس يقبض على كل الوجوه والعقول والتوقعات، لا بد ولا بد أن تتغير الموازين وتتبدل المعطيات، لا بد أن تأتي معجزة الدعوات والأمنيات، والأفكار الواعية ليصنع الشعب رؤيته وقناعته ووعيه العظيم.
هذا ما سيحدث رغمًا عن الشيطان وأنيابه وقطيعه المدفوع مسبقًا، الخير قادم، والدولة قادمة، وإن لم تكن لنا، فللأجيال من بعدنا، لمليار عام قادمة من خلفنا، لأرواحنا المحلقة على أمل النجاة من هذا الضياع.
ثقوا بهذا.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك