العمل على بلورة استراتيجيات وخطط عمل في مستوى تحديات التَّعْقِيد الذي تعيشه اليمن أمر من الأهمية بمكان، كما أن إنشاء فرق عمل نوعية أثناء الحروب والأزمات له أهمية مضاعفة، كل ذلك في علم القيادة والإدارة يسمى العقل العملي الاستراتيجي، فهل هذا متوفر الآن لدى المجلس الرئاسي ولو بحده الأدنى أم أن الأمور تسير بحسب المجهودات والاجتهادات الفردية؟
تكمن أهمية وجود مثل هذه الفرق والعقل الاستراتيجي في صناعات قرارات ومسارات
وإضاءات كافية لتكوين أفكار عملية من داخل الصندوق ومن خارجه أيضا، كي تظهر نتائج جيدة وسريعة فنحن في حاجة اليوم إلى أثر محسوس ملموس وجوهري وليس خطابات وزيارات وتحركات في الهوامش.
معظم الأعضاء في الرئاسي، عسكريين أو أمنيين، صحيح أن لهم مشوارا في السياسة والدولة أو بعضهم على الأقل لكن ليسوا من ذوي الاختصاص النوعي ولإكمال هذا النقص يتوجب البحث عن أهل القدرات النوعية لإعداد خيارات واستكشاف حلول جريئة ومتابعة تنفيذها بصورة دورية.
أعضاء الرئاسي وصلوا إلى هذا المكان بحكم الميدان وموازين القوى على الأرض وليس بحكم موازين القدرة السياسية والقيادية والإدارية والاقتصادية، هم باختصار: إفراز لحظي وليس تراكمي جاءت بهم وقائع الأرض التي أنتجتها الحرب خلال ثماني سنوات، بالإضافة إلى رضا دول التحالف، وذلك ليس عيبا إنما عدم تتويج وإحاطة أنفسهم بفريق كبير يعد ملامح وأجندات واجتهادات تفصيلية سيكون عيبا إذا لم يتم، وهذا هو المؤمل الذي نطرحه هنا على سبيل التذكير والتشجيع والتنويه ليس إلا وعساه أن يكون قريبا.
لقد آن أَوَانُ التركيز على ملفات الجيش والأمن والاقتصاد والخدمات وغيرها وهذا يستوجب تفعيل الطابع المؤسسي الرسمي أيضا وتدبيره اعتمادا على النهج الإداري لإدارة الأزمات..
على سبيل الختم
قد يكون لدى أعضاء الرئاسي الثمانية استعداد أن يقدموا كل ما لديهم من طاقة وجهد لكن يبقى السؤال هل هذا يكفي؟، قطعا لا.
هناك أهمية لصناعة عقل استراتيجي يوازي العقل الإيراني الذي يعمل في الضفة الأخرى ويحقق مكاسب لجماعة الحوثي وذلك يستدعي العمل السريع لإنشاء وحدة خاصة بذلك، هناك ملحاحية لهذا الأمر، يفصح عنه العمل البطيء وكذلك حجم تفاصيل العمل، إذ لا يكفي الحديث عن التوافق والعمل بروح الفريق والقرار الجماعي، هذه خطوط عريضة للعمل، لكن ما هو العمل وما هي أولوياته وأفضل خياراته، ما هي البدائل وما هي إمكانات تسريع بعض الأعمال؟ كيف يمكن الانتقال مما هو برتكولي وعلاقات عامة من الأعمال إلى جوهر المشكلة والذهاب إلى إنجازات واضحة يحسها الناس ويطمئنون إليها؟
فمن غير المعقول بعد كل هذا التغيير أن يطمئنوا إلى وعود نظرية وخطابات وتطمينات، ذلك أنها شيكات دون رصيد..