عبدالستار سيف الشميري
هل نجحت إيران في تصدير ثورتها إلى اليمن.. حديث المعابر
باتت إيران تفرض شروطها في اليمن والمليشات الحوثية امتنعت عن فتح معابر تعز ووضعت شروطا جديدة، بعد مكاسبها من الهدنة السابقة، فهل نجحت إيران في تثبيت ذراعها في اليمن كسلطة أمر واقع وحكم ذاتي خالص وصدرت ثورتها في هذه الجغرافية من الأرض القابلة للتمدد عن طريق المفاوضات والضغط الأممي وعن طريق الخيارات العسكرية أيضا.
يبدو أن النظام الإيراني الحالي بطبيعته الدينية وعقده المذهبية نجح في تصدير نفسه واستنساخ نسخته في اليمن هكذا تقول وقائع الأرض والهدن وجولات المباحثات.
هذا التصدير له كلفته الباهظة على الأجيال القادمة وعلى المنطقة ثم إن طموحاته في البحر الأحمر والعرب لن تتوقف.
لقد تدفقت كل أنواع الأسلحة الإيرانية والألغام ولم نتعرف على كثير من هذه الأسلحة، والطائرات المسيرة والصواريخ البالستية، عبر وكلاء النظام الإيراني في لبنان واليمن والعراق وسوريا... وغيرها.
كما أن المال كان يتدفق عبر وسائل مختلفة، وعبر منح وهدايا النفط، لا سيما بعد فتح ميناء الحديدة على مصراعيه بعد الهدنة الأخيرة.
ليس من المبالغة القول، إن نظام الخميني السياسي الممزوج بالمذهب هو محنة الشعوب العربية في العصر الحديث، منذ الحرب العراقية حتى اليوم وهو الخطر الأبرز دون كل الأخطار على كثرتها.
لم يقتصر الأمر على تصدير الثورة كما كان يطرح منذ عقود، لقد تعدى ذلك ليصبح تصدير الثورة وما أنتجته الثورة من مهازل وتشوهات لاحقة بها وهرطقاتها المتراكمة تاريخياً، والتي يرفضها حتى الفكر الشيعي ويعارضها معظم أقطابه منذ أربعين عاماً حتى اليوم.
لقد كانت الوفرة المالية هي المفتاح السحري لهذا التصدير الأبشع في منطقتنا وكما كانت الشعوب العربية وقودا وضحايا هذا التصدير فإن الشعب الإيراني كان ضحية أيضا، فعائدات الغاز والنفط ومعظم أموال الشعب الإيراني وثرواته تم تسخيرها كي تصنع الخمينية أجنحة تطير بفكرها وتصدر نموذجها إلى دول مختلفة أهمها الدول العربية.
كان المنتج الإيراني النهائي يحمل ختم وبصمة الخميني باسم الولي الفقيه لدفن المهدي المنتظر، كواحدة من أساطير الماضي التي لطالما استهوت القطيع الشيعي لعقود وعلق عليها كل الآمال وأنفق في سبيلها الأموال، النسخة الحوثية من هذا النظام هي الأسوأ على الإطلاق. وهي ذات النسخة التي استعبد بها الشعب الإيراني تم تصديرها إلى اليمن التي وقع عليها الاختيار باكرا كي تكون مستقرا ومقرا لهكذا إنتاج وتصنيع، وذلك لوجود كل المناخ الرخو الذي يجعل ذلك ممكنا ابتداءً بالشخصيات الزيدية المتطرفة والطامحة بدور سياسي أوسع أو ما يمكن تسميته بالزيدية السياسية، وعبر بعض شخوصها الذين همشوا داخل الدائرة العلمية الزيدية، وأسقط مشروعهم السياسي بسقوط الملكية في اليمن التي كانت تنهل من ذات الطموح وتتكئ عليه.
لقد تم اجتذاب تلك الشخصيات إلى الحوزات الإيرانية كي تبرمج بحقل معرفي مذهبي جديد منذ الحوثي الأب ثم الابن حسين، وخلال ذلك عدد كبير من الأسماء وصولا إلى عبدالملك الحوثي.
يعد النموذج الحوثي أكبر إنجاز للنظام الإيراني في العشر سنوات الأخيرة، والبعض يراه أهم من ورقة ونموذج حزب الله أو أنه يوازيه على أقل تقدير، لقد كان نجاحا لم يتوقعه النظام الإيراني نفسه.
فالحوثيون أهم ورقة مذهبية وعسكرية في أهم رقعة جغرافية في المنطقة العربية، يمتلكها النظام الإيراني، وهذه النسخة الممزوجة بجهل أعمق وولاء مطلق، تطوق السعودية والخليج وباب المندب وتثير الإشكالات والمناوشات بأسلحة إيرانية قدر لها أن تجرب في مصادفة من الزمن سقطت فيها الدولة الممانعة في اليمن لهكذا طموح.
لا شك أنها نسخة وورقة مغرية، ولذلك تحاول إيران بأسرع وقت ممكن إصباغ مناهج التشيع لها عبر المدارس والمساجد ووسائل الإعلام الحوثية والسعي لجعل الحقل الجمعي والجهاز المفاهيمي في المناطق التي يسيطرون عليها حقلا شيعيا خمينيا خالصا بكل مفرداته وألوانه وطقوسه وتماثلاته، وتؤسس لوقائع دويلة داخل الدولة اليمنية وتقتطع جزءاً منها، ليس ذلك فحسب، بل تتعداه لتتحرش وتطمع بباقي المناطق اليمنية المحررة في تهامة والوسط والجنوب لتضمها إليها، كي تقضي على كل الآمال وكل ما ناضل لأجله جموع اليمنيين عبر أجيال متعاقبة وما وصلوا إليه عبر مخرجات الحوار الوطني، في الحلم بدولة مدنية وظنوا أنهم غادروا مربع المذهبيات والهويات المغلقه والتعصب الديني وإلى الأبد..
مجمل القول:
نحن في اليمن مع مواجهة مكشوفة مع احتلال كامل بقلبه الفارسي وبزته السلالية يقتضي عودة المجلس الرئاسي إلى خيارات أخرى أهمها الخيار العسكري وهذا يقتضي سرعة التوجه إلى الملف الأهم وهو إعداد وحدات نوعية من الجيش وتوحيد منظومة الأمن وما عدى ذلك مطاردة خيط دخان وأوهام وتوهان في دهاليز الأمم المتحدة ومسقط وحوار الطرشان...