انشغل الإخوان طوال الثماني سنوات الماضية بـأخونة أجهزة الدولة الإدارية، والأمنية، والعسكرية، وليس هذا فحسب، بل امتدت يدهم إلى التعليم الجامعي فالتهمته، وبسطت نفوذها على التعليم الخاص، والعام.
لم تكن يوما عملية التحرير في حسبانهم، بل بالعكس كانت مصدرا للإثراء والكسب.
تعرضت الجماعة خلال الفترات الزمنية السابقة لضغط مجتمعي وإعلامي بسبب طربلة الجبهات وعدم التحرك لفتح المعابر بدلا عن استعطافهم، لكنهم لقوا المخرج بعملية السلام.
السلام كلمة جميلة، وجميعنا نحب السلام ونتمنى أن يسود كل البلاد، ولكن سلام الشجعان، لا سلام الخضوع والإذعان.
وما نراه ليس سلاما، بل استسلام، وحوار يسرق فيه الحوثي نصراً سياسياً ويحقق مكاسب مجانية وبدون مقابل ولا أي شروط.
المؤسف أننا نرى الأهداف تغيرت، والمطالب صغرت وتقزمت، وأصبح فتح معبر محافظة بدلاً عن الهدف الكبير إنهاء الانقلاب.
ما معنى فتح المعابر؟
هل تعني توقف الاشتباكات في مناطق التماس مع الحوثي؟
هل تعني تطبيع الحياة وتحرك الناس والأسر من وإلى مناطق سيطرة الجماعة بشكل آمن؟
هل ستضع الحرب أوزارها اذاً؟
ولو قررتم إنهاءها، فلماذا بدأت أصلاً؟
وإذا كنا لا زلنا في حالة حرب فلماذا تعرضوا حياة الآلاف للخطر؟
لماذا قزمتم مشروعكم الوطني وهدفكم الأسمى "إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة"؟
لماذا تعملون جاهدين لإهداء الحوثي نصراً مجانياً، وتمنحونه معنويات إضافية ومكاسب سياسية ولوجستية، وفتحتم الملاحة الجوية والبحرية لتصله التقنية الإيرانية، وقِطَع السلاح بشكل آمن وسريع بدلاً عن الطرق الملتوية والمرهقة التي يسلكها من المهرة وحضرموت، والتي تكلفه الوقت والمال والتي هي في الأساس تمر عبر رجال "الإصلاح" في هذه المناطق.
والحقيقة أن محور تعز يبحث الآن عن طوق نجاة يخرجهم من الحرج الشديد الذي وقعوا فيه لعدم قدرتهم على خوض غمار الحرب منفردين.
إن غياب الرؤية، والبعد الاستراتيجي، وافتقارهم الحنكة السياسية، والخبرة العسكرية، إضافة إلى محدودية الفكر والمعرفة عندهم، كل هذه العناصر افتقدتها سلطة الأمر الواقع.
والخلاصة، إنهم لا هم رجال سياسة، ولا هم رجال جيش، ونكون ظلمنا الدين لو قلنا عنهم رجال دين.