لم تكتفِ جماعة الحوثي بتحويل المؤتمر الشعبي العام إلى شريك صوري لا حول له ولا قوة، ولا إرادة له ولا رأي فيما يسمى المجلس السياسي أو الحكومة أو أي شأن من شؤون السياسة والتفاوض وأمور الدولة التي يتم الترويج بأنه شريك فيها.
ولم يكتفوا بالتضييق على قيادات الحزب وفعالياته وإعلامه وناشطيه بحجة أن الوضع لا يناسب أي عمل أو نشاط حزبي أو حتى انتقاد لفظي لمساوئ الجماعة والمحسوبين عليها بحجة الحرب وما يسمونه بالعدوان، ورغم كل ما فعلوا وما قدمه المؤتمر من تنازلات فرضتها عليه المرحلة الحساسة من تاريخه السياسي وتاريخ اليمن عموماً، وقبول الحزب بالانكفاء والانطواء على نفسه، وقبول الشيخ صادق أمين أبو راس، رئيس المؤتمر كل التعسفات التي يتعاملون بها ضده، إلا أن ذلك لم يسكت أبواق السوء الحوثية، ومعهم جوقة المصلحجين من المحسوبين على المؤتمر الشعبي العام بما فيهم ناشطو الدفع المسبق أو أولئك الذين أطلق الحوثي سراحهم مقابل اشتراكهم في حملة التشويه والتخوين للمؤتمر وقيادته في صنعاء.
منذ عام وأكثر والمؤتمر يتعرض لحملة شرسة يقودها بوق الحوثة محمد علي العماد دون أن تحرك سلطة الحوثي أي ساكن لوقف استهداف شريكها الصوري، ورغم معرفتها أن العماد ممول ومدعوم في البداية من جلال هادي وهذا أمر غير مخفي فهو يعترف به ويفاخر بأن جلال هو من دعمه لإطلاق إذاعة وصحيفة الهوية ومن ثم القناة، في دليل على انسجام الأهداف الحوثية مع نجل هادي وأطراف معروفة في الإصلاح لاستهداف المؤتمر.
ما يثير السخرية أن الجماعة الحوثية ترد بأن ما يقوم به العماد يعد في صلب الحرية الصحفية، وإن كان هناك تجاوز فعلى المتضرر اللجوء إلى محكمة الصحافة، ولكم أن تتخيلوا كمية الدناءة حين يتحدث الحوثيون عن (حرية الصحافة) وهم لم يبقوا على قناة أو جريدة لا تتفق معهم إلا وأغلقوها ولم يتركوا كاتبا أو صحفيا أو ناشطا يكتب ضدهم إلا وناله منهم سوء العذاب والإخفاء والتشريد والقتل.
ما يتعرض له المؤتمر وقياداته لا يمكن أن يكون كما يردد الحوثي بأنه ينطوي تحت حرية رأي، بل تنفيذ لمخطط اجتثاث المؤتمر واستكمال تدجينه، ومحاولة لإبعاد الشخصيات الحزبية التي لا يمكن أن تقبل بالحوثي للأبد، وتلك التي ترى في الحوثي ومشروعه شرا مسطيرا على الدولة والشعب والمستقبل اليمني، ولهذا تضغط بحملاتها الإعلامية وتهمها الكيدية على أبو راس لاستبعاد أحمد علي عبدالله صالح، ومن بعده قائمة طويلة من الأسماء التي لا تنسجم مع الرغبة الحوثية في الاستحواذ الكلي على المشهد السياسي والحزبي، خصوصا وأن الحوثي يريد تصعيد قيادات أخرى تميل إليه وتواليه وتنفذ رغباته، أشخاص بديكور مؤتمري وقلب ومكينة حوثية.