ماجد زايد
"خالد الأنس".. اعتقال تعسفي أم ديكتاتورية وانحطاط أخلاقي؟!
"خالد الأنس" اعتقلوه من بيته، ومن بين أبنائه، أخذوه للسجن بتهمة الإثارة المتعمدة للاستقرار المجتمعي العام في ذكرى احتفالهم بالولاية.
وصفوه بالمنافق المتمادي لأنه ترحم في صفحته بالفيسبوك على الرئيس اليمني السابق (علي عبدالله صالح)، بعد أن تذكر ببضع كلمات عن خيالات الرواتب والإكراميات.
لقد غرسوا في حياة هذا الرجل المسكين تهمة الميول للخيانة والارتزاق، بلا ذنب يذكر، سوى أنه ترحم على رئيسه اليمني الأخير.
خالد الأنس، بحسب متابعتي لقضيته اعتقلوه في الأمن السياسي بمحافظة إب، وتركوه هناك مع شيبته وخذلانه عاجزًا عن التفكير بما اقترفت يداه وقلمه البريء إلاّ من الضحك والالتزام، لقد انتهكوا روحه وكسروا فيه آخر الآمال الصريحة بالأمان، لقد اطفأوا ضحكته الدائمة وأخرسوها من وجهه وقلبه وحياته.
كان واحدًا مثلنا يعيش تفاصيل بطالته بين أصدقائه هنا بالفيسبوك، متحدثًا عن شؤون الناس والمجتمع والأصدقاء، بطريقته الضاحكة ومفرداته الباعثة للسلام والامتنان، لكنه تجاوز الحدود وتمادى بعيدًا عندما كسر حدود المتاحات والمسموح، كيف يترحم على رئيس قديم؟!
هذا تطاول ونفاق وخيانة وارتزاق!
هكذا يتصورون عنه الاتهام والتبرير، إنها حقيقة المعايير هنا، في بلاد الحديد والنار.
الاعتقال السياسي أو الانحطاط السياسي ليس شكلًا سياسيًا بقدر ما هو شكل متقدم من انعدام العقل وسقوطه في وحل الهمجية والغباء، هو في النهاية طريقة متخلفة تنتج صنوفًا مختلفة من الأنظمة الشمولية والمتسلطة، وبها تتنازع مختلف النعرات والانتماءات الضيقة.
إنه الزمن المشغول بإنتاج الفساد والخراب والهزائم المتكررة في التفاؤل الشعبي العام، زمن لعين يتمسك فيه الحيّ برأس الميت ولا ينجو منهما أحد.
نحن بحاجة لمساحات إضافية في توقعاتنا وتصوراتنا اليومية، مساحات تتسع لكل هذا الكم المرعب من العنف والخوف والتضييق، لكن الأمر المحيّر هو في خصوصية التفاعل والاستجابة الحاصلة بالمقابل، حيرة مرتبطة بالصدمة من تفاعلات الجمهور المتفاعل والخصوم السياسيين مع حالة التضييق الحاصلة للمختلفين عنهم في السياسة والتوجهات، تفاعلات تصبح في النهاية نوعاً ما من لذة الاستمتاع في التسبب بالألم للآخرين، هذه الخصوصية تتجسّد في كراهية الآخرين والحقد عليهم بلا أسباب مادية، وتكشف عن نقص أخلاقي يتكيف ببساطة ورضا تام مع عمليات التحقير والإهانة والإذلال.
الاعتقال السياسي في المحصلة لا يعد شكلًا سياسيًّا متبعًا بقدر ما هو جزء ديكتاوري تديره أنظمة شمولية تسلطية لا تثق بقدرتها على البقاء.
خالص تضامني المطلق مع خالد الأنس المعتقل في الأمن السياسي بمحافظة إب.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك