محمد عبدالرحمن
صنعاء عنوان لـ سلطة "الانفصال" ومليشيا "الخميني"
اليوم نحن بحاجة إلى إعادة تعريف الاتجاهات، وتحديد المسارات التي أدت إلى ضبابية في الفهم السياسي والاستيعاب للوقائع وأطرافها، بعد عقد من الحراك والمظاهرات لا زالت هناك اتجاهات تسير نحو الجنوب بصفته "الانفصالي"، وليس من الإجرام أن يعود الجنوب إلى وضعه السياسي ما قبل 90، بل هو حق ومصير مجتمع خاض تجربة الوحدة مع الشمال وذاب فيها، حتى ابتلعته هوامير الفساد وعنجهية شيوخ القبائل.
بعد سقوط صنعاء ودخول مليشيات الخميني الإيرانية وداست بأقدامها على كل رموز الجمهورية، تأسست بوادر الانفصال وموجباته، حيث عززت مليشيا الحوثي الإرهابية كل ما يجعل من الشمال انفصالياً، يبتعد عن الجنوب سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، والانفصال بالنسبة لإيران وميلشياتها الخمينية في صنعاء هو هدف بحد ذاته، وخاصة بعد أن عجزت في السيطرة على الجنوب، وتنظر إلى الانفصال كواحد من العوامل التي سوف تسهم في ابتلاع الشمال والتحكم به بشكل أوسع.
عززت إيران وميليشياتها الخمينية في صنعاء من كل عوامل انفصال الشمال عن الجنوب، قطعت الطرقات وحاصرت المدن، أقامت العوائق أمام تنقل المواطنين من الشمال إلى الجنوب والعكس، عممت ثقافة تخوين المجتمع الجنوبي وأثارت النعرات المناطقية والعنصرية تجاه كل ما هو جنوبي، عملت على انفصال الاقتصاد والإيرادات العامة عن الجنوب، عملت على أن يبقى الشمال كياناً منفصلاً عن كل ما يدور حوله، وأغلقته أمام أي انفتاح أو حوار يعزز من علاقة الجنوب بالشمال في إطار الاعتراف بالآخر.
صنعاء اليوم هي التي أعلنت بنود الانفصال عن الشمال، وهي من تعزز فك الارتباط، وهي من تدعو إلى طمس مرحلة الوحدة بين الشمال الجنوب، لأسباب تتعلق بما تم ذكره سابقاً، وأخرى بما يتعلق بالأطراف التي أسهمت في صناعة الوحدة حتى وإن كانت شكلية، ترفض صنعاء الاعتراف بأخطاء الوحدة السابقة ومحاولة تفادي تلك الأخطاء ونقل خطاب التصالح نحو الجنوب، لذلك تسعى المليشيا الحوثية إلى تكريس ثقافة الابتعاد عن الجنوب، أو العودة إليه في ظل الوحدة التي كانت سائدة والتي يكون فيها الجنوب تابعا للشمال.
من يريد أن يدافع عن الوحدة من الإخوة الشماليين عليه أولاً المطالبة والقتال دفاعاً عن وحدة الشمال، الشمال المجزأ والمتفتت، هل تعز الآن في وحدة مع صنعاء، أم أن صنعاء تخنق تعز بحصار جعلها تنزف طيلة السنوات الماضية وحتى الآن، هل مأرب في وحدة مع صنعاء، أم صنعاء تطبق على مأرب حصاراً خانقاً من أغلب الاتجاهات للانقضاض عليها، هل من المعقول أن نهاجم الجنوب الذي يلملم شتاته ونطالبه بالعودة إلى تبعية الشمال، بينما الشمال ذاته لم يتحد مع نفسه بعد!!